نزل إلى المكتبات الفرنسية كتاب حول حياة زوجة الرئيس الفرنسي، كارلا بروني ساركوزي تحت عنوان «كارلا وأصحاب الطموح»» الصادر عن دار النشر «دي مومان» للصحفيين أيف دوريه وميشال دارمون، والذي كتب عنها برضاها وتعاونها ويكتفي بسرد حياة كارلا كزوجة لرئيس الجمهورية، وكتاب «كارلا: حياة سرية»، سيرة ذاتية غير مرغوب بها، الصادرة عن دار «فلاماريون» بحسب بسمة لاهوري مؤلفة سيرة حياة النجم الكروي زين الدين زيدان. يبدو أن كارلا اختارت الصحافيين أيف دوريه وميكايل دارمون بالتحديد بسبب كتابيهما عن السيدة الأولى سابقا «سيسيليا» ساركوزي ووزيرة العدل سابقا وعضو البرلمان الأوروبي حاليا رشيدة داتي. وتتحدث عارضة الأزياء السابقة والمغنية والممثلة، التي لعبت أيضا دورا في فيلم وودي ألن الأخير، مطولا في كتاب «كارلا وأصحاب الطموح»، الذي صيغ بأسلوب القيل والقال ولكن بشكل جيد التوثيق عن حياتها إلى جانب الرئيس نيكولا ساركوزي الذي تزوجته في فبراير 2008. وقد سرت في الأسابيع الماضية شائعات تقول إن «كارلا وأصحاب الطموح» أُلف بناء على طلب من قصر الرئاسة، الأمر الذي نفاه أيف دوريه وميكائيل دارمون. وشجعت كارلا أصدقاءها ومساعديها على التعاون معهما وإعطائهما أي معلومات يريدانها، ولهذا فلا شك في صدق تفاصيل الكتاب. ومما لا شك فيه هو أن كارلا نفسها قرأت مسودة الكتاب ووافقت على محتوياته قبل طباعته. ومع ذلك فهي وزوجها ينظران الآن إلى هذا الكتاب بقدر من الندم وصل حد إصدار الإليزيه بيانا ينكر فيه أن تكون كارلا قد وافقت عليه باعتباره سيرة حياتها الرسمية. وطبيعي أن الزوجين ومعهما الإليزيه ينظران بغضب الى ما قاله الكاتبان من أنها تفرض كلمتها فوق كلمة كبير مستشاري زوجها للشؤون الخارجية، أو أنها تغير برنامج زوجها في اللحظة الأخيرة «وليحدث ما يحدث» وهكذا دواليك.. ويصفها الكتاب بأنها «يسارية بدون تفكير» دفعت بزوجها لارتكاب خطأين سياسيين مكلفين: الأول هو اختيار فريديريك ميتران ابن أخ الرئيس السابق (الاشتراكي) لمنصب وزير الثقافة. ورغم تعدد مواهب هذا الرجل الكاتب والسينمائي الفنان وأهليته للمنصب، فقد اعترف في كتاب سيرة حياته الذاتية الذي قرأه الزوجان ساركوزي بأنه «تذوّق طعم الشذوذ الجنسي» في زيارة له الى تايلاند. ومع اندلاع الفضيحة والمطالبة باستقالته، أجبرت كارلا زوجها على الاحتفاط به وهو ما كلّفه خسارة المحافظين التقليديين داخل حزبه. وسعيا للسير على نهج السيدة الأولى السابقة سيسيليا، تعمدت كارلا إلقاء الضوء على صداقة جديدة جمعتها بطليقة ساركوزي الأولى، ماري دومينيك التي أنجبت له اثنين من أبنائه. وكان لهذا أثر كبير عندما حاول ساركوزي، بناء على رغبة كارلا، ترشيح جان (23 عاما) أحد ابنيه من ماري دومينيك، وهو طالب الحقوق ولكن بدون أي شهادة أكاديمية، ليترأس لجنة تطوير منطقة تجارية في غرب باريس، وهو أحد أكبر مشاريع العاصمة التنموية. ووصف القرار على الفور بأنه «محسوبية رئاسية في وضح النهار» وتفاقمت الفضيحة بسبب إصرار ساركوزي على عدم التراجع. ورغم أن جان نفسه انسحب لاحقا من المشروع، فقد حدث لساركوزي ما حدث من ضرر. ووفقا لهذا الكتاب أيضا ، فإن كارلا تغير برنامج زوجها في اللحظة الأخيرة إذا اعتقدت أنه مرهق بالنسبة له، وبغض النظر عن حجم الإعدادات التي سبقته أو عدد الناس الذين سيظلون دهرا في انتظاره. لكن هذه، تبعا لديلي تلغراف، هي الأخبار الطيبة فقط! وتبعا للكتاب فقد رفعت كارلا النقاب ايضا عن تفاصيل محرجة في حديث خاص لها مع سيدة أمريكا الأولى ميشيل اوباما. وتبعا لها فقد أخبرتها ميشيل بأنها تكره الحياة في البيت الأبيض. وتعتقد كارلا أيضا أنها ضحية مؤامرة دبرتها رشيدة داتي، وزيرة العدل السابقة ، وشخص آخر وصفته بأنه «عرّاف» من أجل نشر الشائعات المعيبة عن حياتها الخاصة. فلم يكد الكتاب يخرج إلى النور وتبدأ المكتبات المختلفة في الشروع ببيعه إلا ويصدر تصريح من كيتي ماكورميك، المتحدثة الرسمية باسم ميتشل أوباما زوجة الرئيس الأمريكي، تنفي فيه نفيا قاطعا ما ذكر في الكتاب على لسان السيدة الأولى في أمريكا من أن الحياة في البيت الأبيض لا تطاق. وأكدت كيتي بأن «ميتشل لم تتفوه إطلاقا بهذه الملاحظة» وأن كارلا ربما أرادت أن تجد في حياة زوجة الرئيس الأمريكي ما يعكس ما تشعر به هي نفسها في قصر الإليزيه. والفقرة من كتاب كارلا والتي أثارت الجدل، يذكر فيها مؤلفا الكتاب أن سيدة فرنسا الأولى، أثناء زيارة زوجها الرسمية إلى واشنطن في مارس الماضي، قد التقت بالسيدة ميتشل أوباما وطرحت عليها سؤالا حول ما إذا كانت سعيدة في حياتها بالبيت الأبيض، فما كان من الأخيرة إلا وأجابت قائلة: «لا أود أن أتكلم عنها؛ فهي الجحيم بعينه إنها حياة لا تطاق». المفاجأة أن السفارة الفرنسية نفسها في واشنطن نفت أن تكون السيدة أوباما قد تفوهت بهذه العبارة. وقال المتحدث باسم السفير الفرنسي هناك إن «السيدة كارلا بروني تنأى بنفسها تماما عما يذكره هذا الكتاب». وهو الأمر نفسه الذي أكده المتحدث باسم البيت الأبيض، روبرت جيبس، في رسالة بثها له موقع «تويتر» بعد هذا التصريح بساعات. مؤلفا الكتاب، إيف دراي وميكائيل دارمون في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية، دافعا عما ذكراه في كتابهما قائلين إن تصريحات السيدة أوباما قد اقتطعت من سياقها مؤكدين أنه يبدو أن الجانب الأمريكي «قد أساء تفسير دعابة تم تبادلها بين السيدتين على مائدة عشاء غير رسمي وفي حالة من الاسترخاء»، رافضين في الوقت ذاته الكشف عن المصدر الذي أدلى لهما بهذه المعلومات. «كارلا: حياة سرية» وإن كانت كارلا قد جلست ساعات طويلة مع مؤلفي هذا الكتاب، فقد رفضت حتى مقابلة بسمة لاهوري، مؤلفة الكتاب الثاني عنها وهو بعنوان «كارلا.. حياة سرية»، ومنعت أصدقاءها ومساعديها من إعطائها أي معلومات. ومع ذلك فإن الصورة اتي رسمتها هذه المؤلفة عن كارلا تشير الى امرأة ذكية دؤوبة تكرس حياتها لمبادئها ويرجع فضل نجاحها لمهنتها التي اختارتها «كموديل ومغنية» للتفكير المتأني في أهدافها وأفضل كيفية لتحقيق هذه الأهداف. وفي هذا الكتاب يعلم القارئ ، ليس عبر كارلا نفسها، وإنما عبر زملائها ومصوريها ومحرري صحافة الأزياء والوكلاء الفنيين منذ أن كانت في السادسة عشرة من العمر عندما بدأت مهنتها كموديل، أنها كانت دقيقة في مواعيدها ولطيفة المعشر مع الجميع سواء كانوا نجوما أو طامحين في بداية الطريق وراغبة في التعلم وغير متخوفة من الطرق الوعرة والمهام الشاقة. وقد وصف كتاب «كارلا: حياة سرية» عارضة الأزياء السابقة كارلا بروني نقلا عن مقربين منها أو عن رجال ربطتهم بها علاقات عاطفية «بالنمرة» و«فاتنة الرجال» و«الزهرة الزرقاء» بحسب قول صديقها «قناص الصور» باسكال روستان و«نقيض الأميرة ديانا» بحسب أحد المتعاونين مع الاليزيه. وتخبرنا المؤلفة بأن كارلا سعت وراء الرجال في حياتها من أمثال نجوم الروك والبوب إريك كلابتون وميك جاغر وحتى نيكولا ساركوزي بنفس ذلك القدر من الذكاء والتصميم والعزيمة (ومن هنا جاء وصفها بأنها «دون خوان نسائى»). ومع أنها كانت تلقي برجل في سلة المهملات من أجل آخر في سلسلة طويلة، فقد استطاعت عبر ذكائها ولطفها ، الحفاظ عليهم جميعا كأصدقاء، بحيث أن ساركوزي، في منزل عائلتها الريفي، كان يركض مع أحد هؤلاء ثم يركب الدراجة في سباق مع آخر، وهكذا دواليك قبل أن يجلس الجميع الى المائدة نفسها. والشيء نفسه مع سلسلة طويلة من عمليات الجراحة التجميلية. لكن هذا ليس جديدا. فبعدما اختطفت المفكر رافائيل انتوفين تحت بصر زوجته اليافعة في مراكش قبل عشر سنوات، كتبت هذه الأخيرة رواية بشخصية من الواضح أنها تشير الى كارلا، وسمتها «المرأة البايونية» في إشارة الى أن أعضاء جسدها «مصنّعة». وتقول مؤلفة الكتاب بسمة لاهوري إنها كانت راغبة في تسليط الضوء على «الدور الذي تلعبه كارلا بروني إلى جانب زوجها الرئيس نيكولا ساركوزي» مضيفة «لقد قمت بتحقيق صحفي و80 بالمائة من المصادر التي استجوبتها مذكورة أسماؤها في الكتاب». وقد سافرت المؤلفة إلى ميلانو ونيويورك وإلى جنوبفرنسا وغيرها من الأماكن لمقابلة معارف سيدة فرنسا الأولى من مصممي ومصوري عروض الأزياء إضافة إلى برلمانيين فرنسيين. كما خصصت المؤلفة مساحة تناولت فيها حب كارلا بروني لعمليات التجميل وعلاقتها بالمختصين في هذا المجال. وكشفت لاهوري في حديثها المذكور أن بيار شارون، أحد مستشاري الرئيس الفرنسي السابقين ، حاول ثنيها عن مشروع كتابها وبأن عراقيل واجهتها في الاتصال بمقربين من السيدة الأولى، فذكرت أن «عشية موعد مع والدة كارلا بروني اتصلت الوالدة وألغت الموعد بناء على طلب من ابنتها». وتؤكد دار النشر الفرنسية «فلاماريون» بأن الكتاب عبارة عن تحقيق غير منحاز وغير قائم على أفكار مسبقة» مضيفة «بأن محاميي دار النشر أمضوا وقتا طويلا في مراجعة النص تحسبا لأي مشكلة قانونية». الفرنسيون، والعالم معهم، محتارون مع صدور كتابين جديدين عن سيرة حياة السيدة الأولى كارلا بروني - ساركوزي. وهذا لأن كلا من الكتابين يقدم موضوعه من زاوية مختلفة وقد تتضارب مع زاوية الكتاب الآخر.