جاءت عملية "عاصفة الحزم"، التي أطلقتها السعودية بالتحالف مع عدة دول، مساء الأربعاء، ضد الحوثيين في اليمن لتفتح باب التساؤلات حول ما إذا كانت تمثل بداية لعمليات مماثلة في سوريا وليبيا. ورغم أنه من المبكر اتخاذ مثل تلك الخطوة خاصة وأن العملية العسكرية باليمن، لا تزال في بدايتها، ولم يتضح نجاحها في تنفيذ هدفها المعلن بتثبيت شرعية الرئيس عبدربه منصور هادي، لكن نجاحها ربما يشجع على تكرار السيناريو نفسه في دول عربية أخرى تعاني من الاضرابات وعلى رأسها ليبيا وسوريا. ثلاثة خبراء عسكريين مصريين، تحدثوا للأناضول في تصريحات منفصلة، استبعدوا توازي عملية عسكرية في سوريا وليبيا، في الوقت الراهن، أو أن يتصاعد الصراع ليكون أوسع نطاقا، معتبرين أن الوضع في اليمن هو "الأكثر إلحاحا"، بعد استنفاد إمكانية الحوار السياسي، وكذلك لخطورة التهديدات التي تشكلها الأوضاع هناك على أمن الخليج، بخلاف سوريا وليبيا، "الأقل خطورة"، بحسب الخبراء. العميد المتقاعد بالجيش المصري صفوت الزيات، قال للأناضول،: لا يمكن أن شن عملية عسكرية في دمشقوطرابلس، مثلما يحدث حالياً في اليمن، لعدة أسباب أبرزها أن "عاصفة الحزم"، انطلقت برعاية أمريكية، وبالتالي فهناك حسابات دقيقة للغاية في القيام بها، ليست فقط لاعتبارات إقليمية ولكن أيضاً دولية، وهو الأمر المختلف تماما في الأزمتين السورية والليبية. وأضاف الزيات: عندما نتحدث عن المسألة السورية والليبية، فإن الولاياتالمتحدة لها رؤية أخرى في البلدين، فمثلاً في ليبيا مازالت الترتيبات الجارية بالنسبة للإدارة الامريكية والاتحاد الأوروبي ترفض أي عمل عسكري وتدعم الحوار السياسي الليبي المستمر حالياً، أما في سوريا، فالولاياتالمتحدة تحجم الدعم العربي تماما، وترى أن التفاوض مازال أمراً ضروريا لإنهاء الأزمة السورية. الزيات لفت أيضاً إلى أن الوضع في ليبيا شديد التعقيد حيث هناك تباينا في وجهات النظر بشأن الحكومة الشرعية هناك، فهناك من يدعم حكومة طبرق، وهناك من يدعم حكومة طرابلس، مع الأخذ في الاعتبار مواقف كل من تونس والجزائر والمغرب المتحفظة في التدخل العسكري في ليبيا. وفي نفس الاتجاه، قال زكريا حسين، المدير الأسبق لأكاديمية ناصر للعلوم العسكرية بمصر، إن "الخطر الأكثر إلحاحا الآن هو الأوضاع في اليمن والتي هي بالغة الخطورة وتهدد الجميع، لاسيما الأمن القومي الخليجي، وبالتالي فإن التعامل العسكري، مطروح بقوة مع اليمن بالدرجة الأولى، وليس ليبيا أو سوريا، التي تختلف الاوضاع بهم". الخبير العسكري الذي اعتبر أن التدخل العسكري في اليمن يأتي في إطار تشكيل قوة عسكرية عربية لمواجهة الإرهاب، قال إن أي تدخل عسكري مماثل في ليبيا وسوريا لن يكون في الوقت الراهن، بل سيستغرق وقتا طويلا، لحين طرحه، وليس تنفيذه فحسب، خاصة أن الأزمة الليبية حالياً رهينة حوار سياسي قائم بالفعل فيما مازالت قيادة بشار الأسد تحكم قبضتها في سوريا، وهو ما يدفع المجتمع الدولي إلى الإبقاء على خيار التفاوض. حسين قال إن "اليمن في طريقه للانهيار كاملا على يد الحوثيين وهذا خطر كبير وناتج عن دعم الحوثيين بايران، وهو من اخطر التهديدات على الأمن القومي الخليجي والعربي، ولا يمكن موازنته بأي خطر مماثل". واختلف الزيات مع حسين، حول طبيعة التدخل العسكري في اليمن، وما إذا كان الأمر سيتطور إلى تدخل بري أو لا، حيث رأى الزيات أن العملية العسكرية "سيهيمن عليها التعامل الجوي أكثر منه أرضي، وذلك لتنفيذ مهمتين رئيسيتين هما تحييد القدرات الجوية المتاحة للحوثيين وشل القدرات الصاروخية البالستية الداعمة لهم". فيما رأى الخبير زكريا حسين أن "الساعات القادمة قد تشهد إمكانية تدخل بري لحسم الأمر برمته، وهذا يعتمد على القرار العربي، في كيفية مواجهة الإرهاب وتهديدات التواجد العربي". ورغم الاختلاف بينهما قال الزيات "لا نستبعد التدخل البري لكن على الأقل في هذا التوقيت لا نتوقعه". محمود خلف، مستشار أكاديمية ناصر العسكرية وقائد الحرس الجمهوري الأسبق قال للأناضول، إن "التدخل العسكري في اليمن نموذج قابل للتنفيذ في أي أزمة عربية تهدد الأمن القومي لكن هذا يتوقف على اكتمال شروط التدخل، وهو ما لم يحدث في سوريا وليبيا"، لافتاً إلى أن "الحالة اليمنية استغرقت الوقت الكافي من أجل التدخل، بعد تفاقم الأوضاع، بخلاف الازمة الليبية التي مازالت رهينة الحوار السياسي". وتابع خلف أما الحديث عن الازمة السورية، فهذا لا يمكن أن يحدث دون غطاء دولي، ونحن نعرف موقف الولاياتالمتحدة من الأزمة السورية، وكيف أنها تأخذ مسافة من التدخل العسكري، فضلاً عن الازمة اليمنية هي الأكثر إلحاحاً". ويشارك في عملية "عاصفة الحزم"، خمس دول خليجية، هي السعودية، والبحرين، وقطر، والكويت، والإمارات، إلى جانب المغرب والسودان والأردن، استجابة لدعوة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، بالتدخل عسكرياً ل"حماية اليمن وشعبه من عدوان الميلشيات الحوثية"، فيما أبدت مصر وباكستان استعدادهما للمشاركة بقوات برية وأعلنت الولاياتالمتحدة عن استعدادها لتقديم دعم لوجستي واستخباراتي. *وكالة الأناضول