أكدت الدكتورة والباحثة الاجتماعية صورية موقيت الرئيس الشرفي لشبكة الكفاءات المغربية في ألمانيا أن الكتاب الذي ألفته حول مغاربة ألمانيا والذي يحمل عنوان «خمسون سنة عن الهجرة المغربية إلى ألمانيا» عالج خمسة محاور كبرى وهي النظرة التاريخية حول مختلف مراحل موجات الهجرة المغربية إلى ألمانيا، والأبعاد المختلفة للاندماج وأهمية اللغة والتغييرات التي عرفتها وتفاعلاتها في مجتمع الهجرة، بالإضافة إلى تمثلات الهجرة في الأدب وأخيرا العلاقات العابرة للحدود سواء في علاقتها بنقل الخبرة والمعرفة أو العلاقات السيوسيواقتصادية. فيما يلي نص الحوار الذي أدلت به للاتحاد الاشتراكي: { في أي إطار أنجزتم هذا الكتاب الذي صدر عن دار النشر شبرينغر " خمسون سنة عن الهجرة المغربية إلى ألمانيا"؟ جاء صدور هذا الكتاب في إطار الوعد الذي قطعته شبكة الكفاءات المغربية في ألمانيا على نفسها، وهي تحتفل قبل أكثر من عام وبالضبط في سنة ألفين وثلاثة عشر، بمرور نصف قرن على الهجرة المغربية في ألمانيا. وكما تعلمون نظمت الشبكة إبانها عددا من الأنشطة والفعاليات، كان الهدف منها هو أولا الاعتراف بمجهودات أجيال الهجرة المغربية في ألمانيا، ثانيا التفكير في تطوير آليات جديدة للتعاون بين دولة الأصل المغرب ودولة الاستقبال ألمانيا. غير أن أحد الأهداف الرئيسية لهذه الاحتفالية تجلى في بعدها التوثيقي. وفي هذا الاطار أنجزنا معرضا يعكس تنوع الهجرة المغربية في ألمانيا، وهذا الكتاب الذي يعتبر أول كتاب علمي يرصد هذه الهجرة. كما أننا ننكب حاليا على إنجاز كتاب جديد عبارة عن بورتريهات للوقوف على مدى الغنى والتنوع للهجرة المغربية في ألمانيا. { من هي الجهات التي ساهمت في هذا الكتاب ودعمت صدوره وهل اقتصر في نسخته الاولى على اللغة الالمانية؟ - جاء هذا الكتاب كثمرة تعاون بين معهد دراسات الهجرة في جامعة أوزنابروك (IMIS) وشبكة الكفاءات المغربية في ألمانيا (DMK) وبدعم من سفارة المملكة المغربية في برلين ومؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين في الخارج. ولقد ساهم في إنجاز هذا الكتاب عدد من الباحثين والمختصين في مجال الهجرة، تحت إشراف كل من البروفيسور أندرياس بوت وكل من الدكتورة والباحثة خاتمة بوراس والدكتور والباحث الاجتماعي رحيم حجي بالاضافة إلى شخصي المتواضع. لابد من الاشارة إلى أن تعاون الشبكة مع المؤسسات الألمانية وفي مقدمتهم المركز الدولي للهجرة ووزارة التنمية الألمانية أو المؤسسات المغربية، وعلى رأسها مجلس الجالية ووزارة الهجرة ومعهد البحث العلمي ومؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين في الخارج، هو تعاون مثمر ينبني على المسؤولية. لقد أصدرنا الكتاب باللغة الألمانية تحت إشراف معهد متخصص في الهجرة وفي أحد أهم دور النشر الألمانية، ولنا محادثات أولية مع مجلس الجالية لترجمة الكتاب إلى العربية والفرنسية، كي يطلع عليه جمهور واسع. { ما هي الاهداف من هذا الكتاب الجماعي الذي يسلط الضوء على الهجرة المغربية الى المانيا؟ يهدف هذا الكتاب إلى سد الفراغ في مجال البحث العلمي حول الهجرة المغربية في ألمانيا من جهة ،وإلى تسليط الضوء على الامكانيات المتعددة التي تزخر بها الهجرة المغربية في ألمانيا من جهة أخرى، علاوة على استكشاف الظروف المعيشية وهويات الجالية المغربية في ألمانيا ووضعها تحت مجهر البحث العلمي. جاء الكتاب في 315 صفحة موزعا على 15 فصلا وملحقا يضم نسخة من الاتفاقية المبرمة بين الحكومتين الألمانية والمغربية في 1963 . ويساهم هذا البحث عبر مواده المختلفة في تسليط الضوء على قضايا الهجرة المختلفة . كما أن التحليلات المتضمنة في هذا الكتاب تلقي نظرة متعددة على حياة الجالية المغربية في ألمانيا، هذا بالإضافة إلى محاولتها سبر العلاقات المتشابكة بين المغرب وألمانيا في علاقاتها بالمهاجرين. كما أن الكتاب يساهم، وبشكل غير مباشر ومن وجهة نظر المهاجرين المغاربة، في تسليط الضوء على المجتمع الألماني وآثار الهجرة التي تتجاوز الحدود. انطلاقا من هذا الكتاب، وقفنا كباحثين على الخصاص الكبير في مجال البحث العلمي حول الهجرة المغربية في وإلى ألمانيا. لذا فإننا نوجه دعوة إلى ضرورة تكثيف الجهود بالتعاون المشترك لتسليط الضوء على هذه الهجرة. { ما هي أهم المحاور التي عالجها هذا الكتاب الذي يتطرق للهجرة المغربية بألمانيا؟ إجمالا يمكن أن نقول إن الكتاب عالج خمسة محاور كبرى وهي النظرة التاريخية حول مختلف مراحل موجات الهجرة المغربية إلى ألمانيا، والأبعاد المختلفة للاندماج وأهمية اللغة والتغييرات التي عرفتها وتفاعلاتها في مجتمع الهجرة، بالإضافة إلى تمثلات الهجرة في الأدب وأخيرا العلاقات العابرة للحدود سواء في علاقتها بنقل الخبرة والمعرفة أو العلاقات السيوسيواقتصادية. { هل هناك من خصائص تميز الهجرة المغربية بألمانيا عن باقي الجاليات الأخرى في هذا البلد؟ بداية لابد من التنويه إلى نقطة أساسية وهي أننا لم نقم ببحث أمبريقي حول الهجرة المغربية في ألمانيا، بقدر ما أننا اخترنا محاور معينة كما سبقت الاشارة إلى ذلك. ومع ذلك فإنه يمكن لنا استخلاص بعض الخصائص من بينها: أولا أن هجرة المغاربة إلى ألمانيا وكباقي الجاليات انتقلت من هجرة يطغى عليها الطابع الذكوري بشكل كبير، إلى هجرة نسائية أو ما يمكن الاصطلاح عليه بتأنيث الهجرة. ثانيا أن مستوى التأهيل التعلمي مرتفع بشكل كبير عند الموجة الثانية من الهجرة مقارنة مع موجة الهجرة الأولى، هنا نتحدث عن موجة الهجرة إلى ألمانيا. لابد من الاشارة إلى أن ذلك مرتبط أساسا بالتحولات التاريخية التي تعرفها مجتمعات الاستقبال. أما إذا سلطنا الضوء على الهجرة المغربية في ألمانيا، فإننا نرى أن هذه الهجرة لا تزال تعيش في الظل وأنه لم يسلط عليها الاهتمام سواء الاعلامي أو في مجال البحث العلمي، كما وقع مع نظيرتها التركية مثلا، وذلك راجع بالأساس إلى حجم هذه الهجرة بالمقارنة مع الهجرة التركية. إذ أننا نتحدث عن هجرة مغربية في حدود مئة وثمانين ألف نسمة. ثانيا، نجد الجيل الأول وعلى الرغم من إمكانياته التعليمية المتواضعة، فإنه يعيش ظروفا من حيث الاندماج المجتمعي والمهني أحسن بكثير من الجيل الثاني الذي حصل على تأهيل تعليمي إلى حد ما أفضل من الجيل الثاني. وهنا لابد من الاشارة إلى أن طبيعة النظام التعليمي في ألمانيا غير منصفة ونخبوية، ساهمت كثيرا في الهدر المدرسي لدى الأبناء من الجيل الثاني. الأمر الذي انعكس على المستوى التعليمي للأسر المهاجرة بشكل عام والمغربية بشكل خاص. هذا وقد أثر ذلك على الولوج إلى سوق العمل في ألمانيا الذي يعتمد على الشهادة التعليمية أو التكوين المهني. فحتى التكوين المهني نجد أن عددا من أبناء الأسر المغربية لم يستفد منه نظرا لظاهرة الهدر المدرسي. مما جعل الفقر والهشاشة تكون مرتفعة بشكل كبير لدى الجيل الثاني مقارنة بالجيل الأول من الهجرة. هناك ملاحظة وهي مثيرة جدا، تتمثل في أن إمكانيات التأهيل المدرسي لدى فتيات الجيل الثاني أكبر منها لدى الذكور. وهنا نطرح فرضية تستوجب البحث والتحليل العلمي ، وهي أن طبيعة التربية لدى الأسر لها علاقة مع هذه النقطة. كما أن هناك ملاحظة أخرى تستوجب تعميق البحث فيها وهي أن نسبة البطالة عند المغاربة مرتفعة نسبيا مقارنة مع نظيرتها عند الأتراك. إن ضعف المستوى التعليمي لا علاقة له بالهجرة، بقدر ما أن المحيط الاجتماعي للأسر يلعب دورا كبيرا في هذه القضية والدليل على ذلك هو أن الأطفال المنحدرين من أسر عمالية ألمانية، هم الآخرون يعانون من ضعف المستوى التعليمي، الفرق الوحيد لربما في التكوين والتأهيل المهني. إن رغبة الآباء أو حتى الأبناء في تحصيل تعليمي جيد، ليست كافية بقدر ما أن الدعم والمراقبة من طرف الآباء وأولياء الأمر يلعبان دورا مصيريا في هذا المجال. وعموما نعتبر أن التعليم والتكوين هما عنصران أساسيان في الرقي الاجتماعي، وهو ما يجب الانكباب عليه بشكل استعجالي. وفي الأخير نقول إن هذا الكتاب هو خطوة أولى لسد بعض الثغرات في مجال البحث العلمي الخاص بالهجرة المغربية في ألمانيا. ونوجه دعوة إلى خلق مركز للدارسة والبحث في الهجرة المغربية حتى نقف عند خصوصية هذه الهجرة في بلدان الاستقبال المختلفة.