لا يمكن الحديث أو تقديم مدينة مولاي إدريس زرهون دون الحديث عن موقع الحامة الذي يمثل أحد أهم فضاءات المدينة ومنتزهاتها الطبيعية. موقع الحامة بحوضه الدائري يعود تاريخه حسب البعض إلى الفترة الرومانية أي نهاية القرن الأول وبداية القرن الثاني الميلاديين.. تواجدُه في منطقة جبلية عند عنق واد خومان جعل منه فضاء طبيعا خلابا ومنتزها فريدا يرتاده سكان المدينة وزوارها قصد النزهة والإستحمام خصوصا في فصل الصيف، حيث يُملأ الحوض بمياه العين الكبريتية الدافئة موفرة بذلك فضاء للترفيه وعلاج أمراض الجلد.. وإذا كانت الحامة قد استُخدمت منذ الفترة ما قبل الإسلامية كفضاء للترفيه والعلاج، فإن المسؤولين المحليين الآن قد جعلوا منها أيضا مطرحا للأزبال والنفايات، وبذلك لم يحكموا على الحامة بالإعدام فقط، بل جعلوا من الموقع الطبيعي نموذجا لإنتهاك الثروات الطبيعية والبيئية.. وهذا في الوقت الذي خلدت فيه المملكة هذه السنة يوم الأرض والبيئة ووقعت المعاهدات والإلتزامات بحماية البيئة ومحاربة كل أشكال الثلوث البيئي والطبيعي، وحيث أجمعت الدولة بكل مكوناتها على أن تحديات المستقبل لا يمكن رفعها إلا من خلال بيئة نظيفة وسليمة كما أكدت ذلك الخطب الملكية والبرامج التي أُعطيت إنطلاقتها في هذا المجال... أما المبرر الذي فضل المسؤلون بالمدينة الإختباء وراءه دون حراك، فيتمثل في صعوبة إيجاد مطرح بديل عن الموقع الأثري. نعم قد يكون توفير مطرح للأزبال يشكل مشكلا حقيقيا، لكن إهمال المسؤولين المحليين وانشغالهم عن مشاكل المدينة وإيجاد الحلول لها هو الواقع الحقيقي، لأننا نعلم جميعا أن الإرادة التي تُنبِتُ أشجار النخيل الفارهة وتقيم الحدائق في ليلة واحدة، لن يعجزها حل مشكل يدخل ضمن صلب التدبير المحلي! ولهذا، إذا كان روادالحامة من سكان المدينة وزوارها لا يسعهم سوى التنديد ورفع الصوت باللهم إن هذا لمنكر، فإن تدخلا عاجلا من المسؤولين من أعلى مستويات الدولة يفرض نفسة بشدة من أجل وضع حد لهذه الجريمة الشنعاء ووقف النزيف تداركا لما يمكن تداركه..