تزامنت زيارة كاتب الدولة البريطاني في الشؤون الخارجية والكومنويلث المكلف بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، توبياس إلوود، للمغرب مع بروز غيوم عكرت صفو العلاقات الثنائية بين المملكتين قد تكون أشبه بنقطة سوداء في مسار السفير البريطاني كلايف ألدرتون الذي سيغادر المغرب قبل نهاية الصيف الجاري. بالرغم من تشديد توبياس إلوود، على هامش زيارته للمغرب خلال اليومين الأخيرين، على أن التحدي المشترك الذي تواجهه كل من الرباط ولندن هو تنامي ظاهرة الإرهاب من طالبان في أفغانستان الى بوكو حرام في نيجيريا، فقد كان لترحيل المواطن المغربي يونس التسولي، الذي أدين من أجل الإرهاب في بريطانيا حيث كان يقضي عقوبة سجنية لارتكابه أفعالا إرهابية إلى بلده الأصل دون إشعار السلطات المغربية بخطورة أفعاله، الأثر السلبي لكي يطرح أكثر من سؤال حول التنسيق الأمني والاستخباراتي بين الرباط ولندن. فقد دفع ترحيل هذا الشاب الثلاثيني الأربعاء الماضي من انجلترا، الذي أضرم النار بمنزل والديه، الكائن بمدينة الرباط، ورفض تسليم نفسه لقوات الأمن مهددا إياهم بالسلاح الأبيض قبل أن يتم توقيفه بعد عملية تفاوض دامت أكثر من ثلاث عشرة ساعة شاركت فيها أخصائية في علم النفس تابعة لولاية أمن الرباط، دفع وزير الداخلية محمد حصاد لأن يعبر عن استياء المغرب لدى بريطانيا. وأوضح بلاغ للداخلية أن وزير الداخلية محمد حصاد اتصل بنظيرته البريطانية تيريزا ماي، وعبر لها عن "استياء السلطات المغربية". وتابع المصدر نفسه أن "السلطات البريطانية لم تقم بالإشعار بمدى خطورة هذا الشخص، وأصرت على أن يبقى طليقا، مهددا بذلك حياة الأشخاص". من جانبها، اعتبرت مبركة بوعيدة الوزيرة المنتدبة لدى وزير الخارجية أن "هذا الحادث هو حالة منعزلة تمكنت السلطات الأمنية المغربية من احتوائه في حينه"، مشددة على أن التنسيق الامني والاستخباراتي قائم بشكل متواصل بين السلطات الأمنية المغرب والبريطانية، "ولا داعي لأن نجعل من هذا الحادث مشكلة". ونجحت المصلحة الولائية للشرطة القضائية بالرباط ، مساء الخميس، في توقيف المشتبه فيه وتجريده من الأسلحة البيضاء التي كانت بحوزته، بعد عملية إنزال آمنة فوق سطح المنزل الذي كان يتحصن به، حيث مكنت الاحتياطات الأمنية المتخذة بتنسيق مع باقي السلطات المختصة من تفادي تسجيل أية إصابات جسدية، سواء بالنسبة للمعني بالأمر أو لباقي المواطنين أو لعناصر الأمن التي باشرت التدخل. من جهته أكد والي أمن الرباط مصطفى مفيد في تصريح لجريدة »الاتحاد الاشتراكي« أن قوات الأمن تمكنت من إلقاء القبض على المغربي الذي كان مقيما بالديار البريطانية، قبل أن تطرده باتجاه المغرب، حيث كان متابعا بتهمة الإرهاب وذلك ليلة أول أمس الخميس، دون أن يصاب بأي أذى. وكان هذا الشاب قد أضرم النار في بيت والديه وهدد الأمن المغربي، كما هدد بالانتحار بواسطة السلاح الأبيض الذي كان يحمله معه، أو الانتحار بإلقاء نفسه من الطابق الخامس بإحدى العمارات بحي أكدال بالعاصمة الرباط. هذا الحادث أثار رعبا سواء في صفوف العائلة، خاصة والديه، حيث أقدم ابنهما على حرق منزلهما بعد إضرام النار فيه، أو لدى الجيران وساكنة العاصمة، بعدما تم تداول شريط فيديو يظهر الشاب المغربي وهو يتحصن بالطابق الخامس بإحدى العمارات، حيث حج إلى عين الكان العديد من المواطنين. وقد حلت جميع الأجهزة الأمنية بعين المكان لخطورة الموقف، وكذلك الخطورة التي شكلها هذا الشخص، في حين لم تعرف لحد الساعة الأسباب التي أدت إلى إقدامه على هذا الفعل. في ذات السياق عبرت السلطات المغرية لنظيرتها البريطانية عن استيائها من ترحيل هذا الشخص دون أن يتم إخبار الجانب المغربي بذلك، معبرة عن عدم رضاها عن هذا الإجراء بعدما أضرم النيران بمنزل عائلته. وحسب بلاغ وزارة الداخلية، فإن الوزير محمد حصاد اتصل بوزير الداخلية البريطاني حيث عبر عن استياء المغرب على إثر طرد مواطن مغربي يوم الأربعاء الماضي، كان قد أدين من أجل الإرهاب، في حين لم تشعر السلطات البريطانية نظيرتها المغربية بهذا الأمر . وأشار بلاغ لوزارة الداخلية إلى أنه بعد إشعار النيابة العامة بتطورات هذه القضية، أعطت تعليماتها بإيداع المعني بالأمر بمستشفى الأمراض العقلية والعصبية لإخضاعه لخبرة طبية. ويذكر أن كاتب الدولة البريطاني في الشؤون الخارجية والكومنويلث المكلف بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، توبياس إلوود، دافع على هامش زيارته للمغرب، عن قيمة التعاون الامني والاستخباراتي بين الرباط ولندن مشددا على أنه لا يقل أهمية من التعاون الأمني بين باريسوالرباط ومدريد في مكافحة الارهاب والتطرف. وأكد كاتب الدولة البريطاني في الشؤون الخارجية والكومنولث المكلف بإفريقيا والشرق الأوسط أن ملف التعاون الأمني بين الرباط ولندن كان في صلب المحادثات التي جمعته بالوزيرة المنتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون امبركة بوعيدة. وأوضح توبياس إيلوود، في رده على سؤال ليومية "لاتحاد الاشتراكي"أنه ناقش ملف التعاون الأمني بين المغرب والمملكة المتحدة مع نظيرته امبركة بوعيدة بشكل صريح وواضح الى جانب تعزيز العلاقات الاقتصادية مع المغرب، خاصة من خلال رفع حجم الاستثمارات البريطانية. وأشار كاتب الدولة البريطاني في الشؤون الخارجية، الذي ثمن المجهودات التي يبذلها المغرب للتصدي للتطرف والإرهاب وكذا مساهمته الفاعلة في مبادرات إعادة السلام في ليبيا ومحاربة الإرهاب في اليمن، الى أن التحدي المشترك الذي تواجهه كل من الرباط ولندن هو تنامي ظاهرة الارهاب من طالبان في أفغانستان الى بوكو حرام في نيجيريا.وهو الامر الذي ذهب إليه الديبلوماسي البريطاني في الرباط حين قال إنه من الخطأ اتهام بريطانيا على أنها مهادن سواء للإرهاب أو لتمويلات الجماعات المتطرفة. وقال كلايف ألدرتون إن بريطانيا تتوفر على أكثر القوانين المتشددة في مكافحة الإرهاب، مؤكدا أن نفس التشدد يشمل تمويل الجماعات الارهابية مشيرا الى أن المملكة المتحدة طالبت داخل أروقة الاممالمتحدة، في إطار التصدي لتنامي ظاهرة الارهاب، بضرورة تشديد المراقبة وتتبع مسارات تمويل الجماعات الارهابية عبر العالم.