بالرغم من توفر جهة الغرب الشراردة بني احسن على واجهة بحرية شاسعة، تجاوز طولها 140 كلم على طول المحيط الأطلسي، بقي المنتوج السنوي لقطاع الصيد البحري من أضعف المنتوجات كما ودخلا مقارنة مع الجهات الساحلية الأخرى. يعيش القطاع هذا الوضع بالرغم من كونه من القطاعات الحيوية ذات المردودية المالية العالية وذات التأثير الإيجابي المباشر على مستوى عيش العاملين في الصيد وفي القطاعات المرتبطة به (تجار السمك بالجملة والتقسيط، مقاولات بيع وصيانة وإصلاح تجهيزات القوارب والسفن، مطاعم السمك،...). حيوية القطاع بالجهة تتجلى كذلك في مداخيله المهمة بالرغم من ضعف الإنتاج. فهذا الأخير، الذي لا يتجاوز 5000 طن سنويا، يدر على تراب الجهة دخلا يتجاوز أربعة ملايين درهم. هذا الدخل المهم تم تحقيقه والأسطول البحري يعاني من عدة مشاكل تتعلق بمحدودية عدد وضعف جودة الآليات والوسائل المستعملة. فأسطول القطاع، بمختلف أصناف الصيد (الصيد في أعماق البحار، والصيد الساحلي، والصيد التقليدي)، لا يتوفر إلا على حوالي 621 وحدة أغلبها قوارب للصيد التقليدي حيث يبلغ عددها حوالي 530 قارب، بينما لا يتعدى عدد مراكب السردين 46، وعدد قوارب صيد بالجيبية 21، ومراكب الصيد في أعالي البحار (الثبجية) 10. هذا مع العلم أن الجهة لا تتوفر إلا على ميناء واحد صغير الحجم في مركز مهدية ونقطة للوقوف والتنزيل في مولاي بوسلهام. إن ميناء المهدية، كميناء وحيد بالجهة، لا يرقى إلى مستوى انتظارات المهنيين ورجال الاقتصاد، بل أكثر من ذلك عرف الرواج بداخله تراجعا كبيرا. فحجمه الصغير وصعوبة الولوج إليه أصبحا عائقا حقيقيا لاستغلاله. لقد تراجعت أنشطته بشكل كبير في العقدين الأخيرين حيث تقلصت الحمولة بالميناء من حوالي 600000 طن سنة 1980 إلى حوالي 311000 طن سنة 1990، لتنخفض إلى حوالي 223000 طن سنة 1998 ثم إلى حوالي 182000 طن سنة 2004. وبفعل هذا التراجع أصبحت الأطنان من السلع الواردة على الجهة أو المصدرة إلى الخارج تمر عبر الموانئ الكبرى المجاورة للجهة بالرغم من تأثير ذلك على تكلفة الإنتاج. ففي سنة 2004 مثلا، لم تتجاوز نسبة المراكب المستعملة للميناء 0,6 بالمائة من مجموع المراكب النشيطة في مختلف موانئ المملكة، كما أن السلع التي تم تحميلها من الميناء (حوالي 142000 طن) لا تمثل إلا 0,5 بالمائة من مجموع السلع المحملة على المستوى الوطني، وبدورها لا تمثل السلع المنزلة (حوالي 40000 طن) إلا 0,1 بالمائة من مجموع السلع المنزلة في مختلف المواني على المستوى الوطني. إن ضعف منتوج الأسطول كما وجودة جعل من مساهمة القطاع في الإنتاج الوطني ضعيفا جدا. فنسبة مجموع الإنتاج بما في ذلك الأسماك المحيطية والبيضاء والقرشيات (crustacés) والمحارات (coquillages)لا تتعدى 0,5 بالمائة من المنتوج الوطني للقطاع، وبنسبة مردودية مالية لا تتجاوز 1,1 بالمائة بالنسبة لسنتي 2008 و2009. وأمام هذا الوضع المتردي للقطاع، تم التصريح في السنين الأخيرة بعزم السلطات العمومية الالتفات إلى الجهة من خلال برامجها المختلفة وعلى رأسها مخطط «أليوتيس» الأخير. هكذا، وابتداء من سنة 2008، أعطت الدولة الانطلاقة لورش كبير لإصلاح وعصرنة قطاع الصيد الساحلي والتقليدي في إطار برنامج إبحار (IBHAR). ويتضمن هذا المشروع تجهيز ما يقارب 1600 قارب تقليدي بتجهيزات الخزن الصحية وحماية المنتوج، وتجهيز 1800 وحدة في قطاع الصيد الساحلي بأجهزة المحافظة على المنتوج والرفع من قيمته، وكذا استبدال حوالي 800 سفينة التي يتجاوز عدد سنوات استغلالها 15 سنة. أما تكلفة المشروع برمته بالنسبة للفترة 2008-2012 فتم تقديرها ب 5 ملايير درهم. وبعد مرور أبع سنوات تقريبا على إعلان انطلاق هذا المشروع لا زال القطاع يعاني من ارتفاع تكلفة الصيد وبالتالي ارتفاع ثمن الأسماك بمختلف أنواعها بالنسبة للمواطن العادي مقارنة مع قدرته الشرائية ومن ضعف مساهمته في الدينامية الاقتصادية والاجتماعية الجهوية من خلال توفير الشروط الضرورية لخلق المشاريع المدرة للدخل بالشكل الكافي والمنتظر. كما أن إعطاء الانطلاقة لمشروع ثان لفترة 2009-2011 تحت اسم مخطط «اليوتيس» بدون أن تنتهي فترة تنفيذ المشروع الأول، دفع المتتبعين إلى التساؤل بشأن استمرارية تنفيذ البرامج الحكومية في الزمن وفي المكان. ويتضمن المشروع الجديد أهدافا طموحة بعضها قد ورد في المشروع الأول، وأخرى جديدة. وبصفة عامة، ورد في مخطط «اليوتيس» أهدافا تصب كلها في الرفع من مردودية وتنافسية قطاع الصيد البحري. فإضافة إلى هدف عصرنة أسطول الصيد للرفع من مستوى مردودية القوارب والسفن المختلفة المستعملة وبالتالي عصرنة مجهودات العمل في مجال الصيد وتكييفها مع الحاجيات الجديدة، وتقوية ودعم وتعزيز البحث العلمي البحري وتبادل المعارف والخبرات العلمية في هذا المجال، أعطي لقطاع تربية الأسماك والحيوانات والنباتات البحرية وآفاق تحويله إلى رافعة لتنمية مساهمة هذا القطاع الحيوي في الاقتصاد الجهوي اهتماما بالغا حيث تم تحديد تحقيق 200 ألف طن كسقف منتوج ممكن في أفق 2020. وبصفة عامة، يمكن تجميع أهداف هذا المخطط في هدف واحد يتعلق بتحقيق الديمومة في تنمية مهن الصيد والأنشطة الاقتصادية المرتبطة بها جهويا. واعتبارا لما سبق، يستنتج أن قطاع الصيد البحري يحتاج إلى إستراتيجية عمومية لتمكين الجهة من استغلال كل إمكانياتها البحرية بنجاعة. إنها الحاجة إلى التركيز على تقوية البنية التحتية من موانئ، وقرى للصيد، ونقط وقوف قوارب وسفن الصيد وتنزيل حمولتهما، وعصرنة الأسطول بمختلف مكوناته، وتحديد مجالات وأنشطة الصيد بجوار الموانئ، ومحاربة الأنشطة غير المهيكلة وغير القانونية، وتحقيق ديمومة انتظام التموين بالمواد الأولية ذات الجودة العالية، وبالتالي الرفع من حصة القطاع في السوق الداخلية والخارجية. إنها الحاجة كذلك إلى خلق قطب صناعي في مجال الصيد البحري على شاكلة ما تمت برمجته بالنسبة لأكادير وطنجة والعيون-الداخلة. ضرورة توفر الجهة على هذا القطب تمليه طبيعة القطاع كأحد القطاعات الحيوية الأكثر توفرا على إمكانيات خلق المشاريع المدرة للدخل سواء تعلق الأمر بمهنتي الصيد المحيطي أو الصيد التقليدي وما يرتبط بهما من أنشطة أخرى في مجالات التصبير، والنقل، والحفاظ على المنتوج، وتجارة الأسماك بالجملة وبالتقسيط، والتغذية، وأنشطة خدماتية في مجال صيانة وإصلاح المراكب والسفن والمعدات التقنية والميكانيكية التي تتوفر عليها...إلخ. ونظرا لقيمة الثروات البحرية التي تتوفر عليها الجهة لا يمكن أن يستساغ حرمانها من حصة من برامج المخطط الأزرق. إن إمكانيات الجهة كبيرة جدا ومتنوعة حيث تزخر، إضافة إلى توفرها على واجهة ساحلية أطلسية شاسعة كأساس لتنمية السياحة البحرية، بتراث وموروث ثقافي شعبي كبير وعلى مناظر طبيعية خلابة (الخضرة والمياه السطحية والغابة). فالإعتمادات الكبيرة المسخرة لتمويل برامج هذا المخطط وطنيا تفرض، من باب احترام تساوي فرص التنمية بين الجهات، تخصيص قسط منها لجهة الغرب الشرارة بني احسن (ميزانية تمويل المخطط حسب وزير السياحة والصناعة التقليدية: 15 مليار درهم من تمويل صندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية و 24 مليار درهم كتمويل بنكي للمشاريع في هذا القطاع).