عاشت جماعة بئر النصر التابعة لإقليم بنسليمان، مؤخرا، على إيقاع التوتر والاحتجاجات، حيث حجت جماهير غفيرة من سكان المنطقة الذين تنقلوا يوم الجمعة 6 مارس الجاري من مختلف المناطق و الدواوير للمشاركة في الوقفة الاحتجاجية التي نظمتها فعاليات المجتمع المدني مساء نفس اليوم أمام مقر الجماعة. وحسب الجهة المنظمة لها، فإن الحركة الاحتجاجية الواسعة، والتي شارك فيها العشرات من المواطنين رجالا ونساء و أطفالا (حوالي 200 من المحتجين) ، تأتي للتعبير عن استياء و تذمر الساكنة مما وصلت إليه المنطقة من تدن و تدهور كبير ساد جميع المجالات بسبب التدبير الفاشل واستفراد الرئيس بتسيير شؤون الجماعة دون إشراك باقي مكونات المجلس، ودون الإنصات لهموم و مشاكل السكان. وقد تزامنت الوقفة الاحتجاجية مع اجتماع اللجنة المحلية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي يرأسها رئيس الجماعة، رفع خلالها المحتجون صور جلالة الملك و الأعلام الوطنية وكذا لافتات كتبت عليها عبارات:( لا لتبديد المال العام... نطالب بتطبيق مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة... لا للتهميش...الساكنة تطالب رئيس الجماعة بأموال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية...) ورددت أثناءها شعارت قوية تطالب برحيل رئيس الجماعة الذي ، حسب المحتجين، هو المسؤول عن تدهور الأوضاع بالمنطقة، رغم استفادة الجماعة من برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، حيث طالب المشاركون في الوقفة الاحتجاجية، بإيفاد لجنة للتقصي و التحقيق في مصير المال العام وفي مشاريع المبادرة التي لا توجد إلا في الأوراق، وفق ما جاء في تصريحات المحتجين ل«الاتحاد الاشتراكي». كما طالبوا بتفعيل برامج و مشاريع المبادرة التي سبق وأن قررتها اللجن المحلية و الإقليمية وكذا «تعليق اعتمادات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية برسم سنة 2015 إلى ما بعد الانتخابات الجماعية المقبلة حتى لا يستغلها الرئيس في حملته الانتخابية». ومن بين المشاريع التي استفادت منها الجماعة في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية أو في إطار الإنعاش الوطني، والتي لم تحقق الأهداف المنشودة، نجد برنامج محاربة الفقر و الذي تمت في إطاره إقامة مسلك قروي ورصدت له أموال مهمة (حوالي 175 مليونا) يربط ما بين بئر النصر المركز والطريق الجهوية 403 عبر سيدي الزموري، حيث أن هذا المسلك لم يتم وفق دفتر التحملات. نفس الشيء يقال عن المركز المتعدد الاختصاصات، والذي كانت توجد به آلات الخياطة والحواسيب لكنه لم يشتغل؟ وتحول إلى مسكن، حيث شوهد بعض الأشخاص يقطنون فيه و يعملون بإحدى المقاولات التي تشتغل خارج تراب الجماعة؟ أما النادي النسوي ، و الذي أنشئ بدعم من الإنعاش الوطني ، فقد تم تفويته لأحد الأشخاص لمزاولة نشاط تجاري، بالإضافة إلى مجموعة من المشاريع و البرامج التي لم تر النور ومنها المحلات التجارية التي تقرر إقامتها بمركز بئر النصر خلال السنة الماضية لكنها لم تنجز، وهي عبارة ، لحد الآن، عن حفر يتم ردمها في بعض الأحيان و إعادة حفرها من جديد؟ وقد علمت «الاتحاد الاشتراكي» أن السلطات المحلية استقبلت ممثلي المحتجين داخل مقر الجماعة تمت خلالها مناقشة قضايا و مشاكل السكان ووعدت بتفعيل مطالبهم و إيجاد الحلول لبعض المشاكل التي تعاني منها المنطقة. وللإشارة فقد سبق للمعارضة بالمجلس القروي أن أسقطت الحساب الإداري لسنة 2014 خلال دورة فبراير الأخير بسبب «الاختلالات و الخروقات التي وقف عليها المستشارون الجماعيون في تدبير شؤون الجماعة». هذه الأخيرة التي تعاني من تهميش و إهمال كبير و تعيش في عزلة شبه دائمة، حيث انعدام الماء الصالح للشرب، إذ تعرف المنطقة خصاصا مهولا في الماء، خصوصا في فصل الصيف، يضطر معه السكان إلى جلب الماء من الجماعات و المناطق المجاورة بعد قطعهم لمسافات طويلة لسقي ماشيتهم و سد حاجياتهم من هذه المادة الحيوية. أما على مستوى الكهربة القروية فباستثناء مركز بئر النصر الذي يتوفر على الإنارة العمومية فباقي الدواوير مازالت لم تستفد من الكهربة القروية. وفي ما يخص إنجاز المسالك القروية لفك العزلة عن المنطقة، فإن ما تم إنجازه لم يتم بالشكل المطلوب وأن البعض من هاته المسالك عرفت عملية إنجازها عدة اختلالات بسبب عدم احترام المعايير المعتمدة في دفتر التحملات مما أصبحت معه بعض المقاطع والأماكن غير صالحة للاستعمال وسدت بعض القناطر المتواجدة بها بسبب الأوحال والأحجار التي جرفتها السيول، وهذا ما ينطبق على المسلك القروي الجويمع. أما على مستوى النقل المدرسي، فالمنطقة تعاني بشكل كبير من الهدر المدرسي نتيجة بعد الإعداديات والثانويات عن التلاميذ الذين يرغبون في متابعة دراستهم بسبب عدم توفر وسائل النقل بشكل كاف، وغياب اهتمام المسؤولين بهذا الجانب، الشيء الذي يضطر معه التلاميذ إلى الانقطاع عن الدراسة. وقد سجلت بالمنطقة هشاشة اجتماعية كبيرة، فمؤشر الفقر والأمية في تزايد مستمر نتيجة غياب مخطط تنموي شامل للنهوض بأوضاع المنطقة. وعدم اهتمام المسؤولين بالجماعة بمشاكل السكان، وانشغال رئيس الجماعة بتدبير شؤونه ومصالحه الخاصة مقابل إخراسه وتهديده لكل الأصوات التي تحاول فضح وإثارة معاناة ساكنة المنطقة في وسائل الإعلام ولدى السلطات والجهات المعنية.