بمجرد حلول العطلة الصيفية يعمل العديد من المغاربة المقيمين ببلاد المهجر على حزم حقائبهم والعودة رفقة أسرهم للبلد الأم ، لزيارة الأهل ، والاستمتاع بأيام العطلة برفقتهم ، قصد التخلص من ضغط العمل ونسيان حياة الغربة ولو لأيام قليلة . لكن الأمر بالنسبة لبعض المهاجرين يبدو مختلفا ، إذ أن العطلة الصيفية لا تعني زيارة المدن والجهات المغربية السياحية ، والاستمتاع بأجوائها الصيفية ، بقدرما تؤشر على طابع «تجاري»! فبالإضافة إلى الأنشطة الموسمية الكثيرة التي تعرف طريقها إلى الوجود خلال فصل الصيف ، هناك «مهن» تنضاف إلى لائحة هذه الأنشطة ، والتي تشهد انتشارا واسعا خلال هذه الفترة ، «مهن » موسمية استحدثها بعض المهاجرين قصد مسايرة موجة الغلاء التي يعيشون تحت وطأتها في بلاد المهجر ! يقول (عبد الله) مهاجر وبائع «موسمي » للملابس والأحذية المستعملة : « عند عودتي إلى مدينة الدارالبيضاء ، أحضر معي ملابس وأحذية مستعملة ، وأعمل على بيعها خلال المدة التي أقضيها هنا في البلد » مضيفا :« غلاء المعيشة ( مصاريف الأكل ، الشرب و الكراء ...وغيرها ) في البلدان الأوربية ، أصبح أمرا لا يطاق ، لذلك بدأت منذ سنتين في ممارسة هذا النشاط الموسمي ، وذلك لأتمكن من سد حاجياتي المالية أثناء العودة إلى الخارج ». بيع الملابس و الأحذية المستعملة ، ليس النشاط الوحيد الذي يستعين به المهاجرون لتلبية حاجياتهم المالية ، فهذه (أمينة) مهاجرة قادمة من فرنسا، تقوم ببيع أجهزة منزلية كهربائية ، تقول :« أنا أم لطفلين ، وتوفير مصاريف الدراسة من كتب وأدوات مدرسية يتطلب توفر ميزانية لا بأس بها ، هذا بغض النظر عن المصاريف اليومية الاعتيادية ». وفي نفس الموضوع يقول (عبد الله) الذي يعمل بأحد المطاعم الأوربية : « إن تغطية المصاريف كان أمرا مقدورا عليه قبل الأزمة المالية العالمية ، التي أثرت بشكل كبير على مدخولنا اليومي ، فقبل ذلك كنا نكتفي بالمدخول الذي نجنيه من العمل خلال أشهر السنة التي نقضيها في الخارج ، لكن كل شيء تغير ، فأصبحنا نعمل حتى خلال الشهر أو الشهرين اللذين نقضيهما في الوطن»! إن المعاناة التي يعيشها بعض المهاجرين المغاربة في البلدان الأوربية ، قد زادت حدتها وقسوتها بعد الأزمة المالية ، فأضحى العديد منهم يحولون عطلتهم الصيفية، التي كانت تخصص في غالب الأحيان لتجديد صلة الرحم مع الأهل وزيارة مختلف المدن ، إلى أيام عمل إضافية، من خلال « تجارة» موسمية لا يُنظر إلىها بعين الإرتياح من قبل التجار المحليين ، الذين يعتبرون العملية « سلوكا غير مستساغ من قبل قادمين ، ياحسرة ، من مجتمعات متقدمة توفر فرص الشغل ، وبالتالي كان من المفروض ألا يساهموا في التضييق على النشاط التجاري المحلي»!