اكتشف علماء آثار مغاربة وأمريكيون أقدم حمام عمومي في العالم بمدينة اغمات ، والذي تأكد أنه ظل يعمل بشكل عادي لأكثر من 500 سنة، أي خمسة قرون كاملة. الاكتشاف ليس جديدا تماما، ذلك أن أشغال التنقيب استمرت منذ سنة 2005، وكان ذلك الموقع الذي كان عبارة عن ثلة صغيرة، يهب كل مرة سرا جديدا ومثيرا من أسراره. ولعل أهم تلك الأسرار، أن مدينة أغمات، حيث نفي الملك الأندلسي المعتمد بن عباد وعائلته، والذي توفي فيها رفقة كل أقاربه، وثمة ضريح شهير له هناك في تلك المدينة المعلقة بين أعالي جبال الأطلس الكبير، اتضح أنها لم تكن مدينة عادية في المغرب، وأنها نائمة على أسرار فارقة في التأريخ لمعنى المدينة مغربيا. لقد أكد مقال علمي للكاتب الأمريكي «سكوت بورطات»: «أنه قبل قرابة قرن من الزمن، كان أحد أعظم كنوز المغرب التاريخية يفي بغرض هام، فهو كان يمثل الأساس لبيت حجري لأحد المواطنين، ليس إلا. والآن بعد أن اختفى ذلك المنزل منذ زمن بعيد اكتشف علماء الآثار أنه كان مشيدا فوق حمام فريد من نوعه يسلط الأضواء على تاريخ المغرب الزاخر. والحمام الذي يتواجد بين أطلال مدينة أغمات العريقة هو اكتشاف نادر حقيقة، لأنه الأقدم من نوعه في المغرب لأنه شيد إما في نهاية القرن العاشر أو في بداية القرن الحادي عشر، وهو يعد كبيرا قياسا بحمامات أخرى في ذلك الزمن. بل إنه أكبر حتى، من أي حمام مشابه آخر في تلك الحقبة، وكانت مساحته 13 مترا مربعا ومكونا من 3 غرف».(بها بركة ماء بارد، وبركة ماء دافئ، وبركة ماء ساخن) تحتوي على سرداب بعلو يصل 4 أمتار. الحفريات التي قامت بها فرق بحث وآثار، من مؤسسة أغمات المغربية وجامعة فاندربلت بولاية تينيسي الاميركية، سمحت باستخراج الحمام كاملا غير منقوص من تحت الأرض. مؤكدة أنه صار نظيفا وهيكل بنائه مكتملا وراسخا. ولأن بعض جوانبه لا تزال بحاجة لالتفاتة، فقد قرر صندوق السفراء الأمريكيين للتراث الثقافي، دعم مشروع جديد للحفاظ على الحمام التاريخي وتجهيزه لاستقبال الزوار، كما تؤكد وثيقة رسمية للسفارة الأمريكية بالرباط. وأنه من خلال تمويل المشروع، تمت طباعة سلسلة كراسات للترويج للموقع. وبغاية إبراز معالم الحمام في الدوائر العلمية والثقافية، فإنه يجري حاليا وضع خطط لتمويل أبحاث أكاديمية خاصة جديدة. وستوثق تلك الخطوات أهمية ذلك المعلم التاريخي كونه تراثا قوميا مغربيا وأيضا تراثا إنسانيا عظيما في كل الشمال الإفريقي. وللحفاظ على الموقع تم تمويل ترميم الأحواض الداخلية ونظام التدفئة تحت أرضية المركز. ولغرض تجميل صورة الموقع وأمنه، جرى إصلاح جدار من الطين وفتح أبواب فيه لتيسير الوصول إلى داخل الحمام. كما وضعت شارات ومنصات شفافة تعلو نظام التدفئة في أرضية الحمام لتشجيع الزيارات السياحية.