الاستفادة الأولى هي أن انخراطهم في الحرب على الإرهاب كان مشروطاً بعدم طرح الإشكال السوري كشرط مسبق في ملف المفاوضات النووية. الإيرانيون واعون بأن المساهمة في الحرب على الإرهاب فرصة سانحة لتقوية وجودهم في العراق. فطهران تتحكم لوحدها في خيوط اللعبة السياسية هناك. فلا حكومات عراقية بدون موافقة ومباركة إيران. محاربة المد الإرهابي المتطرف المتمثل في داعش هو فرصة بالنسبة لطهران، لمحاصرة السنة في العراق بحسابات تاريخية معروفة أهمها عقدة حرب ثماني سنوات إبان حكم صدام حسين. الحرب على الإرهاب بالنسبة لإيران فرصة للحضور كفاعل رئيسي في متغيرات منطقة الشرق الأوسط، وذلك بتقوية مكتسباتها الجيو ستراتيجية بأوراق تفاوضية متينة. ففي العراق، حكومات موالية لطهران، وفي سوريا تحالف قوي مع نظام الأسد، وفي لبنان، إيران رقم في المعادلة السياسية بواسطة حزب الله. كما أنها حاضرة في الصراع السياسي الداخلي في البحرين، وتتحكم في خيوط الصراع اليمني عن طريق الحوثيين بالإضافة إلى أنها تتقرب من إيريتريا وعينها على باب المندب. القيادة السعودية الجديدة ومعها الإمارات العربية المتحدة، واعيتان بمخاطر التصدير الإيراني للثورة بعمقها الشيعي، والجواب كان هو »»عاصفة الحزم»«... حلف عسكري يضم بعض الدول العربية بمشاركة باكستان وبدعم من المنتظم الدولي، كان هذا هو الجواب الفعلي على الذكاء البراغماتي الإيراني الذي يسعى إلى توظيف الحرب على الإرهاب لحسابات ومصالح مدروسة سلفاً. ألم يقل البعض إن فقهاء إيران المتحكمين في السياسة الخارجية لهذا البلد يتقنون لعبة المصالح، يتشبثون بالمبادئ الكبرى علنياً، ويتفاوضون في الخفاء بالاستفادة من التناقضات الجيو إقليمية، احتفظوا بعلاقات جيدة مع موسكو وبكين، التزموا الحياد تجاه التدخل العسكري الغربي في أفغانستان، ساندوا المرحلة الانتقالية في العراق سنة 2003 بعد التدخل الأمريكي، وها هم اليوم، ورقة ضرورية للحرب على الإرهاب؟ أوباما سيجتمع مع قادة دول الخليج في 14/13 ماي المقبل في كامب ديفيد. هل هو لقاء لطمأنة الحلفاء في المنطقة، أم محاولة لإقناعهم بضرورة استيعاب المتغيرات والتعامل معها بواقعية؟ مساهمة عبد الكريم بنعتيق التي أذاعها «أطلانتيك راديو» يوم الأربعاء كموعد أسبوعي