استضافت جريدة «الاتحاد الاشتراكي» الحكم المغربي - الفرنسي سعيد النجيمي، الذي أدار مقابلة الوداد الرياضي الفاسي والجيش الملكي برسم الدورة 29 من بطولة القسم الأول. - كيف ولج سعيد عالم التحكيم؟ - منذ صغري وأنا أمارس لعبة كرة القدم مع فريق الحي، الذي كان يلعب له أخي. وفي كثير من الأحيان كان يطلب مني الزملاء أن أقوم بدور الحكم، ومع مرور الوقت أصبحت حكما للفريق، لأن العصبة تلزم كل فريق بأن يكون لديه حكم، وعندما بلغت سن 17 سنة طلبت مني العصبة تحديد ما إذا كنت أرغب في الاستمرار كحكم بالعصبة، واليوم أنا حكم دولي، وهذا يشرفني ويشرف بلدي المغرب. - وأنت حكم في بداية المشوار، هل كان تعيين سعيد بلقولة، رحمه الله، لقيادة نهاية كأس العالم بفرنسا حافزا للذهاب قدما في مجال التحكيم؟ - بالفعل المرحوم سعيد بلقولة أعطى نفسا جديدا لمجال التحكيم المغاربي بفرنسا، كان شعورا قويا بالنسبة إلي، خاصة وأنه نجح في تدبير هذا اللقاء وترك بصمة طيبة للتحكيم المغربي، والعربي والإفريقي. شيء لا ينسى لأنه دخل تاريخ كرة القدم العالمية. - التكنولوجيا الجديدة في عالم التحكيم مثل الفيديو، هل أنت مع أو ضد ذلك؟ - أنا ضد هذه التكنولوجيا والفيديو. لقد جربت التحكيم بخمسة ولعبت عدة مقابلات من هذا النوع إلا أنه من موقعي أظن أن علينا أن نترك اللعبة على ماهي عليه: 22 لاعبا و 3 حكام وكرة بكل إيجابياتها وسلبياتها ليبقى ذلك التشويق، فالخطأ هو إنساني ويجب أن نحترم المتفرج حتى تبقى حلاوة اللعبة. كرة القدم أو الرياضات قيمتها في حلتها الحالية دون تطويرها بالتكنولوجيا الحديثة التي قد تفسدها. لا نريد أن نصبح آليين في الرياضية. - هل الحكم سعيد يتطلع ليكون ضمن لائحة حكام كأس العالم؟ - هذا طموحي وأتمنى ذلك، للأسف 8 أو 10 حكام هم الذين يتم اختيارهم لكأس العالم، أمامي 9 سنوات لأبلغ سن 45 سنة نهاية المشوار، فقط يجب علي الجدية وأن أحصل على النقط وأن أكون في المستوى العالي حتى يتم اختياري لأكون حكما في كأس العالم. أتمنى ذلك لأنه حلم كل حكم هو الحضور في هذا الحدث الرياضي الكروي العالمي، ياربي يكون عندي الزهر. - ماذا يمكن أن تقول عن التحكيم المغربي؟ - بكل صراحة الحكام المغاربة يتواجدون في كل التظاهرات العربية والإفريقية وحتى كأس العالم؟ هناك حكام يقودون لقاءات النهاية في كؤوس عربية وإفريقيا، هذا خير دليل على أن التحكيم المغربي بخير مقارنة مع الماضي، فالتحكيم المغربي تطور بطريقة كبيرة، وذلك من خلال مشاهدتي للمباريات عبر التلفزة، اليوم هناك مشروع إشراف اللاعبين وسيصاحبه احتراف مجال التحكيم، وهذا شيء مهم جدا وسيعطي مكانة أخرى للتحكيم المغربي للخروج من الهواية للاحتراف. على العموم لقد تحسن التحكيم المغربي كثيرا. - ماهو شعورك وأنت تتواجد بفاس لقيادة مقابلة بالبطولة الوطنية؟ - إنها الفرحة الكبرى، حلم تحقق وسعادة بدون حدود. اسمع أخي فأمي باعت كل ما لديها من أجل أن تأخذنا للديار الفرنسية، وأنا عمري سنتين، اليوم أعود للمغرب رفقة أمي وأخي ليجلسوا في المنصة، في وطنهم، ويتابعون ابنهم يقود مقابلة في كرة القدم، ليس في بطولة فرنسا، ولكن في بطولة هذا الوطن العزيز. وطني الذي ولدت فيه، وهذه أحلى أمنية حققتها. - كيف تم إخبارك بهذا التعيين؟ - عندما زرت المغرب في عطلة لمدة 15 يوما، كان لي لقاء مع العديد من الأصدقاء والمسؤولين والصحافيين، من بينهم أحمد غيبي، الذي قال لي بأنه شرف للمغرب أن أحكم بالبطولة الفرنسية، وقلت شرف لي أن أكون مغربيا، وأتمنى أن لاتكون آخر زيارة لي للمغرب، وأنا مستعد لقيادة إحدى المباريات بالمغرب، وشرف لي أن يحصل ذلك.. وبالفعل تكون مهمة جديدة، وأتمنى أن لاتكون صعبة. وبعد ذلك يمكن لي أن أقرر أشياء كثيرة في المستقبل. لدي أفكار يمكن أن أطبقها بالمغرب. لدي مهنتي، لكن يمكنني أن أعود للمغرب لأقوم بالتحكيم بالبطولة المغربية مادام الاحتراف على الأبواب. - هل هذا الحلم راودك منذ بداية مشوارك الرياضي؟ - كل مغربي كيف ماكان نوعه أو تكوينه أو انتماؤه، يبقى حلمه القوي والكبير هو أن يتواجد بالمغرب، فهو في قرارة نفسه معتز بانتمائه لهذا الوطن، حتى ولقد عاش 100 سنة في أي بلد، كيفما كانت قيمته وحجمه. فالوطن يبقى في القلب وفي الدم. الحمد لله عدت لوطني لأقدم عملا رياضيا أعتز به، وشكرا لكل الذين ساعدوني. - مقارنة بين التحكيم الفرنسي والمغربي، هل هناك فرق معين؟ - إن قوانين الفيفا موحدة، والهدف واحد سواء في فرنسا أو في المغرب، ويبقى الفرق في عقلية المتتبع والمتفرج. فالمغاربة شغوفين بكرة القدم.. - ماهي المراحل التي يقطعها الحكم بفرنسا لبلوغ الدولية؟ - هناك 15 سنة من الممارسة، تنطلق كحكم للعصبة ثم كحكم جهوي، ومنها حكم وطني، ثم حكم دولي، حيث أن العشرة حكام الأوائل يصبحون حكاما دوليين (المستوى الأول)، وذلك يتم من خلال التكوين المستمر، إذ أن كل شهر لدينا مدرب يحضر معنا 3 أيام من خلالها نقوم بتحليلات عبر أشرطة الفيديو للتركيز على الأخطاء كثلاثي، ثم هناك التداريب مع مدرب احترافي الذي يراقب التوقيت واللياقة البدنية، إضافة لطبيب لمراقبة الدم وأشياء أخرى. - هل هناك مساعدة من الاتحاد الأوربي لكرة القدم في مجال التحكيم الأوربي؟ - نحن تحكيم احترافي، والمسؤولون عن التحكيم لديهم إمكانياتهم المادية، ورغم ذلك هناك مساعدات في إطار التكوين وتنظيم ندوات وحتى على مستوى المغرب هناك شراكة على مستوى التكوين، إذ هناك حكام يقومون بندوات وتكوين للحكام ومراقبي المقابلات. لابد من التكوين المستمر إذا أردت أن تطور مجالا معينا. اليوم بالمغرب هناك حكام صغار طموحون، ومع دخول عالم الاحتراف هؤلاء يريدون بلوغ أعلى مرتبة في هذه الواجهة، ويجب التشجيع والدعم، وأنا متيقن بأن العديد من أحسن الحكام سيكونون من المغرب... - وأنت تقود مقابلة يتواجد بها لاعب مغربي سواء حجي أو الشماخ أو آخرين، هل يتكون لديك إحساس ما، تجاه هؤلاء اللاعبين؟ - قبل إجراء المقابلة، إما هم الذين يأتون عندي أو أنا الذي أذهب عندهم، نتكلم بالعربية، لأننا نحاول أن نظهر مستوى لغتنا بالعربية، وهذه المسألة في السنوات الأخيرة أصبحت لها حساسية كبيرة، حيث نتنافس على من يتكلم أحسن، اللهجة المغربية ( والله العظيم)، نضحك ونبسط، ويوم اللقاء هناك 22 لاعبا و3 حكام، وعندما أعطي انطلاقة المقابلة فالكل سواء أمام القوانين، وعند نهاية اللقاء نعود ونتكلم بالمغربية من جديد.. على أمل أن نلتقي في وجبة غداء أو سهرة مغربية، ويبقي الاحترام قائما ومتبادلا بيننا. - ما هي المقابلة التي كنت تود أن تقودها في البطولة الوطنية؟ - نظرا لقوة مقابلة الديربي التي تجمع الوداد البيضاوي بالرجاء البيضاوي، فإن حكام العالم يرغبون في أن يحظوا بشرف قيادة الديربي، الذي أصبحت له سمعة عالمية. اليوم أنا هنا بالمغرب من أجل لقاء الواف والجيش، للاستفادة من الحكام المغاربة وربما إذا تفوقت وكنت في المستوى ستكون لي فرصة تحكيم مقابلات أخرى. أتمنى، من كل قلبي، أن أكون في المستوى كعادتي. - ما هي أفاقك المستقبلية في حالة إنهاء مشوارك الرياضي؟ - قد أستطيع أن أكمل المشوار في فرنسا أو داخل الاتحاد الأوربي لكرة القدم كمستشار أو مراقب، وفي حالة عدم مسايرتي يمكن أن أعود للمغرب، وقد أكون مفيدا أكثر. وبكل صراحة لا يمكنني أن أفرض نفسي على الآخر، فإذا كانت هناك رغبة في خدماتي، فأنا بكل صرحة رهن إشارة وطني وبلدي، وأنا مِلْكٌ للمغرب والمغاربة. أحب وطني وأحترمه، وكل نداء هو بالنسبة لي وسام على صدري. ويمكنني أن أترك كل شيء من أجل المغرب.