«صدمة، بل فاجعة يمكن أن تكون لها تداعيات اجتماعية خطيرة، ليس على مصداقية الهيئات المتضامنة ولكن على نفسية ملاكي «جنان المنشية» المتضررين منذ أزيد من ثلاثين سنة»... هذا ما صرح به أحد المتضررين من ملاكي «جنان المنشية» فور سماعه الخبر. وكان مصدر مطلع قد كشف لجريدتنا أن مشروع توسعة طريق باب فتوح باب الكيسة سيجهز على أحلام الكثير من الأهالي والبسطاء وسيمر عبر «جنان المنشية» في أفق الالتقاء مع نقطة الإصلاح باب الكيسة. وإذا صح الخبر، فإن السلطات تكون قد حسمت في ملف من أخطر الملفات المثيرة للجدل والمعروضة على القضاء. تعود تفاصيل القضية إلى أواسط السبعينيات، حيث اشترى 128 مواطنا ومواطنة قطعة أرضية مسماة ب «جنان المنشية» بالقرب من باب الكيسة قصد استغلالها للسكن العائلي، لكن السلطات منعتهم من البناء فوقها بدعوى أنها غير صالحة للبناء. وفيما اعتبر جبرا للضرر، ستقرر الجماعة الحضرية لفاس سنة 1984 اقتناء القطعة مثار الخلاف من ملاكيها وتعويضهم بقطع أرضية في منطقة أخرى «القرويين». إلا أن هذا القرار لم ينفذ لحد الساعة. ملف ملاكي «جنان المنشية» الذين حرموا من استغلال عقارهم منذ أكثر من 30 سنة، عرف تضامنا واسعا من قبل هيئات سياسية، نقابية وحقوقية طالبت مجلس الجماعة الحضرية لفاس بإنصاف الضحايا والإسراع بتسوية وضعية جميع ملاكي «جنان المنشية»؛ وذلك بتفعيل القرار الصادر عن المجلس البلدي سنة 1989، القاضي بإجراء مناقلة عقارية بين الجماعة الحضرية لمدينة فاس وبين ملاكي «جنان المنشية» وجبر الضرر الذي لحقهم. كما أدانت في نفس الوقت أسلوب للقمع الذي تعرضت له الوقفة الاحتجاجية السلمية المنظمة من طرف الضحايا محملة كامل المسؤولية لمجلس الجماعة الحضرية لفاس، لتملصه من الاتفاقات المبرمة بين المجلس البلدي السابق وبين الضحايا. ويعتبر هذا التملص تمييزا بين المواطنين، لأنه طبق عقودا من نفس النوع مع مواطنين آخرين. هذا وسبق للقوات العمومية أن تدخلت بعنف في حق ملاكي «جنان المنشية» أثناء تنظيمهم لوقفة احتجاجية سلمية بالمكان المذكور يوم الجمعة 3 أبريل 2009، أسفر عن عدة إصابات نقل على إثرها مواطن ومواطنة إلى المستشفى. وفي موضوع ذي صلة، علمت جريدة الاتحاد الاشتراكي من مصادر مطلعة أن الكلفة الإجمالية لمشروع توسيع طريق باب فتوح باب الكيسة تناهز أربعة ملايير من السنتيمات. وينص دفتر التحملات على إعداد منشآت فنية من بينها تزفيت الطريق وتبليط الجنبات وتزليج الأرصفة وعدة منشآت فنية أخرى، فيما حدد ذات المصدر المدة الزمنية التي يستغرقها المشروع في سنة كاملة. وجاء في التفاصيل أن عرض الشارع الرئيسي سيمتد مسافة 20 مترا على شكل طريق سيار في وسطها أغراس وأعمدة إنارة. كما أن أشغال التهيئة التي انطلقت قبل أقل من أسبوع اقتضت خصم أربعة أمتار من الجانبين، وتضرر نحو 5 أكشاك بالملحقة الإدارية سيدي بوجيدة، يقول مصدر رسمي، حيث وجدت السلطات حلا بتعويضهم في أماكن مختلفة. أما الملحقة الإدارية اجنانات فبلغ عدد المتضررين 18 منهم من وجد طريقه إلى الحل فيما يظل البعض عالقا. قنطرة واد الزحون بدورها سيشملها التوسيع، لكن بطريقة أكثر تقنية وحداثة حتى تستوعب الكم الهائل من الهياكل الثقيلة ويبقى مشكل «جنان المنشية» الذي يطالب مالكوه باستعادته مصدر قلق للرأي العام والمتضررين على نحو خاص ارتباطا بقرار السلطات الحسم فيه بفتح طريق وسطه. وتجدر الإشارة إلى أن المطالبين به سبق أن عوضوا من طرف مجلس 97 بقطع أرضية بتجزئة القرويين. إلا أن توالي المجالس الانتخابية خلق التباسات كثيرة أمام مطالب هؤلاء، حيث تم تعويضهم عبر وثائق وقرارات وليس ببقع أرضية عينية. وفيما تتواصل الأشغال بوتيرة اعتيادية، توقفت الأشغال بنقطة قرب الميزان بمدخل فاس جهة الشرق اتضح أن لها مالكا، حيث حضر محاميه وأثبت ملكية الأرض. يتعلق الأمر -حسب مصادرنا- بقطعة في ملكية (ل.ز) بجانب سور باب الخوخة، وتوقفت الأشغال إلى حين الكشف عن ملابسات المشكل وبحث توافقات ترضي الطرفين. وقال مصدر رسمي إن الأشغال انطلقت ولن تعرف أي توقف مهما كانت العراقيل. وانطلقت الجرافات قبل أسبوع في أشغال التهيئة، ولاحظ المواطنون تطوع مالكي بعض المقاهي بنزع أغطيتهم البلاستيكية المقامة في الشارع العام قبل هدمها، فيما ظل البعض يترقب حتى آخر لحظة ما سيسفر عنه الوضع. وعلى الرغم من الاحتقان الكبير الذي فرضه سير الأشغال، إلا أن المواطنين وعموم الساكنة مرتاحون للمشروع وما سيسفر عنه بعد الانتهاء الأشغال.