لسنا أعداء لإيران ولن نكون ، وهي ليست عدوة العرب ويجب أن لا تكون ، بل إن شراكتنا وما يجمعنا معها أقوى مما يفرقنا وأكبر ، فعقيدتنا واحدة ، وإلهامنا واحد ، وقد تكون تطلعاتنا واحدة ، إن لم تكن مشتركة ، إذا وافق كل منا على التعددية وأقر بها وإحترم وجود الأخر ودوره الذي لا يقل عنه أهمية ومكانة ، وإذا قبلنا في التوصل إلى القواسم المشتركة ، وحصّنا ما يجمعنا ، وما نتفق عليه ، كعرب وإيرانيين . وهذا لايعني ، أبداً ، أننا نتفق مع السياسات الإيرانية ، أو أن مصالحنا الوطنية والقومية ، لا تصطدم مع مصالحها ، أو أن رؤيتنا في معاجلة الأحداث والتطورات متطابقة ، فالعرب يختلفون مع إيران حول الخليج ، هل هو عربي أم فارسي ؟؟ وإقترح البعض شطب المفردتين ، وتسميته بالخليج الإسلامي ، أو أن تكون التسمية مشتركة ويسمى الخليج العربي الإيراني ، ونرفض إحتلالها للجزر الأمارتية الثلاثة طمب الصغرى ، والكبرى ، وأبو موسى وإمتناعها عن التحكيم الدولي بخصوص الجزر ، ولا نقبل تدخلاتها في مسامات الوضع العربي ودواخله ، بالإنحياز لهذا الجانب ضد ذاك ، ومع حماس على حساب فتح ، ولحزب الله ضد كتلة المستقبل ، ومع حركة أنصار الله الحوثية في مواجهة باقي المكونات اليمنية ، فحركة أنصار الله جزء من الشعب اليمني مثله مثل الحزب الإشتراكي ، والتجمع اليمني للإصلاح وغيرهم . ولسنا مع السنة ضد الشيعة ، فهؤلاء وأولئك هم من شعبنا في الجزيرة العربية ، وفي لبنانوالعراق ، مثلما نحن من المسلمين والمسيحيين ، وكلاهما أبناء شعبنا وأمتنا وتراثنا المشترك ، وقيمنا وثقافتنا وعقيدتنا تفرض علينا أن نكون مع الشيعة كما نحن مع السنة ، فكلاهما إجتهاد ومدرسة ، تتوسل الولاء وطمأنة النفس وصلاحها ، مثلما نحن عرب ، ومع العرب بنفس القيمة التي نكن فيها ومن خلالها الإحترام لكل من يعيش معنا ويشاركنا المواطنة والمصير والإستقرار ، له ما لنا وعليه ما علينا ، سواء كان كردياً أو أميزيغياً أو إفريقياً ، أو شركسياً وشيشانياً أو أرمني ، فالحكم الذي يجمعنا يجب أن يكون لحكم المواطنة المستندة لأحكام الدستور وللقانون ولقيم حقوق الإنسان . نرفض مغالات الأغلبية وظلمها للأقلية واللون الواحد ، والقومية الواحدة ، والطائفة الواحدة ، وأي شكل من أشكال التمييز والأستئصال والتهميش للأخر مهما بدا متواضعا في عدده وإمكاناته وقناعاته ، مثلما نرفض هيمنة الأقلية وتسلطها مهما بدت مغلفة باليسار أو القومية أو الدين أو أي مظلة تختفي خلفها لمواصلة إستفرادها في الحكم والإستئثار به ، وإذ نقر بالتعددية ونطالب بها إنعكاساً للواقع الأنساني ، ولأنها إثراء لشعبنا وأمتنا وقوميتنا ، فهذه الأرض منحها الله التاريخ والقيم والتراث والتعددية ، مسلمين ومسيحين ويهود ، ورسائل الرسل عبر التوراة والإنجيل والقرأن ، لا أحد أفضل من أحد ، ولا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى والإستقامة ونكران الذات ، والأحتكام للقيم الإنسانية ، والإجتهاد في فهم النصوص . خلافنا مع إيران سياسي ، يعكس تعارض المصالح بين الأنظمة ، بين النظام الإيراني من جهة والنظام العربي من جهة أخرى ، وهو ليس صراع مذهبي أو طائفي أو قومي وإن حاول البعض إضفاء ذلك عليه ، والصراع في اليمن بين اليمنيين أيضاً كما هو في العراقوسوريا ومصر وليبيا صراع سياسي ، هذا ما نفهمه وهذا ما نقرأه وهذا ما يجب أن يكون . لقد توصلت إيران ( الشريرة ) لإتفاق مبادئ أو إعلان نوايا يوم 2 نيسان الجاري ، مع الولاياتالمتحدة ( الشيطان الأكبر ) وباقي الأطراف الدولية الفاعلة ، وهو إتفاق فني ومعادلة تقنية صاغها الخبراء يقوم على تقليص التطلعات الإيرانية نحو تخصيب اليورانيوم والحيلولة دون إنتاج القنبلة الذرية مقابل وقف الحصار الأقتصادي المالي عن إيران وإلغائه ودمجها في منظومة المجتمع الدولي ، وهو يستند لإتفاق سياسي بإمتياز ، ويقوم على الأرادة السياسية للأطراف الموقعة عليه ، فإذا كانت الشريرة في نظر الغرب تستحق رفع العقوبات ودمجها في المجتمع الدولي ، وإذا كانت الولاياتالمتحدة هي الشيطان الأكبر في نظر الوالي وولاية الفقيه ، قد توصلا إلى إتفاق سياسي ، فالذي يمكن الوصول إليه بين العرب من طرف وإيران من طرف ، لهو أوجب وأقرب وأكثر ضرورة ، على المستوى السياسي والوطني والقومي والديني . المبادرة الخليجية نحو مصر في مواجهة حركة الإخوان المسلمين ، ونحو اليمن في مواجهة ولاية الفقيه الإيرانية ، وفي سورياوالعراق ضد القاعدة وداعش ، أملاها إحساس النظام العربي ، وفي طليعته النظام الخليجي ، إحساسهم بالخطر وبالتراجع وفقدان الوزن ، ولعل هذه المبادرة هي التي تُعيد التوازن لدور عربي متوازن مع كل من إيران وتركيا وأثيوبيا ، ولعل هذا التوازن يُعيد الأعتبار للقضية الفلسطينية في مواجهة العدو القومي الوحيد الذي يحتل أرض العرب والمسلمين والمسيحيين في فلسطين وينتهك مقدساتهم في القدس وبيت لحم والخليل ويتطاول على حقوق الشعب العربي الفلسطيني ، فالتوصل إلى إتفاق دولي مع إيران قزم المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي وسُيقزمه ، والمبادرة الخليجية نحو مصر وبعدها نحو اليمن ، تتطلب سلسلة من التوافقات والمبادرات العربية للجم شهية العدو الوطني والقومي الإسرائيلي وردعه ، فهل يتم ذلك ؟؟ وهل يُدرك أصحاب القرار في النظام العربي أهمية ذلك أمام شعوبهم أولاً قبل أن يكون أمام المجتمع الدولي ؟؟ .