المتتبع لبرنامج«الخيط الأبيض»، الذي تقدمه الزميلة نسيمة الحر أسبوعيا، كل اثنين، بكل مهنية ، أضحى يعد أحد البرامج الأكثر إشعاعا في برامج القناة الثانية، بالنظر لطريقة وكيفية تعامله في معالجة القضايا المطروحة. فالمشاهد يعيش معه فترة زمنية غير مملة يستشف من خلالها واقعا مرا لبعض الأسر المغربية، خاصة علاقة الآباء بالأبناء، وعلاقة الأزواج بزوجاتهم، لتبقى السمة الحقيقية أن الوضعية الأسرية المغربية تحتاج إلى معالجة وتصحيح، الشيء الذي يؤكد أن المشاكل المطروحة هي نتاج فعلي لوضع مترد على جميع المستويات. فمن خلال بعض الحلقات تبرز إشكالية التواصل بين الأباء والأبناء وصدق العلاقة الزوجية والوفاء بين المتزوجين، مما يظهر للمتتبع أن المشاكل التي يعيشها الشارع المغربي ليست وليدة الصدفة وإنما هي نتاج مشاكل عميقة داخل الأسر المغربية وخاصة في العالم القروي، وتتجلى في مشاكل الإرث، الزواج ، «الشريكة »، زوجة الأب، هجرة الاسر، السحر، العنف تجاه الأولاد أو الزوجة.. إلى غير ذلك من أسباب تفكك الأسر التي تؤثر سلبا على الفرد المجتمع.. ف«الخيط الابيض» رغم بدايته المهنية قد حقق نجاحا ملحوظا واستقطب جمهورا غفيرا لكونه يعالج ظواهر كان مسكوت عنها أو كنا نحن في غفلة عنها، وبالتالي، فمسيرة البرنامج سيكون لها دور في فضح العديد من الممارسات الأخلاقية وفضائح النصب والاحتيال والشطط في استعمال السلطة على غرار ما حققه برنامج بدون شك لكوربي بالقناة الفرنسية «ت ف 1». إن معدة البرنامج رفقة الطبيب النفسي، الذي يرفقها في جميع القضايا، نجحا في تحقيق الهدف من خلال حل العديد من المشاكل التي طرحت، وهذا في حد ذاته إنجاز جد مهم، بتوظيف الاعلام البصري وجعله إيجابيا في إعادة الثقة بين أفراد الأسر أو العائلة أو أفراد المجتمع دون اللجوء للقضاء أو خلق مشاكل قد يترتب عنها ما لا تحمد عقباه، وهو ما تتبعناه في العديد من الحلقات التي كانت إيجابية واستطاعت التفوق في طرح الإشكال وتطويقه ثم إيجاد الحلول له بأسلوب حضري إنساني صرف، دون أن ننسى الدور الذي يلعبه الطبيب المختص في معالجة القضايا بطريقة علمية . يمكن للبرنامج أن يتطور إلى الأحسن إذا توفر على إمكانيات إضافية لإنجاح تدخلاته سواء داخل أرض الوطن أو خارجها . «الخيط الأبيض» باجتهاده في هذا الاتجاه يمكنه أن يخلق منهاجا ودورا جديدا للإعلام الوطني التلفزي الذي من خلاله سنتمكن من إصلاح الكثير من الممارسات الانحرافية، خاصة إذا علم الطرف الآخر أن موضوعه سيكون مادة إعلامية على الشاشة، ومن هنا سيكون ل«الخيط الابيض»، إذا كانت هناك جرأة وشجاعة، قوة إصلاحية كبيرة، وبالتالي، سيشكل قبلة للمظلومين والمهمشين في المجتمع . إن الواقع المعيش بالمغرب يتطلب العديد من البرامج في مستوى البرنامج المذكور لمعالجة قضايا شائكة في مجتمعنا، ويبقى «الخيط الابيض» صاحب الخطوة الأولى في هذا المجال الإعلامي الذي فتحت من خلاله نافذة على المجتمع لطرح المشاكل مباشرة وبدون مساحيق بين الأب، الأم، الابن، أو أحد الاقارب، وبالتالي القدرة على إيجاد حل لالتئام الأسرة أو العائلة أو إعادة الأمور إلى نصابها بكل تلقائية في التعامل مع المواضيع المطروحة ودون وضع رتوشات أو مساحيق، مما يعطي صورة حية وحقيقية عن بعض من الوضع المغربي بكل مظاهره.