عبدالسلام مصية: الأزمة الليبية لا تقل خطورة على الأمن القومي العربي عن نظيرتها اليمنية محمد العرابي: عملية عاصفة الحزم سوف تفتح أفقا جديدا للتعامل مع الأزمة السورية فتحت عملية «عاصفة الحزم» التي نفذتها قوات عربية مشتركة ضدّ جماعة الحوثي المتمردة في اليمن، المجال للحديث عن بداية نشاط القوات العربية المشتركة، والتي ستحمل على عاتقها مهمة التصدي لجلّ الأخطار المحدقة بالأمن القومي العربي، الداخلية والخارجية على حدّ سواء، مما يفتح مجالا آخر للحديث عن إمكانية أن تشمل هذه العمليات العسكرية بؤر توتر أخرى في البلدان التي تشهد أزمات مستعصية شأن العراقوسوريا وليبيا. رجحت مصادر عربية أن تشهد الأيام المقبلة تطورات مختلفة على الساحة العربية، على خلفية الأزمة اليمنية، مؤكدة أنّ إيران ربما تحرك ميليشياتها المتربصة في دول عديدة من المنطقة ضد مصالح بعض القوى العربية، كنوع من الضغط لوقف عملية «عاصفة الحزم» في اليمن، ومحاولة الحفاظ على قوة حلفائها الحوثيين العسكرية في البلاد. فتحت عملية «عاصفة الحزم» التي نفذتها قوات عربية مشتركة ضدّ جماعة الحوثي المتمردة في اليمن، المجال للحديث عن بداية نشاط القوات العربية المشتركة، والتي ستحمل على عاتقها مهمة التصدي لجلّ الأخطار المحدقة بالأمن القومي العربي، الداخلية والخارجية على حدّ سواء، مما يفتح مجالا آخر للحديث عن إمكانية أن تشمل هذه العمليات العسكرية بؤر توتر أخرى في البلدان التي تشهد أزمات مستعصية شأن العراقوسوريا وليبيا. رجحت مصادر عربية أن تشهد الأيام المقبلة تطورات مختلفة على الساحة العربية، على خلفية الأزمة اليمنية، مؤكدة أنّ إيران ربما تحرك ميليشياتها المتربصة في دول عديدة من المنطقة ضد مصالح بعض القوى العربية، كنوع من الضغط لوقف عملية «عاصفة الحزم» في اليمن، ومحاولة الحفاظ على قوة حلفائها الحوثيين العسكرية في البلاد. وأشارت المصادر إلى إمكانية تحريك إيران ما يُعرف باسم «كتائب تحرير الحرم المكّي» المدعومة من طهران، والتابعة لحزب الحق اليمني. واستشهدت أيضا بتهديدات صريحة أطلقها، علي لاريجاني، رئيس البرلمان الإيراني ضدّ الكويت، وتشديده، مؤخرا، على أنّها «تمثل عمقا مهما للأمن القومي لبلاده»، ملوّحا بأنّ إسقاط نظام بشار الأسد في سوريا سينعكس سلبا على الكويت، دون أن يحدد كيفية ذلك. إمكانية إعادة التجربة تشهد المنطقة العربية حالة من الحراك والتفاعل، قد تؤدي إلى ظهور تحالفات جديدة وإنهاء أخرى، مما يعيد رسم ملامح جديدة لتوجهات السياسة الخارجية للعديد من دول المنطقة، ما يمكن أن ينعكس على بعض الأزمات العربية، خاصة الليبية والسورية، سواء من خلال اللجوء إلى توجهات وتصورات جديدة أو عبر إهمال تقديرات قديمة والتغاضي عنها، نتيجة التركيز على الأوضاع في اليمن. وقد شدد، علي كرتي، وزير خارجية السودان على دعم بلاده المطلق لعملية «عاصفة الحزم»، مؤكدا حرص بلاده على المشاركة في هذه العملية من خلال سلاح الجو، الذي شنّ عدة غارات على المتمردين الحوثيين في صنعاء. وحول إمكانية تكرار عملية «عاصفة الحزم» ضدّ الجماعات الإرهابية في ليبيا وسوريا، قال كرتي إنّ هذا الأمر يخضع للتوافق العربي ويحدّده الزعماء العرب دون غيرهم. العملية العسكرية الأخيرة التي قادتها المملكة العربية السعودية وشهدت مشاركة عدد من الدول العربية والإسلامية انتصارا للشرعية في اليمن وردعا للتمرّد الحوثي الذي تعوّل عليه إيران لبسط نفوذها في المنطقة، فتحت مجالا للباحثين والمحللين للحديث عن إمكانية أن يشمل هذا السيناريو الأزمتين الليبية والسورية مع الأخذ بعين الاعتبار التفاوت الحاصل والاختلاف القائم بين طبيعة الأزمتين، من عدمه. عبدالسلام مصية، النائب في البرلمان الليبي الذي يتّخذ من طبرق مقرا له، والذي يحظى بالشرعية والدعم الدوليين، قال «نخشى أن يتم التركيز على الأزمة اليمنية بالكامل وأن يتمّ تجاهل الأزمة الليبية المستفحلة»، مشيرا إلى «أنّ الازمة التي تعيشها ليبيا لا تقلّ خطورة على الأمن القومي العربي عن نظيرتها اليمنية»، مستغربا «أنه لا يزال هناك خلاف في المواقف بين العديد من الدول العربية بشأن ليبيا رغم كل التحولات الحاصلة في المشهد العام على الأرض لصالح الحكومة الشرعية». وأضاف أنّ «كل شيء في السياسة جائز، لكنّا نثق تماما في أنّ مصر ودول الخليج، لن يقبلوا بأيّ مساومات بخصوص ليبيا، لأنها امتداد للأمن القومي العربي»، معتبرا أنّ تأييد تركيا للعملية ناتج عن «انتهازية سياسية»، وليس نابعا عن تغيير حقيقي في موقفها، وذلك للإيحاء أنها تقف مع الفريق السني، خشية تصاعد الأحداث، ولكي تضمن أن يكون لها موطئ قدم في القادم. وعلى الرغم من أهمية الأزمة الليبية إلاّ أنّ الأزمة اليمنية احتلّت مساحة كبيرة من المناقشات على طاولة القمة العربية الأخيرة التي انعقدت في شرم الشيخ، بعد دعم الاقتراح المصري بتشكيل قوة عربية مشتركة، يمكن اللجوء إليها في إطار الجامعة العربية، لحسم المشاكل والخلافات من هذا النوع، وهو المقترح الذي تحول إلى حلم لدول عربية أصابتها حمّى ما سمّي ب«الربيع العربي»، ولم تشف منها حتى الآن. ويبدو أنّ الوضع في سوريا مختلف عن الأوضاع في كلّ من اليمن وليبيا، بسبب اختلاف الرؤى الدولية والعربية تجاه نظام بشار الأسد، بين مؤيدين ومعارضين له. عبدالمنعم المشاط، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، قال بدوره «إنّ ما حدث من تحالف عربي ضد الحوثيين يمكن تكراره بشكل أكبر في ليبيا أكثر من سوريا، لاختلاف المواقف الصادرة عن الدول العربية الرئيسة الفاعلة بشأن التعاطي مع الأزمة السورية وسبل حلها»، مضيفا أنّ «أي تدخل عربي عسكري مفترض يرتكز على عناصر محددة، متمثلة في الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، بالإضافة إلى منع المخاطر التي يمثلها انهيار النظام على بعض دول المنطقة». وأوضح المشاط أنّ إيران تحولت مع الحديث عن قرب اتفاقها مع الولاياتالمتحدة حول ملفها النووي إلى شُرطي في أيدي الإدارة الأميركية لتمرير مشروع «سايكس بيكو» جديد، والذي أعيد طرحه في نسخته المعدلة والمعروف باسم «الشرق الأوسط الجديد»، مشيرا إلى أنّ التأييد التركي لعملية «عاصفة الحزم»، لا يخرج عن سياق التأييد الإعلامي في المقام الأول تهدف من خلاله إلى تطوير علاقاتها مع المملكة العربية السعودية، والحفاظ على مصالحها الاقتصادية مع الرياض. وأضاف أنّ إجماع نحو عشر دول عربية على توجيه ضربة عسكرية ضدّ الحوثيين، عكس عمق الإدراك العربي بالمخاطر التي تمثلها إيران وأذرعها في المنطقة، مشددا على أنّها واحدة من الدول الرئيسية التي تهدد الأمن القومي العربي. وربط المشاط إمكانية تكرار التحالف العربي في أزمات أخرى، بمدى نجاح القادة العرب في بلورة اتفاق حول تشكيل قوة عربية مشتركة للتدخل السريع في بؤر الصراعات والأزمات الملتهبة، والمتجسدة حاليا في كلّ من اليمن والعراقوسوريا وليبيا. تحالف إستراتيجي تعتبر الضربات العسكرية التي نفذتها القوات العربية ضد الحوثيين، أول حرب للقوات العربية المشتركة التي أجمعت غالبية الدول العربية على تشكيلها. وسوف تفتح عملية «عاصفة الحزم»، وفق محمد العرابي وزير الخارجية المصري سابقا، «أفقا جديدا للتعامل مع الأزمة السورية». حيث أوضح «أنّ الدول العربية في سياق تحالفها الراهن أصبحت أكثر نضجا وبحثا عن المصلحة بعيدا عن التجاذبات السياسية»، لافتا إلى «أنّ التحالف الجديد بين الدول العربية إستراتيجي، وليس تحالفا وقتيا اضطرت إليه الحاجة الملحة، لأنّ الخطر الذي تواجهه دول المنطقة مجتمعة سوف يؤثر بالضرورة على الجميع». وأشار العرابي إلى أن الأزمة الليبية سوف تستمر بالمقابل بعض الوقت، لأنّ إشكالية الوضع في ليبيا تكمن في عدم وجود فصيل قوي على الأرض يمكن التفاهم معه، ورغم أنّ الحوارات مع الحكومة الليبية الشرعية بقيادة عبدالله الثني تبدو جيّدة، إلاّ أنها مازالت تواجه عقبات كبيرة. وأكد أنّ إحدى مزايا القوة العربية المشتركة يتعلّق بإمكانية التحرك السريع للحد من قدرات المتشددين في ليبيا، ومن يعملون تحت راية تنظيم داعش عموما، لافتا إلى أن أحد أقطاب التحالف العربي (مصر) تعطي أولوية خاصة للوضع في ليبيا، الأمر الذي يؤثر بشكل إيجابي على عدم تفاقم الأوضاع هناك. وأوضح أن التحالف ضد الحوثيين قد يكون نقطة انطلاق جيدة لبلورة مفهوم عربي موحد ومشترك حول الأمن القومي العربي، وأن ذلك أصبح سهلا للغاية في ظل تنامي دور كلّ من مصر والسعودية والإمارات والكويت والأردن. طارق فهمي، الخبير في الشؤون الأمنية والإستراتيجية، أكّد بدوره أنّ التحالف العربي الذي شن ضربات عسكرية ضد الحوثيين في اليمن مستمر وإستراتيجي، وسيكون النواة الرئيسية للقوات العربية المشتركة، ومن المرجح أن تكون له مسارح عسكرية أخرى. واستبعد الخبير الأمني قيام إيران بدفع ميليشياتها وأذرعها المسلحة في المنطقة العربية لإحداث نوع من أنواع القلاقل والتوترات، لأنّ هذا الخيار في السياسة الخارجية الإيرانية يُسمى «الخيار (شمشون) وهو خيار أخير وغير مطروح حاليا لأنّه سيهدّ المعبد عليها». ويرى مراقبون أنّ الضربة التي وجهتها دول التحالف العربي إلى الحوثيين في اليمن قد تكون بداية نشاط القوات العربية المشتركة، والذي يمكن أن يشمل عددا من البلدان الأخرى التي تشهد أزمات مستعصية عن الحلول، خاصة أن جميع المسارح العربية الساخنة، سواء في العراق أو سوريا أو ليبيا مرشحة لأن تشهد تحركات من قبل القوات العربية المشتركة. لكن ذلك يبقى مرهونا بمدى نجاح التحالف الجديد في كسر شوكة الحوثيين في اليمن على المدى الزمني القريب وهو ما يبدو ضرورة قصوى على أجندة قادة الدول العربية. «وكالات»