أجريت يوم الاثنين ، بالمستشفى الجامعي محمد السادس بمراكش، عمليتان لزرع القوقعة الاصطناعية أشرف عليها طاقم طبي مغربي برئاسة الأستاذ عبد العزيز راجي رئيس مصلحة جراحة الأذن والأنف والحنجرة وجراحة الوجه والعنق بالمستشفى المذكور وبمشاركة الأستاذ غديفي إيمليان من المستشفى الجامعي ب «نانت «الفرنسية . العملية التي تابعها طاقم جريدة الاتحاد الاشتراكي هي الخامسة من نوعها بمراكش، واستفاد منها طفل في الثالثة من عمره يعاني من صمم كلي وطفلة في الحادية عشرة من عمرها تفاقم لديها الصمم بالتدريج . وساهمت جمعية هولندية بعشرة ملايين سنتيم في الحالة الثانية، فيما تكفلت التعاضدية بالحالة الأولى وأوضح الأستاذ عبد العزيز راجي أن الصعوبة الاساسية في عملية زرع القوقعة الاصطناعية تكمن بالدرجة الأولى في التكلفة المرتفعة للجهاز، إذ كان سعره قبل عشر سنوات يصل إلى خمسين مليون سنتيم، وبفضل تضافر جهود الأطباء والتحسيس المتواصل بأهمية هذه العملية لتمكين الآلاف من الأطفال من ممارسة حياتهم بشكل عاد و إنقاذهم من الإعاقة ، تراجع سعره إلى عشرين مليون سنتيم معفى من الرسوم، وهو مبلغ جد مرتفع يظل المحتاجون إلى هذه العملية عاجزين أمامه وهو ما يفرض على الدولة والهيئات المدنية تحمل مسؤوليتها والتحرك السريع من أجل توفير هذا الجهاز، ودعم أسر الحالات المعنية، ولاسيما تلك التي لا تتوفر على أية تغطية صحية. وأضاف الاستاذ راجي أن عملية زرع القوقعة الاصطناعية ليست فيها خطورة على صحة المريض لأنها من العمليات المؤطرة بدقة ، لكن الصعوبة الأكبر تتمثل في كون العملية الجراحية تمثل 10 بالمائة من مرحلة العلاج التي تستمر بخضوع الحالة المعنية للترويض على النطق وبرمجة جهاز السمع لمدة لا تقل عن سنتين وهو أمر له تكلفة مادية ومعنوية كبيرة. وألح على ضرورة وضع الوزارة لعدد من القوقعات الاصطناعية رهن إشارة المستشفيات الجامعية لأن الآلاف من المرضى هم في حاجة لهذا الجهاز، لكن ضعف إمكانياتهم المادية أمام ارتفاع تكلفة اقتنائه يبعدهم عن الاستفادة من هذه الإمكانية العلمية التي من شأنها إخراجهم من وضعية الإعاقة، بما يترتب عنها من نتائج اجتماعية تجعلهم عالة على المجتمع . وفي نفس السياق قال حكيم سفيان ممثل الشركة المصنعة للقوقعة الاصطناعية بالمغرب إن الإحصاءات الرسمية تشير إلى أن أزيد من 179 ألف طفل بالمغرب يعانون من صمم عميق هم في حاجة لزرع جهاز القوقعة الاصطناعية، لكنهم يظلون في وضعية الإعاقة بسبب ارتفاع تكاليف هذه العملية ، مبينا أن العملية الأولى من هذا النوع بالمغرب أجريت سنة 1998 ولم تجر العملية الثانية إلا بعد مرور خمس سنوات ، أي في سنة 2003 ، وذلك بسبب ارتفاع التكاليف المادية، فيما لم تجر سوى 220 عملية في بحر 12 سنة . ولم تدخل التعاضديات عملية زرع القوقعة ضمن الخدمات الصحية التي تغطيها إلا بعد مجهود كبير للتحسيس، حيث أصبحت تتكفل ب75 بالمائة من تكلفة اقتناء الجهاز. ورغم أن المغرب كان سباقا لإجراء هذه العملية على المستوى الإقليمي، إلا أن بلدانا مجاورة تجاوزته بوضع حكومتها أزيد من 200 قوقعة اصطناعية سنويا رهن إشارة المستشفيات الجامعية، ليستفيد منها المرضى مجانا ، فيما لا تتجاوز مقتنيات وزارة الصحة المغربية المستوى الصفر . وتمثل هذه العملية التي أجريت بقسم جراحة الأذن والأنف والحنجرة بمستشفى ابن طفيل، التابع للمركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بمراكش، تجسيدا للاتمركز في العمليات المعقدة التي كانت تتم بالرباط والبيضاء وهو ما يساهم في تخفيف العبء عن هذه المستشفيات وكذا على المرضى وعائلاتهم، وتقريب الخدمات اصحية الدقيقة من سكان أقاليم الوسط والجنوب.