سجلت البرمجة التلفزيونية الدرامية على قناة الأولى أوالقناة الثانية خلال الموسم التلفزيوني الرمضاني الحالي، حضورا كميا غير مسبوق.. فلم يسبق أن عرفت الدورة البرامجية اليومية للقناتين في المواسم السابقة هذا الكم الهائل من الانتاجات الدرامية الوطنية والأجنبية.. تحولت على إثرها القناتان معا إلى قناتي دراما بامتياز دون «إذن» مسبق من الهيأة العليا للسمعي البصري «الهاكا» ؟؟؟؟ بفعل الغياب الملحوظ للبرامج التلفزيونية الاجتماعية والثقافية والتحسيسية والحوارية.. التي تضفي عليها صبغة القنوات العامة كما هم مسطر في مختلف القنوات الفضائية الشبيهة على طول وعرض خريطة الوطن العربي. ولعل هدا الاختيار الذي وقع عليه من قبل المشرفين على البرمجة في القنانين قد جانب الصواب وأفرز نتائج عكسية للمتوقع. وجعل بالاخص المنتوج التلفزيوني الدرامي الوطني لم يخرج من بوتقة ردة الفعل السلبية من قبل المشاهدين المغاربة، مثلما تعرض لها في المواسم السابقة، وذلك ليس لأن بعض الانتاجات الدرامية الحالية تفتقد للحد الادنى من عناصر الانتاج المحترم نصا وأداء واخراجا و تنفيد انتاج.. ولكن للمراهنة؛ في شبه اصرار؛ على عامل الفكاهة كعصب البرمجة اليومية، التي سنكون مجحفين إن لم نقل إنها سجلت هدا الموسم نقلة، قد تكون إلى الأمام؛ وقد تكون، كذلك، إلى الوراء؛ لكن الأهم فيها أنها قد تخلصت من «علامات ماركات كوميدية» معروفة احتكرت المشهد التلفزيوني «الفكاهي» الوطني لسنوات عديدة ، كانت خلاصته الواضحة والجلية الاساءة لهذا الفن الدرامي الراقي الذي يتغيا تقديم لحظات متعة وترفيه عوض لحظات «شد» اعصاب وتنغيص، بفعل رداءة أعمالها واستبلادها للمشاهدين المغاربة عبر ارتجال وفبركة وو.. مشاهد وحلقات إن لم يكن العمل برمته تفتقد لأي مضمون ترفيهي هادف يقول إنها تتوجه إلى مشاهدمواطن له كرامة واحساس وحواس يميز بها ما بين الغث والسمين واشياء اخرى تسمى الضحك على الدقون.. وكل هذا، بالتالي، جعل القناتين معا في دائرة الاتهام حتى تثبت براءتهما. ان الرهان على عامل الكم الدرامي الذي اعتمدته القناتان معا هذه السنة وفي شبه اتفاق لتجاوز، فيما يبدو، الاخطاء والهفوات السابقة عن طريق عامل التنوع بهدف «التغظية» على بعض الانتاجات الضعيفة.. نعتقد أنه اساء للبرمجة التلفزيونية البرمضانية التي جمعت معظم الاعمال الكوميدية في فترة زمنية واحدة وموحدة، الأمر الدي تسبب في نوع من «التخمة» افقدت المشاهدين «حاسة» التذوق، كما أساءت لانتاجات تلفزيونية كوميدية أو درامية نوعا ما جادة وهادفة لتحقيق فرجة تلفزيونية حقيقية، وهي تدرج بجوار أخرى لا ندري محلها من «الاعراب» الانتاجي، لانها ببساطة لا علاقة بشىء اسمه ابداع درامي تلفزيوني، تعلق الامر «بالنص» الذي هو عبارة ارتجال مفضوح.. أو الاخراج الذي جاء كما اتفق الامر ، كذلك، الذي يدفع الى التساؤل حول حقيقه اسناد تنفيد انتاج اعمال أو قبول بعض أعمال شركات تنفيد الانتاج دون معايير وومقاييس مهنية مضبوطة معروفة، وكأن قبول هده الانتاجات، التي تضر بالبرمجة والمشاهدين معا، جاءت ل«ترضية خواطر» بعض «الشركات» في اطار «قسمة طيزى» ولو على حساب الجودة، وعلى حساب أموال تدهب هدرا، والأخطر من ذلك على حساب انتظارت المشاهدين الذين دائما ودوما يصدمون في بعض اشباه الانتاجات التي لا يعلم «صناعتها إلا ذوو الشأن، ومع ذلك فهذا لا يعدم كون انتاجات كوميدية وطنية رمضانية حالية توفرت فيها بعض عناصر اجتهاد وجودة، من فكرة جيدة ومواقف معبرة.. حتى وإن ترواحت حلقاتها المتصلة المنفلصة بين مد وجزر، لكنها، وبالرغم من ذلك، ذهبت ضحية البرمجة السيئة والدفع بها في متاهات البث الذي جعل الكل في قفة تلفزيونية واحدة. وحتى لا نبقى عدميين، فإن من نقط الضوء في هده البرمجة الرمضانية، نجد بعض الافلام التلفزيونية والسينمائية المغربية سواء بالقناة الاولى أو الثانية، التي كانت بحق متعة درامية حقيقية، بعضها قارب حكايات من التراث الحكائي المغربي وبعضها الآخر قارب قضايا اجتماعية.. معاصرة.. وبثها في سيل تلفزيوني درامي جارف خلال هذا الشهر، أحيانا، في أوقات غير مناسبة قد فوت الفرصة على الكثير من المشاهدين، لأن متابعتها الوفية نعتقد انها كانت ستغير الكثير من المواقف المتصلبة حول حقيقة الدراما الوطنية.