لم يكن المشهد طبيعيا و لا حتى اعتياديا، لا من حيث حجمه و لا من حيث مكان انعقاده بحمولته السيادية التي يجتمع عليها المغاربة قاطبة دون استثناء، شارع محمد السادس نقطة انطلاقة مسيرة الملايين التي دعت إليها التنسيقية الوطنية،أمطار الخير التي سقطت ليلة السبت الأحد كانت التباشير الأولى على أن هذه الحشود الغفيرة التي جاءت من مختلف إقليم المملكة برجالها و نسائها و أطفالها بشبابها و شيوخها لتقول و بصوت واحد أننا ضد كل من يعمل على طمس الحقيقة و الهوية المغربية للصحراء،ضد الهجمة الشرسة التي تقودها كل من الجزائر و الحزب الشعبي الاسباني ضد المغرب و المغاربة ووحدتهم الترابية و الوطنية ، فموهم و مخطئ اليوم من يخال أننا كأبناء شعب واحد مستعدون للتفريط في حبة رمل من صحرائنا ، الكل جاء ليعلن احتجاجه ضد مناورات بعض الجهات و الأطراف المعادية لوحدتنا الترابية و التي وجدت في أحداث العيون الدامية و سيلة لتمرير مغالطات و أكاذيب فضحتها تقارير المنظمات الدولية ، مسيرة الدارالبيضاء كانت أيضا رسالة قوية لكل المشككين من مرضى الضمير بقدرة المغاربة على التوحد حول قضاياهم الوطنية المصيرية و هنا أوجه كلمة صادقة من قلب يعشق الوطن حد الجنون، كلمة لكل من تخلف عن مسيرة الأمة و الشعب أنكم أضعتم فرصة مع التاريخ و خسرتم معركة راهنتم على محدودية مشاركيها ، فكانت بحق رسالة قوية بهذا الحضور الجماهيري النوعي و الكمي المكثف و الذي فاق كل التوقعات ، ذابت كل الخلافات و النزاعات الاثنية و القبلية و حتى الحزبية،توحد المغاربة جميعهم تحت كلمة واحدة ، راية واحدة كتبت صفحات خالدة بدماء زكية رفعت الصوت عاليا لتشهد العالم كله، الصديق قبل العدو، أن لا شيء يقف في وجه المغرب ملكا و شعبا و حكومة في سبيل الدفاع عن أرضه و عرضه و مقدساته ، مسيرة الدارالبيضاء كانت الشرارة الأولى في التأسيس لفعل نضالي جديد في مشهد قوي ستتبعه مبادرات أخرى اكبر و أقوى مادامت الحملة مستمرة و متواصلة ، فنحن نقولها و نكررها لا نريد خلق أزمة مع هذا و لا ذاك نحن نمارس قناعاتنا الوطنية في دفاعنا المشروع عن عدالة قضايانا فنحن في صحرائنا كما الأمس كما اليوم كما المستقبل نمارس سيادتنا الكاملة على أقاليمنا الجنوبية عبر أوراش التنمية و البناء التي يقودها جلالة الملك ،لن نسمح لأي كان و مهما كان موقعه و لا حتى تأثيره باستعمال قضية الصحراء المغربية كورقة في عملية ابتزاز حقيرة لتحقيق مكاسب انتخابية رخيصة ، لقد سقط قناع الديمقراطية التي يتشدقون بها و ظهرت الحقيقة جلية واضحة فضحت مزاعمهم و أكاذيبهم و ادعاءاتهم ، نسوا جرائمهم المتواصلة ضد أبناء جلدتهم من الباسكيين و القبائل و انبروا في مسرحية هزلية وظفوا فيها كل الأساليب حتى الخسيسة منها. لقد خرجنا منتصرين و ليس منهزمين كما روج له البعض ، انتصرنا في تقوية الجبهة الداخلية و حمايتها من كل اختراق، انتصرنا في إسماع صوتنا عاليا و في تبليغ رسالة قوية مفادها أن المغاربة من طنجة إلى لكويرة لن يفرطوا في شبر واحد من أراضيهم و أن لا تساهل مع أعداء وحدتنا الترابية اذا اختاروا جرنا إلى المجهول، رسالة تقول أ، مقدساتنا الوطنية خط أحمر لن نسمح لأي كان الاقتراب منه، فالآلاف التي خرجت منذ 35 سنة في مسيرة القرن مسترجعة الصحراء المغربية في مسيرة ملحمية هي اليوم ملايين متشبعة بروح المسيرة الخضراء. هي إذن مسيرة مستمرة و متواصلة، مسيرة البناء و التشييد و الحداثة و الديمقراطية، و هي أيضا مسيرة الدفاع عن الحقوق الوطنية المشروعة ، فليشهد العالم و ليتحمل مسؤوليته كاملة في قضية أريد لها أن تكون مفتعلة بخلق كيان قزمي هو اليوم يهدد السلم الأهلي العالمي بعد سقوطه في قاعدة المغرب الإسلامي.