زهرة الكتابة ... سلام عليك وبعد ، ولأن تربتنا ارتوت بدماء الشهداء ذات زمن مغربي، ولأننا متورطان معا في لعنة الكتابة الجميلة، من ارض الشهادة والاستشهاد، من عبق الأرض الطيبة التي أنجبت زهرة نجمة الصباح، أقول لك : ما أجملها فرصة يازهرة الزهور وما أحلاها رسالة في زمن السرعة وتذويب المسافات، في زمن تقلص البعد والنوى، في زمن احتضار الرسائل وعطالة سعاة البريد. قد تصلك رسالتي هذا الصباح - دون أختام ولا طوابع بريد- وأنت منهمكة -كالنحلة كما هي عادتك- في سبر أغوار رواية أو كتابة قصة قصيرة أو تلْوينَ اللحظةَ عنقَ نصِِّ أعجمي ليصير شهدا عربيا مقطرا. أو تستلهمين من قهوة الصباح قصائد و أشعارا. لَوَيْتِ عنقَ الرواية يا زهرة فأجدت،، وقالت لك القصة هيت لك فأغوتك وما استعصمت، و قرضت القريض فأحسنت. قدرنا أن نخلق على الدوام شخصيات من ورق، تحفظ الذكرى في الذاكرة، وننسحب، إلا أن عزوزة كلما عدت لها فتنتني بشيئ مازلت لم اكتشف كنهه وخيطه الرفيع، من بعد وياليتني لن اكتشفه. يقينا ستخلد عزوزة، حتى ولو بلغت من العمر عتيا، وستظل نصا روائيا ساحرا وهمزة وصل شاهدة على أديبة ساحرة لغة، ومروضة أفكار، وخالقة عوالم من الدهشة والإمتاع. ستظل ذاكرة شاهدة على ما اقترفتيه من سرد دافئ دافق بين البدو والحضر، ومحترفة حكي ساحر ملك ناصية فن القصة والرواية. من أي معدن نفيس يا زهرة نحتت عزوزة؟ بل من أي بلدة هي تلك الغزالة الشاردة، ومن أي ارض، بغثة، طلعت لك هذه اللبوة الجامحة؟ بل أي كاهن أو عراف أو حارس الجن ذاك الذي دلّك على مأواها؟ زوديني بعنوانها يا زهرة الزهور، فالزاد عندي في زوادتي لا يعوزني، ومتأهب أنا على الدوام للسفر بعيدا في قوافل من خيال /من اجلها / مقتفيا أثرها في بطون الكتب والأسفار، غير متهيب من وعثاء السفر وروتين محطات الانتظار. سأظل ابعث لها- كلما أزهرت أفكاري، وأنا في طريقي إلى مرابعها - برسائل مجهولة مجنونة في أغلفة مغلّقة معفّرة بالانبهار محمّلة بالوجد والمواجد في كل الأمكنة وعلى كل العناوين. لأني بكل بساطة عاشق السرد الريفي الأصيل المشبع بماء اللغة الزلال، ألفيتك هناك تغوصين عميقا، بلغة باذخة، في عوالم البادية ورائحة الطين الساحرة. ألفيتك متربعة على عرش الرواية، تجرينها بحنكة ودربة من قرنها لترييفيها في البراري، بعد أن ارتويت إبداعيا من فضاءات الأخاديد والأسوار، من علب اسمنت كازابلانكا الكوسموبوليت وواجهاتها الراقية حتى حدود ضفاف نهر سيشوان حيث تنبأ بودا. أو تعلمين أيتها المبدعة الأصيلة أن دبغ الجلد لا تزيده الأنفة المتأصلة في الذات والإباء الا صلابة ومجدا. فبين عمق الأخاديد وعلو الأسوار وظبت قبضة من إبداع آسر، ونسجت بمنوال السرد تجربة، بل مشروعا يرفض الرسو على حافة جزيرة جرداء أو ميناء مهجور والتزلف على العتبات والمشارف أو الخنوع لصك خادع او شيك يجعلك تخطئين الموعد و تتبخرين في جو النسيان والحساب بينما مازالت أحلامك، بعد كل عمل، تجتاز السقوف العالية والسحاب. قدرنا ان نكتب ونكتب لأن الأشجار التي لا تعطي ثمارا كما قيل تصبح حطبا للنار. وختاما، لك سلة فواكه من أشجار باديتنا. وفي انتظار ما يأتي من سرود عزيزة، لك سلامي وباقة تحايا بكل الألوان. هذه الزاوية مفتوحة للمبدعين وعموم القراء، يوجهون عبرها رسالة إلى كاتب مغربي أو أجنبي، حي أو متوفى. عنوان المراسلة:[email protected]