في الوقت الذي كانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تترأس اجتماعا طارئا سمي اجتماع تدبير الأزمة لمناقشة وضعية اليورو على خلفية الأزمة اليونانية، كانت أخبار الهزيمة النكراء لحزبها في الانتخابات الجهوية التي جرت أول أمس الأحد بولاية شمال الراين شرق فاليا وعاصمتها دوسلدورف تتوالى لتسبب المزيد من الخيبة والصدمة للتحالف الذي يقود برلين. بعد خمس سنوات من سيطرة تحالف المسيحين والليبرالين على برلمان دوسلدورف جاءت انتخابات أمس لتضع حدا لهذا التحالف بهزيمة نكراء للمسيحيين بقيادة رئيس الوزراء يورغن روتغرز الذي فقد أكثر من 10% مقارنة بنتائج الحزب في الانتخابات الجهوية الأخيرة. و من المعلوم أن هذه الهزيمة لها انعكاسات مباشرة على حكومة برلين الاتحادية التي فقدت معها الأغلبية في الغرفة السفلى (البندسرات) أو مجلس الولايات، وهو الأمر الذي سيشكل فرملة قوية لسياسة ميركل وحليفها وزير الخارجية غيدو فيستفله الذي وإن حقق تقدما طفيفا بالمقارنة مع الانتخابات الجهوية قبل خمس سنوات، إلا أن النتائج التي حققها حزبه لم تصل حتى نصف ما حققه في انتخابات البندستاغ في هذه الولاية في الخريف الماضي. واعتبر كل من حزب الخضر وحزب اليسار الرابحان الكبيران في هذا الاستحقاق، حيث ضاعف حزب الخضر من نتيجته الانتخابة في حين حقق حزب اليسار حلمه بتجاوز عتبة 5% وبالتالي ضمنا الدخول إلى برلمان دوسلدورف. ولقد حصل المسيحيون الديموقراطيون على 67 مقعدا، ونفس العدد كان من نصيب الاشتراكيين الديموقراطيين، وضاعف حزب الخضر من عدد المقاعد التي كانت في حوزته، حيث حصل على 23 مقعدا، والليبراليون حصلوا على 13 مقعدا، أما حزب اليسار فحصد 11 مقعدا. ويذكر أن الأغلبية المريحة للحكومة في هذه الولاية هي 91 مقعدا. أمام هذا الوضع يطرح السؤال من سيحكم في دوسلدورف في الخمس سنوات القادمة؟ فإذا كانت كل الاحتمالات مفتوحة. هناك ثلاثة معطيات أساسية. لأولى ترسيخ حزب اليسار أقدامه في الخريطة السياسية الألمانية، وبالتالي فرض نفسه تدريجيا على الفاعلين السياسيين خاصة الحزب الاشتراكي الديموقراطي الذي أصبح لزاما عليه تغيير موقفه الرافض للتحالف مع هذا الحزب. والثانية هي نهاية المستقبل السياسي لرئيس الوزراء يورغن روتغكس الذي صرح أمس الأول أنه يفكر جديا في الاستقالة ولو أن الحزب على مستوى الجهة تشبت به فإن الأضواء بدأت تسلط على وزير الاندماج أرمين. إذن في غياب تحالف واضح بين حزبين في ولاية شمال الراين شرق فاليا يبقى التشويق سيد الموقف في قادم الأيام في انتظار ما ستسفر عليه المفاوضات التي ستجريها الأطراف السياسية المعنية لقيادة الحكومة الجهوية في دوسلدورف حيث تسير الأمور في اتجاه تحالف كبير بين المسيحيين و الاشتراكيين. أما المعطى الثالث فيتجلى في كون أن نتيجة هذه الانتخابات أفقدت التحالف في برلين الأغلبية في البندسرات، الأمر الذي سيعرقل العديد من قراراته . وفي سياق متصل بالحزب الجديد «التحالف من أجل العدالة والابتكار» والذي تقدم لأول مرة للانتخابات الجهوية بعد ثلاثة شهور على تأسيسه، وهو الحزب المشكل من طرف الألمان ذو الأصول المهاجرة. هذا الحزب الذي وإن لم يحقق الشأي الكثير، فإن نائب رئيسه موسى أشرقي يعتبر 20 ألف صوت نسبة مشجعة لهم للاستمرار والاستعداد للانتخابات البرلمانية الاتحادية القادمة و لمختلف الاستحقاقات حتى يفرضوا نفسهم (أنظر نص الحوار تحت) ويشار في الأخير إلى تراجع نسبة المشاركة في الانتخابات من 63 في المائة عام 2005 إلى 59 في المائة أي بنسبة 4 في المائة.