فجر متقاعدو شركة أمانديس المفوض لها تدبير قطاع الماء والكهرباء بطنجة، فضيحة من العيار الثقيل بكشفهم لتواطؤ المسؤولين الذين أوكلت لهم مهام الإشراف على تفويت هذا القطاع للشركة الفرنسية سنة 2001، عندما قرروا عدم تضمين 37 مليار سنتيم من مدخرات الصندوق المشترك للتقاعد، الخاص بالوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء بطنجة، بكتابة المحاسبة في تقرير التفويت، الذي كان مجموع مدخراته حينها تناهز 47 مليار سنتيم، مكتفين بتسجيل 10 مليار سنتيم التي كانت موجودة فعليا في الصندوق. وحسب الوثائق التي تتوفر عليها الجريدة، فإن هاته المدخرات تم صرفها للتحكم في التوازنات المالية للوكالة خلال مرحلة ما قبل التفويت. وعندما أصر ممثلو العمال على ضمان حقوقهم قبل التصديق على التدبير المفوض، التزمت وزارة الداخلية والمالية باتخاذ جميع الإجراءات مع الشركة الفرنسية والجماعة الحضرية لطنجة، باعتبارها السلطة المفوضة، من أجل إرجاع هذا المبلغ لصندوق التقاعد، لكن وبعد انصرام أزيد من 14 سنة على تفويت هذا القطاع لم يتم إرجاع مدخرات المتقاعدين قط. المصيبة هي أن أمانديس تستعد هاته الأيام لاتخاذ قرار، وصفه المتقاعدون بالخطير، يتعلق الأمر بتحويل منخرطي الصندوق المشترك للتقاعد، المزاولين لعملهم في الشركة والبالغ عددهم حوالي 400 منخرط، إلى النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد (RCAR)، في حين تم استثناء المتقاعدين من هذا القرار، وهو ما سيؤدي حتما إلى الاستحالة العملية لصرف معاشات المتقاعدين الحاليين، الذين يناهز عددهم 800 متقاعد. وحسب مصادر على اطلاع وثيق بالموضوع، فإن الشركة لفرنسية أرادت من خلال هذا القرار، نفض يدها عن ملف 37 مليار، والتملص من مسؤولية إرجاعه. أكثر من ذلك فالشركة الفرنسية عمدت منذ تسلمت تدبير هذا القطاع إلى تنقيل ممنهج للمأجورين، قبيل إحالتهم على التقاعد، من وكالة تطوان إلى طنجة، بلغ عددهم إلى حدود اليوم 86 مستخدما، للاستفادة من معاش صندوق التقاعد المشترك الخاص بطنجة، دون أن تعمل أمانديس على تحويل اقتطاعات تقاعدهم من حساب تطوان لنظيره بطنجة، علما أن السلطة المفوضة سبق لها أن راسلت الشركة الفرنسية منذ 2002 لتنبيهها إلى هذا الخرق مع مطالبتها بالتراجع عنه، لكن من دون جدوى. وهو ما يعتبره متقاعدو هاته الأخيرة تطاولا غير مشروع على مدخراتهم، وتلاعبا بمستقبل المئات من العائلات التي ستجد نفسها مستقبلا من دون معاش. ويحمل المتقاعدون، الذين أعلنوا عن انخراطهم في معارك احتجاجية غير مسبوقة، كلا من الجماعة الحضرية لطنجة، في شخص عمدة المدينة، ورئيسة لجنة التتبع مسؤولية المصير الغامض الذي يتهدد مستقبل 800 عائلة، محذرين من مغبة التصديق على قرار التحويل الجزئي، مستنكرين في نفس الوقت الصمت الرهيب للسلطة المفوضة وسلطة الوصاية إزاء هذا الموضوع البالغ الحساسية، والحال أنه كان يتطلب المساءلة والمحاسبة، ويستوجب في الآن نفسه حمل الشركة الفرنسية على التقيد بالتزاماتها التعاقدية، والسهر على تنفيذ عملية انتقال كل المنخرطين، المتقاعدين منهم والنشطين، في الصندوق المشترك للتقاعد إلى النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد على غرار ما تم تنفيذه في وكالات التوزيع بمراكش و أكادير.