طقوس مختلفة تلك التي يعيش على إيقاعها كورنيش عين الذئاب ليلا خلال الشهر الفضيل الذي نعيش أيامه الأخيرة، التي تتميز بالقيظ وارتفاع درجات الحرارة، وذلك انطلاقا من المركب السينمائي «ميغاراما» إلى غاية منطقة سيدي عبد الرحمان، وإن كان القاسم المشترك بينها هو الفوضى والعشوائية، التي تظهر أولى ملامحها مع ركن سيارة الزائر أكان فردا أو جماعة، إذ تنطلق المعاناة مع حراس السيارات الذين ينتشرون كما ينتشر الفطر، ويتوحدون في ارتداء صدريات، ويحملون بين أيديهم تذاكر يحاولون من خلالها فرض تسليمهم مبلغ 5 دراهم عن كل سيارة؟ التجول على رصيف الكورنيش لن يكون بالضرورة هادئا بفعل الدراجات النارية والهوائية التي يتجول بها أصحابها جنبا إلى جنب مع الراجلين، وسط مخلفات الخيول وأحصنة «البوني» السائلة منها والصلبة، والتي لايكلف أحد نفسه عناء تجميعها، لتترك على حالها مؤتثة بدورها إلى جانب أشياء أخرى ليل «عين الذئاب»، كما هو الحال بالنسبة لصخوره التي تعرف ليلا ظاهرة الجزر، حيث تنسحب المياه تاركة الفضاء لأشخاص من مختلف الأعمار منهم أسر بكاملها تمركزت على رمال الشاطئ بحثا عن نسيم عليل يساهم في تلطيف الجو بالنسبة لهم، وأشخاص آخرين تحلقوا إما لتدخين لفافات الحشيش أو النرجيلة، بينما يفضل آخرون التقدم نحو البحر قدما بحثا عن مآرب خاصة ..! ليل عين الذئاب المتنوع الذي تتجول بكورنيشه العاهرات، والشواذ والمتشردين ..، والذي اصطفت على جنابته خيام وكراسي عبارة عن «مقاهي» تغري الزائرين بولوجها والجلوس لتناول مرطبات، وتجاذب أطراف الحديث على مقربة من مياه البحر، بعضها تم «الترخيص» له باستعمال مكبرات الصوت، وأن يطلق العنان للموسيقى الصاخبة، والبعض الآخر مع أولى «النغمات» يهب إلى أصحابها «المقدمين» و «المخازنية» لمنعهم من القيام بهذه الخطوة؟ الكسكس، البيتزا، الحريرة، أسياخ الشواء والطاجين ... مأكولات متعددة تجد طريقها هي الاخرى إلى عين الذئاب ليلا، منذ آذان المغرب إلى حدود الفجر، فرماله تصبح رغما عنها خلال هذه الأيام عبارة عن مطعم في الهواء الطلق، يتفنن خلالها البعض في الكشف عن مواهبه في إعداد المأكولات أو في «افتراسها»! الذرة المشوية، التين الشوكي، المثلجات، الحلزون، «الصوفة»، وعشرات الالعاب المعروضة للبيع ... وغيرها من «السلع» تشكل طقسا آخرا من طقوس عين الذئاب الليلي، حيث يسارع الاطفال لحث آبائهم على اقتناء ما شاهدته أعينهم، قبل أن يتحولوا إلى المطالبة بالدخول إلى ألعاب مختلفة بالهواء المضغوط التي يودون ملامستها والتأرجح فوقها، وتبقى بعيدة المنال بالنسبة للعديدين مادامت التسعيرة لاتناسب وبأي شكل من الأشكال هذه الألعاب والتوقيت المستغل، الذي سرعان ما ينقضي مع انقضاء الدراهم.