يتساءل عدد لا يستهان به من العاملين في الحقل الغنائي بالمغرب عن أسباب ودوافع إقدام الإدارة العامة للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة على إغلاق مقر مصلحة الموسيقى المتواجد بالرباط.هذه البناية تعتبر بحق معلمة إبداعية كانت تنبض بنشاط كبير وحركة فنية تجعل من الفنانين بدافع المنافسة الشريفة، يعملون ما في وسعهم لإنتاج الجيد من الجديد من الأغاني المغربية، سواء العصرية أو الأندلسية أو الملحونية، إضافة إلى مكتبي لجنتي الكلمات والألحان، وطاقم إداري يشرف على استقبال النصوص الشعرية أو الزجلية، وكذا إنجاز محاضر المصادقة أو الرفض للأعمال الغنائية الجاهزة والكاملة، بحيث يتم تسليم كل ما تمت المصادقة عليه إلى الخزانة التي تنسق مع قسم البرمجة. لقد كانت الأجواق الثلاثة تجتمع في قاعات خاصة بكل نوع من الطرب، يتخذها رؤساء هذه الأجواق إما للتمرين على الجديد من الأغاني وإما للتمرين على ما سيقدم في برامج سهرة من السهرات، فكيف تضرب الإدارة العامة لهذه الشركة الوصية على الإنتاج الغنائي في المغرب؟ عرض الحائط، بعد قيامها بتسريح الجوق الوطني الذي كان يضم أمهر العازفين؟ وتسريح الجوقين الجهويين لكل من البيضاء وفاس وتوقيف أنشطة كل الأجواق سواء في الطرب العصري! أو الأندلسي! أو الملحون؟! يروج في الكواليس أن الإدراة العامة السالفة الذكر أقدمت على إغلاق مقر مصلحة الموسيقى بالإكراه، وبضغط استصدار المالك العقاري لمبنى هذا المقر، حكما بالإفراغ المحكمة! ولا يمكن للإدارة العامة فعل أي شيء مخالف للقانون!؟ من يصدق هذا؟ ومن سيقتنع بمزاعم من هذا الحجم؟ ! خاصة وأن الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تخصص لها ميزانية مالية بالملايير من القانون المالي كل سنة، وتضخ الدولة بدورها ملايير إضافية إلى خزينة هذه الشركة! وقد حلت لجنة افتحاص بمصالح الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة ولم يصدر أي بلاغ إلى الآن. فالجوق العصري الذي لم يعد يضم سوى (07) سبعة أفراد والجوق الأندلسي (03) ثلاثة أفراد وجوق الملحون، قيل لم يبق أحد، إما بسبب الوفاة! وإما بحصول أغلب أفراد هذه الأجواق على التقاعد الكامل أو النسبي! بعد كل هذا تم إبعاد الكاتبة الراقنة الوحيدة التي بقيت تعمل ضمن طاقم يضم شخصين (نائب رئيس الموسيقى الأخير الذي حصل على المغادرة الطوعية ولم يتم تعيين خلفه والعون. الساحة الفنية تعج بعازفين مهرة، شباب، من خريجي معاهد موسيقية علمية، والجامعات والكليات الخاصة بالدراسات الأدبية والعلوم الانسانية تخرج منها فطاحل، نالوا جوائز مهمة عن جدارة واستحقاق قاريا ودوليا وحتى بلغات أجنبية، فلماذا لا يتم انتدابهم وتطعيم جميع الأجواق السالفة الذكر بهم، هل يمكن للإدارة العامة للإذاعة والتلفزة أن تقول جهرا: »... للشمس لا تشرقي...!«. لا ينكر أحد أن الشركة الوطنية للإذاعة والتلزة ساهمت مساهمة فعالة، في الرفع من الانتاج الغنائي بجميع أنواعه المختلفة بتخصيص دعم مالي، رغم ضآلته، إلا أنه ألقى الإهداء بالمجان وعملت الشركة السالفة الذكر على خلق حركة كسرت الجمود والفراغ من خلال مصلحة البرمجة وبتوجيه من الإدارة العامة لهذه الشركة، لم تدخر جهدا في برمجة أغاني المبدعين بإعطاء فرص متكافئة إذاعيا لجميع المبدعين في كل من الرباطوالبيضاء رغم اكراهات ضيق الوقت ووفرة البرامج، بحيث لم يعد فنان يحتج، ولا ينتقد قسم البرمجة في هاتين المدينتين. ولكن التصوير التلفزي هو ما يجب إيجاد صيغة واستراتيجية لتحقيقه. ولم لا خلق فضائية خاصة بالفن الغنائي؟! لقد أصبح العالم في عهد غزو الفضاء! واستعمال الانترنيت! واليوتوب.. أصبح قرية صغيرة. من خلال الاكتشاف العلمي لميكانيزمات إعلام هائل يتجدد باستمرار، يجعل من مجال السمعي البصري في المغرب. ملزما بأن يساير الركب الحضاري. لا أن تتصرف الشركة الوطنية بالهدم قبل إيجاد البديل!!؟؟ إن ما يحز في النفس. هو وجود نقابات موسيقية. ولجنة عليا للسمعي البصري. و برلمان بغرفتيه به لجن إعلامية. ووزارة وصية هي من يخصص ميزانية هذه الشركة. وتسليمها لخزينتها!؟ ولا عنصر من هذه العناصر حرك ساكنا!!؟ فكيف يمكن محو ذاكرة لازالت جدرانها تردد رنين روائع أبدع فيها الفنانون المغاربة؟! ففي الوقت الذي يعمل ملك المغرب، بدون كلل ولا هوادة. على تقوية البنيات التحتية الخاصة بالمجال الثقافي والفني. بإحداث مكتبات! ومتاحف! ومسارح. وفضاءات خاصة بالغناء والرقص الشرقي. والبالي. وكذا استوديوهات جد متطورة لإنتاج إبداعات المبدعين. سعيا لخلق نهضة ثقافية وفنية. تعمل حاضرا ومستقبلا. لإلحاق المغرب بالدول الرائدة في مجال الثقافة والفن. قاريا ودوليا. تقرر الإدارة العامة للإذاعة والتلفزة محو معلمة. قل نظيرها عوض الاحتفاظ بها والعمل على استمراريتها. والسؤال المطروح! هو هل ستتوقف الإدارة العامة للاذاعة والتلفزة عن الانتاج الغنائي؟ وبصفة نهائية؟ فأين سينعم الإبداع الغنائي الجديد. من كلمات وأشعار وألحان. وعزف... وتسجيل من جيوب المبدعين. كبدهم خسائر مادية مهمة. بسبب تسريح الأجواق التابعة للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة. والحرمان من التسجيل في أحد الاستوديوهات التابعة لها؟! إذا ما قررت هذه الشركات محو هذا الجسر. وتحويله إلى سكن وظيفي. إن إصرار إقدام الإدارة العامة علي القيام بعمل غير عقلاني. سيكون كارثة عظمى. ليس حاضرا بل مستقبلا أيضا. فهل من رادع للتخلي على هذا النهج السلبي كما وكيفا؟!