بنظرته السوداء، التي قد تخل بتوازن راهبة، فإن «الثعلب» كما كانت تسميه حنا أرنت لا يمكن، أن يبقى معه جمهور النساء لا مباليا. في الجامعة، يسحر الفيلسوف الشاب مارتن هيدغر مستمعيه. لكن، ستكون له قبل كل شيء وبصفة دائمة إلفريد بيتري Elfride petri التي صارت زوجته وأم أولاده. هذه الآنسة، امرأة متحررة ومشهورة بعدائها للسامية، جلبت معها الحنان الأمومي والرعاية إلى منزل هيدغر أو «عزيزي الأسمر الصغير»، كما كانت تدعوه، ربما بسبب سواد ضفيرة شعره وكذا سحنته الباهتة قليلا. الجميلة حنا أرنت Hanna Arendt ، طالبة لامعة تنحدر من أصل يهودي، ستقلب حياة الأستاذ. درست مادة الفلسفة بماربورغ Marburg من خريف 1924، إلى غاية 1926 . آنذاك، بلغ هيدغر من العمر خمس وثلاثين سنة، ويشتغل على كتابه : الكائن والزمان. عمل، سيغير به أسس الميتافيزيقا الغربية. علينا تخيل لقائهما، وسط ذلك الحي الجامعي بماربورغ. أستاذ استثنائي، تكتسيه كاريزمية أسطورية، وحلقاته الدراسية التي أحاطت بها شروط مسرحية كاملة. باختصار، فكر تجلى بلغة ملتهبة، لذلك وقعت حنا أرنت في أسر من جسّد لها: «الملك السري للفكر». تعود الرسالة الأولى للفيلسوف، إلى تاريخ 10 فبراير 1925 . كل شيء، تم ببساطة وشفافية ونقاء. مع ذلك، أنهى هيدغر رسالته، وهو يعتذر بشكل ملح بعد «لحظة غواية أثناء إحدى جولاتهما». ظل، ما وقع لغزا كليا. بعد ذلك، لم يحدث أي اتصال بين حنا أرنت وهيدغر طيلة الفترة الممتدة من 1933 إلى 1950 . غادرت التلميذة ألمانيا النازية، أما هيدغر فلم يزعجه قط، تحت سيادة هذه السلطة، أن يرأس جامعة فرايبورغ سنة 1934 . لكنهما، سيلتقيان ثانية يوم 7 فبراير 1950 . على الرغم من بعض لامبالاة هيدغر حيال أعمال أرنت، فقد كانت الأخيرة فاعلا أدبيا لا يكل، وكذا الصوت الإعلامي والمنافح الصلب عن مارتن، المعترف به كأحد الفلاسفة النادرين خلال القرن العشرين. إبان سنوات 1960، سيدشن العاشقان السابقان آخر حلقة لهما: تبادل فلسفي، من طبقة رفيعة. في سنة 1969 ، وقد بلغ هيدغر سن الثمانين ، نشرت صفحات مجلة «ميركور» شهادة مؤثرة لحنا أرنت في حق «أستاذها الذي تعلمت بجانبه، كيف تفكر». مع ذلك، نطرح التساؤل التالي : ألم يستسلم «العزيز الأسمر الصغير» لشهوته أمام طالبة يهودية جميلة، وهو ما كانت تحظره عليه كاثوليكيته المنتمية إلى منطقة سواب Souab الألمانية. (*) عن مجلة «LIRE»، عدد ماي 2008، ص 35