زمنٌ بخيلٌ هذا الذي عُدتُ فيهِ إليك بعرقٍ وأسمالٍ يا قُرطبَةَ المجْدِ المنْكَسِرْ جئتُكِ فقيراً.. شريداً.. في سَفَرٍ جنائِزي... دخلتُ متاهاتِكِ ذاتَ مساءٍ غائمٍ، لا جاهَ لي ولا مجْدْ... سوى بَعضُ بَقايا وهْمٍ والكثيرُ من ضَجَرِ الذكريات. في حَضْرَتِكِ تُغلقُ النوافِذُ في وجْهي... ترفُضُني القصورُ والمعالِمُ... تَلْبَسُني الفجيعَةُ، يَبكي النهْرُ لاغْتِرابي، وتَصهَلُ في أوْصالي أوجاعٌ لحنين المكانْ. لستُ مَلِكا... كي أَعودَ إليكِ شامِخاً لا مراسيمَ ولا عَرْشَ لي ولا تاج على رأسي... مُجرَدُ ضالٍ زادُه العَطَشْ وغُبارُ الأرصفةِ الباردَهْ لا هُوِيَةَ لي ولا بَيتَ ولا عُنوانْ الشوارعُ والجُسورُ والأنفاقُ أسِرَّتي عناويني الشَارِدَةْ وأنتِ جَوْهَرةٌ عَجيبٌ أمرُها حقاً! لكن لن أُهاجِرَ إليكِ ثانية... لا أُطيقُ البقاءَ هُنا لأن الوقتَ هذِه المرة يكون شاهداً على غبائي الفادِحْ وحتماً سَيكونُ الفَرقُ شاهِقاً بينَ من يَصنعُ المَجْدَ ومن يَغسلُ الصُّحونَ في مقاهي قُرطُبَهْ.