أعطى المشرع للقضاء الإداري سلطات واختصاصات واسعة بخصوص الحسم في المنازعات التي يكون أحد أطرافها الدولة المغربية أو بعض مؤسساتها العمومية وشبه العمومية في شخص الموظف الذي تم تعيينه لتدبير شؤونها . منذ دخول القانون رقم 90/41 المحدث بموجبه المحاكم الإدارية حيز التطبيق صدرت عن القضاء الإداري بمختلف درجاته أحكام تركت صدى إيجابيا ليس فقط لدى المستفيدين منها ولكن كذلك لدى رجالات القانون والمتتبعين لمسيرة القضاء بصفة عامة بالمغرب. المحكمة الإدارية بالدار البيضاء، أصدرت الحكم رقم 5 في الملف عدد 2007/10 غ بتاريخ 2008/1/2 يقضي باختصاصاتها للبت في دعوى مواطن ضد الدولة المغربية بشأن اعتداء مادي ندرجه تكريما للقضاء ودعما لاجتهاداته الحامية للحقوق الحريات. الوقائع »بناء على المقال الافتتاحي للدعوى الذي تقدم به المدعي بواسطة نائبه لدى كتابة ضبط هذه المحكمة عرض فيه أنه بيده منذ أربعين سنة خلت قطعة أرضية مساحتها ثلاثة هكتارات ونصف ورسمها العقاري عدد /9333 س يستغلها حرثا وسكنى واستغلالا من يد الدولة المغربية كانت جارية على ملكية معمر فرنسي، وأن واقعة الاستغلال ثابتة بمقتضى الرسم العدلي 8/ صحيفة 7 كناش 57 بتاريخ 2000/11/24، وقد سبق له أن تقدم بطلب من الدولة المغربية أن تفوت له العقار المذكور، بصفته يتمتع بحق الأسبقية حسب المناشير الوزارية الجاري بها العمل، إلا أنه فوجئ أخيرا أن المدعى عليها قد باعت القطعة موضوع الطلب الى أشخاص غرباء على العقار، مما يشكل إخلالا قانونيا بحقوقه التي اكتسبها من خلال مرور أربعين سنة كما أنه لم يتم استدعاؤه من طرف اللجنة الوزارية كطرف أساس في التصرف الذي قامت به المدعى عليها مع المدعى عليهم مما يشكل اعتداء وأضرارا بحقوق العارض على اعتبار أن تواجده المستمر في العقار عن طريق الاستغلال والسكنى، يخول له حق التفويت بالدرجة الأولى. لأجل ذلك يلتمس الحكم بإلغاء العقد بالتفويت موضوع الطعن والحكم بتفويت الرسم العقاري عدد 9333 / س لفائدة العارض، اعتبار الحكم الصادر بمثابة عقد بيع، أمر السيد المحافظ على الأملاك العقارية بتسجيله في الصك العقاري. وأرفق مقاله بعقد التخلي موجب الاستغلال وشهادة الملكية. وبناء على المذكرة الجوابية المدلى بها من طرف الدولة الملك الخاص جاء فيها أن الدعوى الحالية ترمي الى إلغاء عقد بيع وتسجيل المدعي في الرسم العقاري موضوع الدعوى والحال أن مثل هذا الطلب لا يندرج ضمن الاختصاصات الواردة في المادة 8 من القانون رقم 90/41 المحدثة بموجبه المحاكم الادارية، لذلك يتعين التصريح بعدم الاختصاص النوعي لهذه المحكمة، وشكلا فإن المدعي لم يدل بأية وثيقة تثبت صفته في الادعاء مما يعد خرقا لمقتضيات الفصل 32 من قانون المسطرة المدنية، كما أن المدعي طالب بإلغاء التفويت الذي تم لفائدة المدعى عليهم مع أمر السيد المحافظ بتسجيل الحكم الذي سيصدر بعد اعتبار بمثابة عقد في الرسم العقاري مما يستتبع التشطيب على المدعى عليهم في الرسم المذكور والحال أن الفصل 96 من ظهير 12 غشت 1913 بشأن التحفيظ العقاري ينص على ضرورة تقديم طلب التشطيب الى المحافظ وفي حالة صدور قرار منه بالرفض يكون قراره قابلا للطعن ضده أمام المحكمة الابتدائية وبعد ذلك من صميم اختصاص القضاء العادي. وبما أن المدعي لم يثبت تقديمه للطلب المذكور فإن ذلك يشكل خرقا لمقتضيات الفصل 196 ويوجب بالتالي عدم قبول طلبه واحتياطيا في الموضوع، فإن العارضة كانت تملك العقار موضوع الرسم العقاري عدد 9333 /س الذي استرجعته من سلفها الشركة المدنية »لودوتا« مساحته 03 هكتارات 10 آر 45 سنتيارا، الكائن بتيط مليل عمالة مقاطعات سيدي البرنوصي، عملا بمقتضيات ظهير 2 مارس 1973 والقرار الوزاري المشترك عدد 779/73، الصادر بتاريخ 30 يوليوز 1973. وحيث ان المدعي لم يدل بأية وثيقة في الملف تبرر ادعاءاته، لذا فإن العارضة لا يمكنها مناقشة دعواه إلا بعد إدلائه بما يفيد مزاعمه، لذلك تلتمس حفظ حقها في مناقشة ما سيدلي به. والتمست التصريح بعدم الاختصاص. وبعد المداولة طبقا للقانون: حيث إن مؤدى الطلب الحكم بإلغاء عقد التفويت الذي بوجبه فوتت الدولة المغربية الملك الخاص القطعة الأرضية ذات الرسم العقاري عدد 9333 / س للمدعى عليهم والحكم تبعا لذلك بتفويتها له بعلة أنه يستغلها منذ أربعين سنة خلت واعتبار الحكم الذي سيصدر بمثابة عقد بيع وأمر السيد المحافظ على الأملاك العقارية بتسجيله في الصك العقاري. وحيث واجهت المدعى عليها الدعوى بدفوعات رامية الى عدم اختصاص المحكمة الإدارية نوعيا للبت في النزاع باعتبار الطلب لا يندرج ضمن الاختصاصات الواردة بالمادة الثامنة من القانون رقم 90/41 المحدثة بموجبه المحاكم الإدارية. لكن حيث إنه بالرجوع الى وقائع الدعوى يتبين أن الطاعنة لا تنازع في صحة وسلامة عقد التفويت موضوع الطعن بالإلغاء وإنما تهدف الى الطعن في قرار الدولة المغربية الملك الخاص لما شابه من شطط في استعمال السلطة ترتب عنه اعتداء مادي على ما يتمتع به المدعي من حق الأسبقية في الاستفادة من اقتناء القطعة الأرضية التي كانت تستغلها منذ أربعين سنة خلت. وحيث بذلك لا يمكن أن يعتبر طلب الطاعن على النحو الوارد بالمقال خارجا عن نطاق ما حدد في الفصل الثامن من قانون 41/90 المحتج به مما يكون معه الاختصاص منعقدا للمحكمة الإدارية«.