اعتبر جلالة الملك في خطاب العرش لهذه السنة أن من التحديات التي يواجهها مسارنا التنموي، إصلاح النظام التعليمي بما يجعله يلائم «بين التكوين العلمي والمهني والتقني وبين مستلزمات الاقتصاد العصري، وتشجيع البحث العلمي والابتكار، والانخراط في اقتصاد ومجتمع المعرفة والاتصال». وقد أكد جلالته أن «من مسؤولية الجميع، الإقدام على اتخاذ قرارات شجاعة» في هذا الإطار، مما يعطي الإشارة إلى الحاجة إلى مباشرة حوار جدي وجماعي ومسؤول حول المسألة التعليمية ببلادنا، خاصة أن الخطاب الملكي يأتي قبل شهر واحد من انطلاق الموسم الدراسي الجديد الذي نأمل أن يتجدد خلاله التشخيص الملائم للوقوف على مواطن العطب، ولاستشراف الإمكانيات والمؤهلات البشرية والرمزية. لقد أقرت بلادنا، في منعطفات اجتماعية مختلفة، تصورات ومنهجيات للإصلاح، كان آخرها الميثاق الوطني للتربية والتكوين، والمخطط الاستعجالي. ومع ذلك، لاتزال العوائق قائمة. لايزال هناك خلل بين التكوين وسوق الشغل، وبين طبيعة التعليم العمومي والتعليم الخصوصي، مثلما لاتزال أمامنا أشواط أخرى لتدارك رهان التحديث والانخراط في مجتمع المعرفة والاتصال. ولذلك، فقد حان الوقت لإبداع مقاربات جديدة للمسألة التعليمية، التي طالما اعتبرناها قضيتنا الأساسية بعد القضية الوطنية، والتي تحظى بغلاف مالي هام من ميزانية الدولة. من مسؤولية الجميع، إذن، أن ينخرط في مشروع الإصلاح بروح جديدة تواكب ما تعرفه بلادنا من مشاريع الإصلاح على جميع المستويات، وهذا الانخراط لن يكون ناجعاً ما لم ترسم له أهداف واضحة، وما لم نتحل بشجاعة الاعتراف بالخطأ حيثما كان، وبالصواب حيثما الصواب، وهذا وحده ما يجعلنا نتفادى من جديد إضاعة الوقت والجهد، وتعميق مزيد من الهوة بين مغرب اليوم ومغرب المستقبل.