في غمرة الاحتفالات بعيد العرش تأبى السلطات المحلية بالمدينة العتيقة إلا أن تعكر هذا الجو بتنفيذها قرار إفراغ ساكنة المنزل رقم 14 بدرب سيد المخفي بتيزمي الكبيرة، وترمي بمسنات كن يكترين هذا المسكن منذ فجر الاستقلال. فحسب مليكة الحوزي (72 سنة )، تقول أنها اكترت هذا المنزل المكون من 3غرف و مطبخ، غداة زواجها وتتذكر ذلك التاريخ بتزامنه مع رجوع المغفور له محمد الخامس من المنفى، ومنذ ذلك الحين وهي تؤدي للمرحومة طامو بنت ميلودة واجب الكراء الذي ارتفع من 35 درهم إلى 250 درهم وبعدها لبنت أختها سارة. وفي خضم مأساة سقوط صومعة مسجد باب برادعيين، سقط باب منزلنا وحضرت لجنة لمعاينة الضرر وتحدثوا إلينا وقاموا بالتقاط صور مع صحافيين وتم تسجيلنا في لائحة المستفيدين وطلبوا منا الانتظار، لنفاجأ - تضيف السيدة مليكة - بإفراغنا بالقوة بعدما عمد مقدم الحومة على طلب بطاقتنا الوطنية، والتوقيع على ورقة لا نعرف فحواها، ويخبرنا فيما بعد بأن الأمر يتعلق باستصدار حكم علينا بالإفراغ دون علمنا. هذه الحكاية كما روتها السيدة مليكة والدموع تنهمر من عينيها وهي المريضة بداء السكري التي وجدتها إحدى السيدات التي تكتري بدورها بيتا مع الجيران رفقة أبنائها، وآوتها معها في انتظار إنصافها حسب إفادتها لنا. وإذا كانت مليكة وأخريات محظوظات لانهن وجدن من يأويهن، فإن السيدة يامنة حمادة البالغة من العمر أزيد من 92 سنة وجدت نفسها أمام باب المنزل الذي قطنته لأزيد من نصف قرن عرضة للضياع والتشرد دون رحمة ولا شفقة. وحتى إذا افترضنا أن تنفيذ حكم الإفراغ لا مناص منه، فكان حريا بالسلطات العمومية أن تعمل على إيواء هؤلاء المسنات في دار العجزة أو الخيرية في انتظار تسوية وضعيتهن.