قال الكاتب المغربي الطاهر بن جلون إن صورة العربي أصبحت مهزوزة أكثر من أي وقت مضى في كل أرجاء العالم. وأضاف بن جلون، أول أمس الأربعاء بدار الفنون بالدارالبيضاء، «أن العربي تحول بدون استثناء، سواء بسبب بشرته أو لكنته أو دينه أو أصله، إلى مشتبه فيه أينما حل وارتحل». وأكد الكاتب، على هامش حلقة نقاش حول كتابه الأخير «جون جونيه، الكاذب الرائع»، أن «الارهاب مؤامرة تحاك ضد العالم الإسلامي»، و«فعل يخدم أعداء الإسلام في الغرب». وأوضح بن جلون، في حديثه للجمهور الكبير الذي حضر لقاءه حول جون جونيه، هذا الكاتب الذي دفن في مدينة العرائش، أنه «يفضل الحديث إلى الأطفال الصغار في فضاءات المدرسة حول أعماله»، معتبرا ذلك «أسهل بكثير من الحديث إلى الكبار كونه الوسيلة الأفضل لتصريف المبادئ والقيم وتلقين الجيل الصاعد مفاهيم ايجابية». وأسر بنجلون أنه منذ ثلاث سنوات وهو منشغل بصياغة كتاب حول «مغرب متعدد»، هذا المغرب الذي يسكن دواخله، معتبرا « «ان المغرب خزان غني من شأنه أن يغذي مخيلة الكاتب، ومورد للأفكار بالنسبة للمبدعين كيف ما كانوا». وقال بنجلون خلال تفصيله لغنى وثراء أعماله في بعدها الاجتماعي والانساني من خلال تناوله عدد من القضايا المرتبطة بالانسان وهمومه «إن مشاكل المجتمع تكون في أحيان كثيرة موردا للكاتب، مشيرا إلى أن الكاتب من صنف الأشخاص الذين «يفتشون» من أجل كتابة القصص». وفي حديثه عن واقعية تعامله مع قضايا المجتمع، من خلال أعمال التخييل والسرد القصصي، قال بنجلون أنه يقارب آلالام وعذابات الآخرين وصعوباتهم في الحياة، وهي مواضيع تجدها في كثير من إبداعاته. كما أن اللقاء، كان مناسبة أيضا، لتسليط الضوء عن المساواة بين الرجل والمرأة، والإشارة إلى غياب الحوار والتشاور داخل الأسرة المغربية لميتد الى كل المجتمع، مما يجعل هامش التشبت بالديمقراطية في علاقاتنا ضعيف، ويؤكد سطوة الرجل، مثيرا في السياق ذاته، العلاقة المتأرجحة ما بين السياسي والثقافي.. وعبر بنجلون، الذي يداقع عن قيم العدالة ويناهض صور القبح، أنه مصدوم لخيانة الأصدقاء، والسياسيين، مؤكدا إنه لا يجب أن نواجه هذه الخيانة بالحقد والانتقام، ومستاء للنجتحات التي يحققها القبح والأرذال في كل المجالات مشير أنها سخرية قدر. ووصف بنجلون جون جونيه كونه انسانا متمردا، وأنه كان دائم البحث عن «الأم و الأسرة»، واعتبره واحدا من بين بين الكتاب الفرنسيين القلائل الملتزمين بالدفاع عن القضية الفلسطينية، إذ كان محركه في ذلك كرم سيدة فلسطينية تدعى «أم حمزة»، التي استضافته رفقة ابنائها في بيتها مما ترك أثرا عميقا في نفسه جعله يتبنى القضية الفلسطينية ويدافع عنها عبر الكلمة. وتحدث بنجلون عن حقبة الخدمة العسكرية سنة 1965، التي فرضت عليهه لأجل ثنيه عن النضال داخل الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، مسترجعا حالات التعذيب والذل والإهانة، التي تلقاها رفقة المتدربين على يد أولائك الذين قاموا بتأطيره عسكريا بمدينة الحاجب، وهم في ذات الآن الذين قاموا بالمحاولة الانقالبية التي عاشها المغرب في بداية السبعينات، وأكد أنه «لم حكموا هؤلاء لأسسوا مجتمعا فاشيستيا». وخلص بنجلون إلى الحديث، عن سبب الهجمة التي تعرض إليها مؤخرا بسبب موقفه من كتاب «الخريطة والتراب الاقليمي»، الإصدار الأخير للكاتب الفرنسي ميشال هولبيك، الصادر عن منشورات فلاماريون، والعمل الروائي العاشر له. وأكد الكاتب قاسم باسفاو، أحد الأكاديميين المغاربة المتخصصين في الأدب المغربي باللغة الفرنسية، الذي أدار هذا النقاش، المكانة المتميزة في العالم الفرنكوفوني للكاتب المغربي الطاهر بن جلون الذي يكتب باللغة الفرنسية، وأصدر بها مجموعة من الدواوين والروايات والمجموعات القصصية. ويعتبر كتاب «جون جونيه، الكذاب الرائع»، الصادر عن دار النشر الباريسية غاليمار بمثابة دراسة إبداعية تتمحور حول أهم النقاشات السياسية والثقافية في الثمانينات، علما أن بن جلون قد تعرف لأول مرة على جون جينه سنة 1974، وهي مرحلة خصبة على المستوى الثقافي العام. كما أن احتفاء المعهد الثقافي الفرنسي في مدينة الدارالبيضاء بالكاتب الطاهر بنجلون، الذي وهو احتفاء أيضا يتزامن مع الذكرى المئوية لميلاد جون جونيه، تواصل أمس بقراءة لمسرحية «بيكيت وجينه، شاي في طنجة»، التي استحضر فيها بن جلون هذين الكاتبين وجعلهما شخصيتين تتجاذبان الكلام بين أخذ ورد، وكتبها بشاعرية تميزت بها معظم كتاباته. في هذه المسرحية يلتقي جون جوينه بصموئيل بيكيت، هما اللذان لم يلتقيا أبداً في حياتهما الواقعية، في مقهى بمدينة طنجة، حيث يتحادثان عن رحيل صديقهما المشترك جياكوميتي، محاطين بمحمد، صديق جينه الحميم وموحا أحد الأصدقاء.