غزت كتب المقرر المدرسي المطبوعة في الصين والهند، مختلف الأسواق المدرسية، معلنة بذلك دخول المطابع المغربية ومستخدميها في تنافسية غير متكافئة جديدة تنضاف إلى تنافسية المطابع الإسبانية والإيطالية. الغزو الجديد يفرض طرح العديد من التساؤلات المرتبطة بمدى قدرة السلطات المغربية الوصية على تحويل الكتاب المدرسي المقرر إلى رافعة تنموية تزاوج بين توفير نوعية المناهج الملائمة لتكوين جيل يلبي حاجيات المقاولة من الأطر والتقنيين، وبين تسخير الكم الهائل من الكتب المقررة، التي يتراوح عدد نسخها في مراحل التعليم الأولي والإعدادي والثانوي بين 24 و 28 مليون نسخة في السنة، في الرقي بصناعة الطباعة وتأهيلها لخلق المزيد من مناصب الشغل، وللمساهمة في التخفيف من وتيرة تفاقم العجز التجاري ومن تدني مستوى الموجودات من العملة الصعبة. من المحقق أن الوضع الحالي للمطابع المغربية لا يسمح لها بطباعة هذا الكم من الكتب المدرسية في فترة تؤمن تغطية كل حاجيات السوق عند انطلاق الموسم المدرسي، لكن من المحقق كذلك أن تأهيل المطابع المغربية يخضع بالضرورة إلى القرار السياسي المغربي. ولعل ما ينطبق حالياً على مقررات محاربة الأمية قابل للتعميم على مقررات التعليم الرسمي، إذ أن التنصيص في دفتر التحملات على ضرورة إنجاز كل عمليات الطبع داخل التراب الوطني أعطى للمطابع المغربية فرصة التنافس في ما بينها على طباعة حوالي 800 ألف نسخة في السنة. لقد خضع نشر وطباعة الكتاب المدرسي، منذ عدة سنين، إلى تعديلات طالت مختلف الجوانب المرتبطة بهذا القطاع الذي يروج سنوياً مبالغ مالية تقدر بملايير الدراهم. وأمام غياب استراتيجية واضحة المعالم، فإن جل البرامج الاستعجالية المرتبطة بالقطاع لم تتجاوز لحد الآن مراحل المناقشة والإعداد. وإلى أن تنطلق العجلة الفعلية للإصلاح، فإن مختلف مراحل إنتاج وتسويق الكتاب المدرسي المقرر من طرف الوزارة الوصية، أفرزت علاقات جديدة ظاهرها تأمين عرض الكتاب المدرسي بالوفرة الكافية وبأسعار متدنية، أما ما خفي منها فيتضح بشكل جلي في الكلفة الإجمالية للكتب التي يدفعها الآباء والأولياء عن كل تلميذ عند انطلاق كل موسم دراسي جديد، وفي مستوى التحصيل الذي تظهر نتائجه في نهاية الموسم الدراسي. إن طباعة الكتاب المدرسي المقرر في الصين والهند اللتين تبعدان عن المغرب بحوالي 10 آلاف كيلومتر، في فترة متميزة بارتفاع كلفة الشحن البحري، تحتاج إلى وقفة للتأني، خاصة أن الكميات المطبوعة من كل نسخة جد محدودة مقارنة مع باقي السلع الصينية والهندية التي تنتج بملايين النسخ. فإذا كان أرباب المطابع المغربية قد سبق لهم أن أعلنوا في أكثر من مناسبة عن استعدادهم للاستثمار في حال ما إذا التزمت الحكومة المغربية بطبع كل المقررات في المغرب وأعطتهم مهلة سنة واحدة، فإن كل العوامل التعليمية منها والاقتصادية توفر إمكانية اتخاذ قرار يفرض القيام بكل عمليات الإنتاج والتسويق في المغرب، أما الأسعار فهي قابلة للتحديد حسب تقلبات أسعار المواد الأولية، وخاصة منها الورق، وقابلة كذلك للمراجعة كل سنة أو سنتين.