تعد الجماعة الحضرية ايت ايعزة من بين الجماعات الواعدة بإقليم تارودانت، لما لها من إمكانيات طبيعية وبشرية ،كفيلة بتحويلها الى مركز حضري قادر على الاقلاع الاقتصادي والاجتماعي ،ليس على مستوى الاقليم فقط ، وانما على مستوى الجهة بكاملها، خصوصا وان الجماعة تضم عددا من المركبات الانتاجية المهمة ،التي تحمل علامة وطنية متميزة من قبيل مجموعة "كوباك" المنتجة للحليب والألبان والعصائر، والتي توظف يدا عاملة مهمة وتتدخل في الكثير من المشاريع والأنشطة المدرة للدخل، خصوصا في المجال الفلاحي وتربية الماشية وإنتاج الحليب واللحوم. الجماعة الحضرية لأيت ايعزة عاشت في العقود الماضية ،إهمالا وتهميشا وتقصيرا من طرف السلطات الوصية ومن قبل المؤسسات العمومية وغيرها ،مما جعلها تعرف خصاصا مهولا في كل المجالات والقطاعات ،إضافة إلى انعدام بنية تحتية قادرة على تحريك عجلة التنمية المحلية ،إلى أن انتفضت الأطر المحلية الفاعلة والعاملة في المجال التنموي والتطوعي ،فظهرت بوادر التغيير مع بروز طاقات سياسية محلية انتفضت من قلب التهميش، وتحملت مسؤولية تغيير الأوضاع من خلال تحمل مسؤولية تدبير الشأن المحلي ، وعلى سبيل المثال لا الحصر، نقف مع ابراهيم الباعلي رئيس جماعة أيت ايعزة ،والذي مارس العمل الجماعي منذ 1992 كمستشار معارضة وتسييرا حتى تحمل مسؤولية قيادة فريق التسيير الجماعي ،مع رفاقه وزملائه في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وهو اليوم يوظف خبرته في التسيير والتدبير ومعرفته الدقيقة بحاجيات واختلالات الجماعة. لهذا بدأت سكة التغيير تشق طريقها بإصرار، لتغيير مصالح هذه الجماعة نحو الأحسن والأفضل ، في أفق جني ثمار ، ان شاء الله ، هذا العمل التطوعي النضالي والجمعوي ،خصوصا وأن هذه الجماعة تملك من الامكانيات ما يمكن ان يجعلها تقفز نحو الأضواء تدبيرا وتسييرا وإنتاجا. وهذا الذي يتجلى على الخصوص في مشروع مخططها الجماعي للتنمية (2011 _ 2016) ,ولهذا السبب انتقلنا الى عين المكان للوقوف على أرض الواقع والاطلاع على الانجازات المهمة التي تحققت والمنتظر أن تحقق أهدافا أخرى يمكنها أن تزيد أكثر في تعزيز تنمية هذه الجماعة. إن مشروع المخطط الجماعي للتنمية لم يتم إخراجه من غرفة المكاتب الإدارية، أو هو استنساخ من مشاريع الجماعات الأخرى، وإنما تمت صياغته من خلال إشراك جماعي لكافة الفاعلين المحليين وعموم المواطنين وساكنة المنطقة، وتجندت لهذا العمل الجماعي طاقات شبابية محلية مزودة بالإيمان لصالح المنطقة وبنكران الذات ،فتم استقصاء واستكشاف كل الامكانات والطاقات الموجودة. وبعد ذلك تم تفريغ هذه المعطيات وتصنيفها حسب كل حقل اجتماعي واقتصادي ثقافي رياضي ليصاغ في النهاية، المشروع التنموي للجماعة. وللتفصيل أكثر ، كان لنا لقاء استكشافي وتوضيحي مع الأستاذ والمناضل ابراهيم الباعلي رئيس المجلس الجماعي. كيف بدأ الإعداد والانطلاق لمشروع المخطط الجماعي؟ هذا المشروع بدأ الشروع فيه منذ 2010 بتنسيق وتكامل مع مصالح عديدة من قبيل المندوبية الاقليمية للاسكان ،ومديرية وزارة التجهيز، ومديرية ملحقة الوكالة الحضرية لتارودانت، والمندوبية الاقليمية للصحة وغيرها...لكن الميزة الاساسية للمشروع هي التي حصلت مع الباحثين الميدانيين داخل الجماعة ، والذين ساهموا في تكوين فريق العمل للانخراط في إعداد مشروع المخطط التنموي للمدينة عبر استشارات تشخيصية للوضعية وزعت وتمت تعبئتها بكيفية عملية ستحلل عملية التشخيص الحقيقي للوضعية من قبيل تجميع المعطيات - الاحصاء الشامل للدواوير والأحياء والمحلات التجارية - ثم بالتحليل الأولي للمعطيات ومعالجتها معلوماتيا وغيرها. إن من نتائج هذه العملية التشخيصية الوصول إلى مونغرافية للجماعة الحضرية لأيت ايعزة. من خلال هذه المونغرافية ، ما هي أهم الخلاصات التي استخرجتموها؟ أو ما هي العينات التي اعتبرتموها أساسية واعتمدتم عليها لوضع المخطط الجماعي؟ إن أهم ما تم استكشافه من معطيات دقيقة أن ساكنة الجماعة هي ساكنة شابة بامتياز حيث تبلغ نسبة الشباب ما مجموعه45%(19-45 سنة)و30%(4-18 سنة) ،مما يعني أن 75% فما فوق أقل من45 سنة، وبذلك يتبين أننا نملك طاقات بشرية نشيطة يمكنها أن تساهم في تعزيز وتقوية الأنشطة الاجتماعية المحلية، خصوصا إذا علمنا أن المنطقة تملك إمكانيات وموارد فلاحية مهمة جدا، إضافة إلى الأراضي الفلاحية800 هكتار تستغل في زراعة الحوامض والمحاصيل الزراعية والأشجار المثمرة. هذه القوة النشيطة لها تكوين دراسي متنوع من عاد إلى عال، 27% مستواها الدراسي متوسط ،و5% مستواها الدراسي عال . ماهي أهم الأنشطة التي تعرفها الجماعة خصوصا إذا علمنا أن كتلة سكانية مهمة هي من الشباب ،مما يعني أنكم أمام تحديات كبرى علما بأن هذه الفئة هي الفئة المنتجة . فما هي المجالات التي تستغل فيها هذه الكتلة السكانية النشيطة؟ تتميز عملية توزيع ساكنة الجماعة ،حسب الأنشطة الاقتصادية ،بالتفاوت بين الأحياء الناقصة التجهيز والتي تحركها الفلاحة وتربية الماشية مثل دواوير: اكادير الجديد والمحارزة وايت ايعزة القديمة وتكركرت. أما الأحياء الجديدة والمجهزة فيغلب عليها طابع التجارة والخدمات مثل حي الموظفين وحي السلام وحي البام. ويتميز توزيع ساكنة الجماعة بغلبة فئة الممارسين في قطاع الخدمات والإدارة ، وتبقى مجموعة كبيرة مع الأسف لا تمارس أي شغل ، نظرا لضعف البنيات التحتية ومجالات الحياة الاقتصادية العصرية. وهذا هو الذي يدفعنا أكثر للبحث عن سبل تطوير وتفعيل مشروع المخطط الجماعي للتنمية لإحداث مزيد من فرص الشغل والعمل لفائدة العاطلين أو حتى الشباب المتمدرس المقبل على الحياة المهنية. ونتمنى من السلطات الوصية ومن المؤسسات الحكومية الموازية العمل إلى جانب المجتمع المدني والمؤسسات التمثيلية والمجالس المحلية ،لإقامة مشاريع ذات النفع المحلي والمدرة للدخل المستديم خصوصا لدى فئة الشباب والنساء. ويتحقق مشروع التنمية بالأساس، إذا ما تمت إزالة القيود البيروقراطية والقضاء على لوبيات العقار الفلاحي وخصوصا ملف الأراضي السلالية والجماعية الذي لايزال يكبل التنمية المحلية وينسف المشاريع الفلاحية المدرة للدخل ،علما بأن المنطقة هويتها هوية فلاحية بامتياز. كما أن من شأن إزالة القيود عن هذه الاراضي السلالية إخراج مشروع تأهيل المجال الحضري والقضاء على السكن العشوائي القديم، ومثال ذلك حي تشدرت الذي يتعرض سنويا لمخاطر الفيضانات ويحول المنطقة إلى حي منكوب. ولقد تجندت الجماعة لأجل إعادة تأهيل هذا الحي من خلال تقديم كافة الضمانات للقضاء على هذا الوضع الكارثي عبر توفير أراض صالحة لانجاز تجزئة سكنية في الأراضي السلالية ، لكن التأخير في عملية انطلاقة المشروع يبقى مرتبطا بالمسؤولين الآخرين الذين عليهم أن يسارعوا إلى رفع القيود عن هذا المشروع. ما هي أهم الحاجيات الأساسية التي ترونها ضرورية للإقلاع بهذا المشروع التنموي؟ وما هي المشاكل والإكراهات التي تعيقكم في ذلك؟ من المشاكل التي تعيقنا في هذا المجال أن هناك طرقا حضرية غير معبدة وأرصفة غير مزلجة مع نقص في عدد سيارات الأجرة... لكن في المقابل وضعنا حلولا مقترحة لإزالة هذه العوائق عبر تهيئة الطرق والممرات الرابطة بين مختلف أحياء المدينة وإحداث مدار لملتقى الطرق ومنح وتوفير رخص سيارات الأجرة إضافية، ونحن عازمون على أن نزيد من سرعة الانجازات لتجاوز الخصاص خصوصا وأننا نتوفر على إرادة جماعية مجتمعية كبيرة. في قطاع التعليم نلاحظ نقصا حادا في عدد المدارس والاعداديات وضعف البنيات التحتية لمؤسسات تعليمية أخرى خصوصا وأن هناك أقساما لاتزال غير مسقفة بالاسمنت المسلح .ولقد اقترحنا وطلبنا وشاركنا في كل الاجتماعات لأجل الاسراع ببناء مدرسة ابتدائية بحي الموظفين وبناء إعدادية جديدة مع إعادة بناء الاقسام المفككة، ومن نقط القوة لدينا اتفاقيات شراكة بين المجلس البلدي والمؤسسات التعليمية. ونتمنى أن يتم الاسراع بتحقيق رغبة الساكنة لتقوية وتعزيز فرص التمدرس والقضاء على الهدر المدرسي بشكل تام .وفي المجال الثقافي هناك نقص في التجهيزات والكتب سواء بالنسبة للخزانة أو دار الشباب وسعينا إلى تفعيل اتفاقية الشراكة مع وزارة الثقافة لتسريع عملية تجهيز الخزانة وتجهيز دار الشباب بالمعدات المعلوماتية والمكتبية اللازمة. وما يشجعنا على ذلك أن مدينتنا تتوفر على فئة كبيرة من المثقفين وطاقات شبابية متعلمة يمكنها أن تعزز وتزيد من الرصيد الثقافي والفني والرياضي للمدينة. وفي القطاع الصحي يلاحظ أن هذا القطاع لايزال يحبو، بل انه في غرفة الانعاش لضعف تجهيزات المستوصف البلدي وعدم التوفر على غرفة المستعجلات الأولية وسيارات الاسعاف ونتطلع في هذا المشروع الى توسيع المستوصف وتجهيزه بالمعدات الطبية اللازمة وإحداث غرفة المستعجلات الأولية. ونحن لدينا اتفاقية شراكة مع أصدقاء هذا المستوصف .هذا الوضع الصحي الذي لا يشرف جماعتنا يوازيه ضعف بيئي غير متوازن يتسبب في انبعاث روائح وانتشار حشرات ضارة بسبب مخلفاتها وافراغ عدد من المواد الكيماوية قرب آبار الماء الصالح للشرب، مما يهدد الفرشة المائية. ولهاته الغاية قدم مشروع المخطط حلولا ناجعة من قبيل إغلاق المطرح البلدي العشوائي وتفعيل المطرح المقترح البعيد عن الساكنة والسقي نحو توسيع نطاق التجهيز في كل شوارع وأحياء المدينة مع معالجة المياه المستعملة. ونحن على يقين أن التعاون بيننا من شأنه أن يساهم في تنمية الوعي البيئي وفي القضاء على كل النقط السوداء. وفي المجال الرياضي كانت الوضعية جد مزرية واليوم تم إصلاح أرضية الملعب وترميم مرافقه مما ساهم في تنشيط الممارسة الرياضية بالمنطقة وتعزيز النشاط الرياضي بوجود مجموعات كبيرة من الجمعيات الرياضية . وهذا ما سيزيد من إحداث ملاعب القرب ومركبات سوسيو رياضية. إن كل هذه المشاريع وغيرها والتي عرضها مشروع المخطط، استطاع المجلس الحالي أن يحقق أغلبية هذه المشاريع واستطاع بالتالي أن يقضي على كل الاختلالات والخصاص ويحقق ما تصبو اليه هذه الجماعة سواء في قطاع الطرقات أو التعليم أو التنمية البشرية أو في مجالات الثقافة والصحة والرياضة والبيئة. وهذا بفضل الإرادة القوية لفريق العمل الجماعي والتجانس القائم بين المجلس الجماعي والسلطة المحلية، كان من شأنه تسهيل عملية تسريع الانجازات .وربما إن ما عرضه مشروع المخطط قد تحقق بنسبة عالية مما سيحول هذا المركز الحضري الى قاطرة للتنمية المحلية بالإقليم. كما يتضح من خلال هذه المنجزات التي تحققت بفضل إرادة الجميع من قبيل: 1 في مجال الحكامة 2 في مجال خلق فرص الشغل 3 الطرقات والسير والجولان 4 في مجال الصحة 5 في قطاع التربية والتكوين وهكذا استطعنا حسب إمكانياتنا وقدراتنا المحدودة ماليا وبشريا، أن نحقق قفزة نوعية حول جماعتنا من جماعة مريفة الى جماعة حضرية بإمكانات وتجهيزات مهمة سيكون لها الأثر الايجابي في المستقبل القريب، الى أن تعزز بانجازات ومنجزات كبيرة نظرا لما تتوفر عليه جماعتنا من طاقات بشرية مؤهلة ومكونة وفاعلة ومستعدة لقطع المسافات والوصول الى المبتغى .هذه الجماعة الشابة والحديثة العهد ستصل لا محالة الى ما ندعو إليه ونرفعه من شعارات وبرامج " تحقيق التنمية المستدامة لمجتمعنا وجماعتنا " انسجاما مع مبادئنا النضالية ضد الفساد وكل أشكال الريع والاصطفاف إلى جانب الجماهير الشعبية في نضالها وأهدافها الاجتماعية المشروعة لأجل مجتمع منصف وعادل متقدم وحداثي، وجماعة مواطنة توفر كل الامكانيات والخدمات لصالح كل طبقات المجتمع وخصوصا منها المحتاجة والفقيرة.