سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
عبد الحميد فتحي باسم الفريق الفيدرالي للوحدة والديمقراطية في مناقشة تصريح الوزير الأول:إقدام الحكومة على إعلان نتائج الحوار الاجتماعي بشكل منفرد أفرغه من محتواه
في سياق ردود ومساهمات الفرق البرلمانية في مناقشة التصريح الحكومي الذي تقدم به الوزير الاول عباس الفاسي أمام البرلمان بغرفتيه، تدخل عبد الحميد فتحي باسم الفريق الفيدرالي للوحدة والديمقراطية، بمجلس المستشارين، ملمحا الى بعض النواقص والقضايا الحيوية التي لم يتطرق إليها التصريح بالعمق المطلوب، ومثمنا بعض الانجازات الحكومية التي لا يمكن نكرانها، مؤكدا على الاجماع الوطني حول ثوابت الأمة. «يسعدني أن أتقدم باسم الفريق الفيدرالي للوحدة والديمقراطية بمساهمتنا في مناقشة التصريح الذي تقدم به السيد الوزير الأول، هذا التصريح الذي يأتي في منتصف ولاية الحكومة، والذي أصبح يتكرس كعرف ديمقراطي منذ أن اختارت بلادنا تدشين مرحلة جديدة من تاريخها بدءا بدستور 1996 وحكومة التناوب التوافقي. ولا نشك في أن تكريس هذا العرف الديمقراطي يندرج في سياق السعي المشترك لمكونات الأمة ، مؤسسات سياسية وأحزابا ونقابات ومجتمعا مدنيا، في خلق التراكمات الضرورية لبناء المجتمع الديمقراطي الحداثي، القيمين بعراقة تاريخ بلادنا ومكانتها الإقليمية القارية والدولية، القوية برجالها ونسائها، المعتزة بصلابة هويتها ووحدتها. لذلك فلكل منا مهمات جسيمة تقتضي أن نتحملها بكامل الصدق والمسؤولية. ونجعل من المؤسسات التي تشتغل بها مؤسسات فاعلة في صلب المجتمع وقادرة على اجتذاب انتباه واهتمام المواطن المغربي. الوحدة الترابية إن إجماعنا الوطني حول قضيتنا الوطنية الأولى، قضية وحدتنا الترابية، وتجند كل أبناء الشعب المغربي للدفاع عنها في دائرة حدودها الحقة، وكذا تعاطف المنتظم الدولي مع التصور المغربي لوضع حد للنزاع المفتعل من خلال مقترح الحكم الذاتي، والذي جسدته قرارات مجلس الأمن وآخرها القرار رقم 1920 بتاريخ 30 أبريل 2010، لن يعفينا من الاستمرار في التعبئة وتوظيف كل الأشكال الديبلوماسية لتكريس موقع بلادنا في هذا الصراع. ولن يعفي حكومتنا من مواصلة البناء التنموي في أقاليمنا الجنوبية، واحتضان العائدين من جحيم مخيمات تندوف، وتمكينهم من كل شروط المواطنة من شغل وتمدرس وسكن إلخ... إن الاستمرار على هذا النهج لكفيل بأن يكشف للعالم الواقع المزري الذي يعيشه المحتجزون في تندوف، وكفيل أيضا بأن يظهر حقيقة العداء الشوفيني الذي يكنه حكام الجزائر لبلادنا، تجسيدا لعقدة تاريخية تمكنت من قادة جيراننا وسيبقى التاريخ وحدة القادر على فكها. ومن هذا المنبر نوجه تحية تقدير وإكبار إلى القوات المسلحة الملكية المرابطة دفاعا عن حوزة الوطن وإلى قوات الدرك الملكي والأمن الوطني والقوات المساعدة والوقاية المدنية الدرع الواقي الذي يعزز وحدة الشعب ويقوي صفوفه. ونحن معكم السيد الوزير الأول حينما توجهتم في تصريحكم إلى الجارة إسبانيا بخطاب التعقل والرزانة، بهدف فتح حوار كفيل بإعادة سبتة ومليلية المحتلتين إلى السيادة المغربية، ونعتقد أنه قد آن الأوان لإسبانيا كجارة تربطنا بها علاقات تاريخية وكعضو في الاتحاد الأوربي الذي أصبح المغرب يتقاسم معه مكانة الوضع المتقدم أن تحتكم إلى المنطق والمستقبل لفتح هذا الملف للنقاش والحوار. إصلاح الحقل الديني إن أمننا الروحي يعد من مرتكزات الأمة وثوابتها، فإذا كان جلالة الملك بصفته أميرا للمؤمنين هو حامي حمى الملة والدين والساهر على تدبير المسألة الدينية، فإن إصلاح الحقل الديني في المجالات المتروكة للتدبير الحكومي مطالبة أن تذهب إلى مداها من أجل تعزيز وحدة العقيدة والمذهب، وردع كل الذين تستهويهم لعبة استغلال الدين لأغراض مشبوهة تسعى إلى تقويض وحدة الأمة وسلامة مذهبها، واستيراد مفاهيم بعيدة عن ثقافتنا الدينية. والنزوع إلى التحول إلى مصادر للفتاوي النكوصية والرجعية، والفتوى في بلدنا محصورة في مؤسسة الإمامة. إن تحصين مجالنا الديني المتسم دوما بالتسامح والانفتاح لا ينفي عن بلادنا كونها كانت دائما وعبر تاريخها وستظل بلادا ضامنة لممارسة كل الشعائر الدينية على اختلاف دياناتها في احترام تام لوحدة البلد وقدسيته. الإصلاحات السياسية والدستورية لسنا أمام تصريح حكومي بهدف نيل الثقة، أو بصدد حكومة تعتزم طلب تجديد الثقة، وإنما أمام تصريح يروم إخبار المجلس بالعمل الذي قامت به الحكومة خلال مدة إشرافها على تدبير الشأن العام. كنا نتمنى أن يقدم التصريح مقارنة بين الالتزامات التي قدمت أمام البرلمان في أكتوبر 2007 ونالت على أساسها هذه الحكومة الثقة والإنجازات التي تحققت حتى نقف على الأرقام والدلالات لنسب الإنجاز ومدى قدرة الفريق الحكومي الحالي على التوفق في ترجمة المشاريع والاستراتيجيات المعلن عنها على أرض الواقع. لقد جاء التصريح وفق منهجية إرضائية لمختلف الفاعلين الحكوميين، ولم ينبن على تصور هيكلي لمشروع تنموي متكامل باستراتيجياته ومخططاته، وساده المنطق المتفائل المفرط في الإيجابية وتحاشى الحديث عن النقائص والاختلالات والتعثرات التي شهدتها بعض البرامج الحكومية. كذلك لم يتطرق التصريح بشكل جلي إلى الآفاق المنتظرة من عمل الحكومة من خلال المدة المتبقية من ولايتها، اللهم مواصلة العمل على إنجاز الأوراش المفتوحة. كنا ننتظر إجابات واضحة على التعثرات التي تشهدها المسألة الديمقراطية، بفعل التداعيات التي خلفتها محطة الانتخابات التشريعية لشتنبر 2007 وكذا المحطات الانتخابية التسع لسنة 2009، والتي شهدت فسادا انتخابيا كبيرا، أبعد المواطن عن السياسة وأفقده الثقة في المؤسسات المنتخبة. إن التراكمات التي تحققت في العشرية الأخيرة والتي سميت بعشرية الانتقال الديمقراطي، لم تمتلك ما يكفي من المقومات لننتقل ببلادنا إلى الديمقراطية العادية وكانت الانتخابات الأخيرة عرقلة حقيقية للتحول المنشود. إذن، ماذا أعدت الحكومة في مجال الإصلاحات السياسية لنجعل من محطة 20102 محطة للزج ببلادنا في الفضاء الديمقراطي، وإن نصوصا تشريعية تحتاج أن تكون اليوم على طاولة المجلس التشريعي لتكون جاهزة في الانتخابات المقبلة، وعلى كل حال هي نصوص تدخل ضمن الاختصاص الكامل للحكومة ونقصد من ذلك على الأقل، القوانين الانتخابية وقانون الأحزاب وقانون النقابات. وإذا كانت الإصلاحات الدستورية تحتاج إلى التوافق بين المؤسسة الملكية والقوى الوطنية والديمقراطية، فإن المداخل الحقيقية للإصلاح والتي أعطى انطلاقتها جلالة الملك تعرف بطءا في تفعيل أوراشها، فإصلاح القضاء لا يعني فقط البنيات التحتية وتكوين العنصر البشري بل يعني تفعيل آليات الردع والمحاسبة والعقاب، لذلك كان قطاع القضاء من القطاعات التي أشار إليها اتفاق غرناطة والذي منح المغرب صفة الوضع المتقدم. كما أن مجال الصحافة يعد من المقاييس الأساسية لتقييم مستوى الحريات العامة، لذلك فرغم الانفتاح الكبير الذي تشهده بلادنا في هذا المجال، فالحاجة ماسة إلى إخراج قانون للصحافة، هذا المشروع الذي لازال يراوح مكانة منذ عهد الحكومة السابقة. إن الشجاعة الديمقراطية تقتضي أن يتبوأ الإعلام مكانة مركزية في المشهد الوطني وفق ضوابط قانونية تزاوج بين المهنية والمسؤولية لأن في ذلك تقوية لمكانة بلادنا في محيطها الإقليمي والدولي، إذ لم يعد مقبولا اليوم الزج بالصحافيين في السجن ولا إغلاق المؤسسات الإعلامية، بناء على قوانين متجاوزة في المنطق الديمقراطي. تخليق الحياة العامة إن تخليق الحياة العامة يحتاج إلى مزيد من الجرأة في التوجه إلى المجالات الكبرى لاحتضان الفساد والامتيازات. لا نكران، السيد الوزير الأول، أن الإجراءات التي اتخذت في عهدكم أو عهد سابقيكم في هذا المجال سواء كانت تشريعية أو تنظيمية أو تدبيرية، لا نكران أنها إجراءات تروم مواجهة هذا الوضع، إلا أنها تبقى قاصرة عن وضع الآليات الضرورية لاجتثاث هذا الداء. فالمرسوم المتعلق بالصفقات وجد المحتالون كيفية احترامه في إطار التجاوز مما يحتم مراجعته الفورية، كما أن قانون التصريح بالممتلكات وعمقه الإيجابي، لا يملك إجراءات حقيقية للردع والمحاسبة، الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة لا تمتلك غير القدرة على الوعظ والتحذير ولا حول لها ولا قوة أمام المرتشين. المنطق السليم يقتضي أن نواجه أصحاب الامتيازات بحقيقتهم، فتجار وقناصو العقار العمومي أصبحوا يشكلون تحديا حقيقيا لممتلكات القطاع العام المرصود للمرافق العامة الأساسية للمواطنين، من خلال التسامح الملحوظ إن في الأسعار أو في دفاتر التحملات أو في غياب المراقبة والمتابعة. أصحاب الرخص في البر والبحر من مقالع ورخص للصيد في أعالي البحار ورخص للنقل بشتى أنواعه، يمسون في العمق بالاقتصاد الوطني ويوجدون في وضع تحقير لكل السلطات المفروض فيها الحرص على الثروات الوطنية. أما الرشوة، والتي يجب أن نعترف أنها ليست فقط شأنا حكوميا وإنما يجب أن تكون شأن كل المواطنين، أضحت «ثقافة وطنية» وسرطانا ينخر الجسم الوطني، مما يحتم علينا جميعا، مؤسسات سياسية ونقابات ومجتمعا مدنيا ومواطنين، البحث عن مقاربة وطنية لمواجهة هذه الظاهرة المشينة والتي تمس كل القيم الكفيلة ببناء المجتمع العادل وتمس بصورة بلادنا في الخارج والمحافل الدولية. الانتقال الديمقراطي إن بلادنا التي تفردت في محيطها المغاربي والعربي وحتى الإفريقي بالقدرة على التصالح مع ماضيها ومع جزء من مواطنيها من خلال هيأة الإنصاف والمصالحة كآلية لإقرار عدالة انتقالية» مطالبة بالوفاء الكلي لتوصيات هذه الهيأة، وخاصة في ما يتعلق بتعزيز الحماية الدستورية لحقوق الإنسان ووضع استراتيجية لمكافحة الإفلات من العقاب وإعادة تأهيل السياسة والتشريع الجنائيين وتأهيل العدالة وتقوية استقلاليتها، وترشيد الحكامة الأمنية، حتى نجعل من تفعيل تلك التوصيات لبنات حقيقية في إرساء دعائم دولة الحق والقانون والمؤسسات، والقطع مع ممارسات الماضي والتي مازالت بلادنا تعرف منها بعض الحالات الفردية والشاذة. بارتباط مع المجال الحقوقي، لا يمكننا أن نسير مرفوعي الرأس إلا بمعية أمهاتنا وأخواتنا وبناتنا وزوجاتنا، ولن يحترمنا العالم إلا إذا أخذت المرأة ا لمغربية مكانتها الحقيقية في مقاربة متكاملة للنوع الاجتماعي تروم رفع كل أشكال الحيف والتهميش التي تطال المرأة المغربية في مختلف مواقعها سيراً على النهج الذي فتحته مدونة الأسرة. إن الأدوار التي أصبح يلعبها المجلس الأعلى للحسابات من خلال التقارير التي يصدرها حول تدبير المالية العمومية في الإدارات والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية، تشكل إضافة نوعية إلى الأدوات الدستورية لتخليق الحياة العامة. وقد كشف التقرير الأخير لهذا المجلس، اختلالات عديدة في كثير من المؤسسات العمومية والجماعات المحلية، إلا أن الإشكال يبقى قائما في مجال معالجة هذه الاختلالات في ظل غياب سياسة واضحة للردع والعقاب واسترجاع الأموال العامة. كما يسري نفس الوضع على المفتشية العامة للمالية التي عادة ما تصدر تقاريرها محتوية على عدد من الاختلالات في تدبير المالية العمومية، والتي لا تلقى المتابعة الضرورية من المؤسسات المنوط بها هذا الأمر. تحصين الاقتصاد الوطني إن اقتصادنا الوطني حقق جملة من التراكمات في المجال الماكرو اقتصادي، والتي كانت قادرة جزئيا على تجنيب بلادنا التأثيرات السلبية للأزمة المالية والاقتصادية لسنة 2008، رغم التأثر الذي عرفته بعض القطاعات المرتبطة بشركائنا الاقتصاديين في الاتحاد الأوربي. فقد استطاعت بعض الإجراءات التي قامت بها الحكومة لصالح القطاعات المتضررة أن تضمن استمراريتها، لكن مايجري اليوم في بعض بلدان الضفة الشمالية للمتوسط خاصة اليونان اسبانيا البرتغال وبالتأكيد غدا باقي بلدان الاتحاد الأوربي، يتطلب منا الاستعداد لمواجهة التداعيات التي قد تكون لهذه الاقتصادات على اقتصادنا الوطني وذلك نظرا للارتباط الكبير بينهما بأكثر من 60% . كما أن نسبة النمو حسب المندوبية السامية للتخطيط لن تتجاوز 4,1% سنة 2010 بدل 5% سنة 2009 بعيداً عن احتمالات ما يجري في الشمال ونتائج الموسم الفلاحي. كما أن عجز الميزان التجاري في تفاقم في ظل توسع المديونية الداخلية وتراجع عائدات مغاربة العالم والمداخيل السياحية، مما يتطلب حكامة اقتصادية تتلاءم والظرفية الإقليمية والدولية، بهدف الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين التي عرفت تراجعا حقيقيا بفضل الزيادات الكبرى في الأسعار في ظل استقرار مداخيل الأجراء. إن التعامل مع الأزمة الاقتصادية يقتضي تحصين الجبهة الداخلية بالحفاظ على فرص الشغل ودعم القدرة الشرائية، إذ عرفت عدة مقاولات خاصة في مجال النسيج تسريحات بالجملة. المسألة الاجتماعية ولا يخرج التدبير الحكومي للمسألة الاجتماعية عن نطاق الرؤية القطاعية، فمازالت الخصاصات مهولة في المرافق الاجتماعية، فرغم الميزانية التي خصصت لقطاع التربية والتكوين والتي فاقت هذه السنة 50 مليار درهم، فإن المنتوج التربوي لايزال يفتقد إلى الجودة والنوعية والربط مع سوق الشغل. ميدان الصحة أيضا يشكو من خصاصات كبرى في البنيات الإستشفائية والموارد البشرية . فعلى سبيل المثال لا يتجاوز عدد الممرضين 8 لكل 10 آلاف مواطن بمجموع 24328 ممرضا، في حين تصل هذه النسبة إلى 29 في تونس و 76 في اسبانيا و 80 في فرنسا، مما يؤثر على حجم الخصاص وضعف جودة الخدمات، وتفشي المحسوبية والزبونية والرشوة في مرافق الصحة. كما أن برنامج المساعدة الطبية والذي لم يستقطب سوى 90 آلاف منخرط بجهة أزيلال، لايزال بعيداً عن الرقم المفترض إدراكه وهو 450 ألفا. السكن الاجتماعي بدوره يعرف تعثرا حقيقيا ومازلنا بعيدين جداً عن رقم 150 ألف وحدة سكنية التي جاء بها التصريح الحكومي، وترافق ذلك مع فشل مشروع مدينة تامسنا وطغيان الخطاب التفاؤلي حول محاربة دور الصفيح دون أن نجد مدينة بدون صفيح، كما يعد هذا المجال من المجالات المفضلة للسماسرة للتحايل على حقوق الدولة وحقوق الأفراد ( noir ) وصغار المنعشين العقاريين المهددين بالإفلاس. المسألة الاجتماعية في شقها الثاني المتمثل في محاربة مظاهر الهشاشة، مازالت النسب المحددة للتنمية البشرية تضع بلادنا في صفوف لا تفرحنا، سواء من حيث مستوى الأمية أو الفقر أو التسول أو التشرد. كما أن البطالة مازالت تشكل آفة كبرى، فالوعد الحكومي بتوفير 25.000 منصب شغل سنويا، لم يتجاوز 68000 منصب شغل بين سنتي 2009 و2010، ولايزال حملة الشهادات العليا المعطلون يجوبون شارع محمد الخامس بالرباط في كر وفر مع قوات الأمن. كما أن التوظيفات على قلتها يتحكم فيها في كثير من القطاعات الوزارية منطق الحزبية والزبونية والعائلة، ضدا على القوانين الجاري بها العمل. ورغم النتائج الايجابية التي كانت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وراءها في مجال محاربة مظاهر الهشاشة ونحن نحتفل بذكراها الخامسة، فلايزال هذا الواقع يحتاج إلى مجهود عمومي حقيقي للتقليص من حجمها ومظاهرها الحوار الاجتماعي إن منظورنا للحوار الاجتماعي منظور شمولي متكامل، مؤمنين أنه يجب أن يندرج ضمن المنطق العام لتدبير الأوراش الكبرى للإصلاح، بغية الوصول إلى توازن في العلاقات المهنية وسيادة القانون وخاصة مدونة الشغل داخل هذه العلاقات، كذلك نعتبره مدخلا لإصلاح المشهد النقابي الذي يشكو من عدد من الاختلالات من خلال إقرار قانون النقابات، وكذلك إقرار وضع مؤسسي للحوار الاجتماعي بأجندات ممتدة في الزمن ترمي إلى إصلاح القوانين التي تؤطر مجالات علاقات الشغل، كالنظام الأساسي العام للوظيفة العمومية ومنظومة الأجراء بهدف تقليص الفوارق في هذا المجال. إلا أن تركيز التصريح على الغلاف المالي دون التطرق إلى الأهداف العميقة للحوار، والمتمثلة في الإصلاح، يجعلنا نقول أن 19 مليار درهم لم ترصد كلها للحوار الاجتماعي، إذ أن ما يفوق 10 ملايير درهم قد جاءت نتيجة البرنامج الحكومي لإصلاح المنظومة الضريبية لم تأت نتيجة الحوار الاجتماعي، كما أن الغلاف المالي ليس هدفا في حد ذاته، بل الهدف كيف نصل إلى سلم اجتماعي وفق مقاربة تشاركية توافقية، فإقدام الحكومة على إعلان نتائج الحوار بشكل منفرد أفرغه من محتواه، وجعل المركزيات النقابية تنتفض ضد هذه المنهجية التي لا تخدم حتى الحكومة نفسها سياسيا. لذلك فإن المطلوب اليوم هو نهج مقاربة جديدة للحوار الاجتماعي في إطار تصور متكامل للوصول إلى إقرار ميثاق اجتماعي كما دعى إلى ذلك جلالة الملك في خطاب العرش الأخير، والعمل على مرتكزات حقيقية للوصول إلى وضع مؤسسي للحوار الاجتماعي يأخذ بعين الاعتبار الأوضاع الحقيقية للمأجورين في معاناتهم اليومية، ويضمن كرامتهم ويصون حقهم في العيش الكريم. إن لهيب الأسعار الذي اكتوت بناره الفئات الضعيفة والعريضة من المواطنين وفي مقدمتهم المأجورون، يتطلب حزما حكوميا في المراقبة والعقاب، ويتطلب توجيه الدعم العمومي من خلال صندوق المقاصة إلى مستحقيه وهو الذي يحتم استعجالية القيام بإصلاح نظام المقاصة ببلادنا والذي تلتهم الجزء الأكبر من اعتماداته الفئات الميسورة. إن المقاربة المحتشمة للإصلاح على شاكلة برنامج «تيسير» رغم عدم معارضتنا لها، لا تخرج الفقراء من فقرهم ولن تكون هي المقدمة الحقيقية للإصلاح. كدأبنا دائما من موقع المواطنة ومن موقع الانحياز الصريح إلى الفئات العريضة من الشعب المغربي، وفي مقدمتها الشغيلة المغربية ومن اندراج عملنا واشتغالنا داخل مجال القيم الكبرى لدعم ووحدة الوطن، وترسيخ قيم الديمقراطية والحداثة إلى جانب القوى الوطنية والديمقراطي، نرى أن الحاجة الوطنية تقتضي أن تمتلك بلادنا الجرأة والشجاعة على الدخول في جيل جديد من الإصلاحات والتي يجب أن تطال عددا من المجالات لإعطاء الفرصة لشعبنا الممتلك لكل مواصفات الشعوب العريقة والتواقة إلى التقدم والازدهار، لامتلاك مقومات الدولة الحديثة من حيث سياساتها العمومية والحقوقية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في إطار فضاء ديمقراطي، حر وتعددي ومتسامح. ولا يمكن إدراك هذا المبتغى إلا بالشروع في إصلاحات جوهرية وفي مقدمتها الإصلاحات السياسية والدستورية. * إخراج قانون الصحافة * إصلاح القضاء * إصلاح قانون الاستثمار * إصلاح القانون التنظيمي للمالية * إقرار قانون الميزانية * إصلاح صندوق المقاصة * إصلاح نظام التقاعد * إصلاح منظومة الأجور.»