صادق البرلمان الأوروبي أمس على قرار حول الصحراء المغربية ، يدين أحداث العنف التي شهدتها العيون في 8 نونبر الجاري مطالبا جميع الأطراف التحلي بالهدوء وعدم اللجوء مجددا إلى العنف . القرار الذي صادق علية البرلمان الأوروبي ، كان نتيجة توافق بين مختلف الفرق البرلمانية ، حيث قدمت في السابق عدة مشاريع قرارات ، من بينها مشروع تقدم به الخضر وبعض المساندين للإنفصاليين سعى أصحابه إلى محاولة إدانة المغرب ، غير أنه تم استبعاده ولم يحظ بأي دعم . وكان البرلمان الأوروبي قد شهد نقاشات حادة حول الأحداث الأخيرة بالعيون ، وقد دعا في هذا الإطار الفريق الاشتراكي والفريق الشعبي إلى عدم التسرع في إصدار أحكام جاهزة ومتحيزة للبوليساريو قبل الإحاطة بالموضوع من مختلف جوانبه ، ووجد هذا الطرح دعما قويا من طرف وزيرة الخارجية الإسبانية التي قامت باتصالات مكثفة في ستراسبورغ للخروج بقرار متوازن وتوافقي . القرار الذي صادق عليه البرلمان الأوروبي زوال أمس لا يدين المغرب كما كانت تأمل الجزائر والبوليساريو وعدد من وسائل الإعلام الإسبانية ، وإنما يدين العنف الذي حدث في مخيم اكديم إزيك ومدينة العيون ، ويأسف للضحايا الذين سقطوا خلال أعمال الشغب . القرار لم يطالب أيضا بإيفاد لجنة أممية للتقصي كما كانت يطالب الطرف الآخر ، لكنه ، وبعد أن سجل الخطوة التي أقدم عليها البرلمان المغربي بتشكيل لجنة للتقصي في هذه الأحداث ، اعتبر أن الأممالمتحدة تبقى الإطار المخول بذلك . وتأسف القرار لمنع بعض وسائل الإعلام والنواب من التوجه إلى العيون ، مشددا على ضرورة أن تقترح الأممالمتحدة إقامة ميكانيزم لمراقبة أوضاع حقوق الإنسان في الصحراء . وكانت البوليساريو والجزائر قد قامت بتحركات محمومة لينص القرار على ضرورة أن تتولى المينورسو هذه المهمة ، لكنها فشلت في ذلك . من جهة أخرى ، أكد خبراء ومحللون جيوسياسيون من فرنسا والولايات المتحدة ، أن هناك احتمالا أن تسقط البوليساريو في يد القاعدة ، مما سيؤدي إلى نتائج وخيمة بالنسبة للسلم والاستقرار في منطقة المغرب العربي التي تحظى بأهمية استراتيجية كبرى على الصعيد الدولي . وفي هذا الإطار أكد الباحث الإسباني ، فرانسيسكو روبياليس ، في مقال نشرته أمس بعض المواقع الصحفية الاسبانية ، أن السؤال الأساسي المطروح حاليا ،يتعلق بحجم الاتصالات بين البوليساريو وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي . واعتبر الباحث أنه رغم التحركات العسكرية التي تقوم بها البوليساريو قرب الحدود مع المغرب ، ورغم أن ممثلها في إسبانيا أعلن أن الإنفصاليين يتوفرون على السلاح والمقاتلين للدخول في حرب مع المغرب ، إلا أنهم لا يتوفرون على القدرة لمواجهة الجيش النظامي المغربي ، لكن المخاوف التي تثيرها هذه التحركات بالنسبة للمنتظم الدولي هو إقدام البوليساريو على شن حرب عصابات والقيام باختطافات وأعمال إرهابية ، مما سيعجل بسقوطها في يد القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ، الشئ الذي يهدد استقرار المنطقة . وفي نفس الإطار ، وجوابا على الدعوات التي تشنها أوساط إعلامية وسياسية إسبانية مناوئة للمغرب ، من أجل دفع الحكومة الإسبانية إلى التخندق في الصف الموالي للجزائر والبوليساريو ، أكد بيرناردينو ليون ، السكرتير العام لرئاسة الحكومة الإسبانية ، أن التهديد الخطير الذي يواجه إسبانيا ليس المغرب ، ولكن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي . وأوضح بيرناردينو ليون ، أن المغرب وإسبانيا يتعاونان بشكل وثيق لمواجهة التهديدات الإرهابية والتحديات الأمنية التي تواجه المنطقة ، وأن الحكومة الإسبانية لا تعتبر أن المغرب يشكل تهديدا على إسبانيا ، كما تحاول جهات معادية للمغرب الإيحاء بذلك . من جهتها أكدت وزيرة الخارجية الإسبانية ، ترينيداد خيمينيث ، في جلسة لمجلس الشيوخ الإسباني ، أن المعلومات المؤكدة حول أحداث العيون ، توضح أن أغلب الضحايا ، 11 ، كانوا في صفوف القوات العمومية . وأضافت وزيرة الخارجية الإسبانية ، أنه من وجهة النظر القانونية فإن المغرب لا يعد «قوة احتلال» للصحراء، ولكنه يفرض «بالفعل» سيطرته على الأرض، بموجب الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع إسبانيا عندما انسحبت من مستعمرتها القديمة عام 1975. وشددت على أن إسبانيا بعد الانسحاب لم يعد لها أي صفة أو أي صلاحيات للتدخل ولا حتى بصورة إدارية بأي حال من الأحوال». ومازالت انزلاقات وسائل الإعلام الاسبانية تثير ردود فعل مستنكرة ، حيث ذكر بلاغ للجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني ، أنها تدارست في اجتماع مكتبها التنفيذي الأسبوعي ما «أقدمت عليه وسائل الإعلام الاسبانية من استغلال مقيت ولا أخلاقي وتحريف مبتذل ودنيء لصور الأطفال الفلسطينيين ضحايا العدوان الصهيوني الأهوج على غزة، وهو إيحاء شيطاني خسيس واقتباس صهيوني لئيم لمحاولة إقناع العالم أن ما فعلته إسرائيل له ما يماثله في المغرب.» وأضاف البلاغ أن« الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني باعتبارها الطرف المدني تحتفظ بحقها في متابعة وسائل الإعلام الاسبانية في زيغها عن الخط الصحيح للإعلام النزيه والأمين ». من جهتها أدانت جمعية الصداقة الفلسطينية المغربية وكالة «إيفي» وقناة «أنتينا 3» لتزويرهما حقائق أحداث العيون وتضليلهما الرأي العام. وقالت الجمعية في بيان لها « على إثر أحداث الشغب التي شهدتها مدينة العيون المغربية على يد عناصر مخربة وانفصالية، تعبر جمعية الصداقة الفلسطينية المغربية عن إدانتها الشديدة لقيام وكالة الأنباء الإسبانية «إيفي» بتزوير الحقائق وتضليل الرأي العام، حيث عمدت إلى توظيف صورة لأطفال فلسطينيين ضحايا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة يعود تاريخها إلى عام 2006 ... على أنها صور لأطفال مصابين في منطقة العيون بالمملكة المغربية». كما عبرت الجمعية عن إدانتها لاستخدام القناة الإسبانية «أنتينا 3 « لصورة ضحايا جريمة قتل بمدينة الدارالبيضاء سنة 2010 على أساس أنها لضحايا سقطوا بالعيون. وأكدت الجمعية أن هذه الممارسة من قبل الوكالة المذكورة تعتبر خيانة لثقة المنخرطين الذين يعتبرونها مصدر أخبار لهم وضربا بعرض الحائط بأسس المهنة وأخلاقياتها وأهمها المصداقية، وهي خطأ مهني في حق الشعبين المغربي والفلسطيني .