صنفت مؤخرا المجلة الدولية الأمريكية المختصة في الأعمال والأموال، مدينة موسكو عاصمة الفيدرالية الروسية من بين المدن الأكثر غلاء في المعيشة وأثمنة الفنادق والمطاعم الفخمة، وأكثر رواجا في الإستثمارات المختلف كمدينة نيويورك ولندن وطوكيو، بل إن المجلة قد سبق لها منذ سنوات أن صنفتها في المرتبة الثانية بعد نيويورك، نظرا لما عرفته هذه المدينة من تحول عميق على المستوى الإجتماعي والإقتصادي. وجاء تصنيف هذه المدينة العملاقة، نظرا لما عرفته من تطوراقتصادي وتحول اجتماعي كبير، حيث أصبحت مضربا للإستهلاك والتسويق والموضة بعد أن اخترقتها جميع الموضات العالمية، والمنتوجات الصناعية العالمية من سيارات فارهة ومعطرات المختلفة وألبسة وحلي وساعات اليدوية بالمركز التجاري الموجود بالقرب من الساحة الحمراء وعلى مقربة من قبر لينين المجاورللكرملين مقرالرئاسة الروسية.. وتجلى الإرتفاع في الأثمنة من خلال أثمنة الأطعمة المقدمة بالمطاعم والفنادق، حيث غزت عدة مطاعم عالمية فخمة التي انتشرت في السنين الأخيرة موسكو، وخاصة بعد انهيار جدار برلين، بمركزالمدينة سواء ذات الطابع الروسي في الأكل كمطعم بوشكين(الشاعرالروسي الكبير) الذي احتفظ بخصوصيته الثقافية وبخزانة الشاعرومؤلفاته العديدة، والذي يعتبر من أرقى المطاعم بالمدينة، إضافة إلى مطاعم أخرى فخمة مثل كودونوف ويوفورنجيا ويولكي يالكي، وروس وكراسني ياروس، ومومو... أوذات طابع عالمي مثل المطاعم الفرنسية والإيطالية والإنجليزية والأوكرانية المنتشرة بالمناطق الراقية بالمدينة. وبالنسبة للطبخ العربي فلا توجد إلامطاعم تعد على رؤوس الأصابع، كمطعم متخصص في الطبخ المغربي والجزائري، ومطعم ميراج للطبخ اللبناني والسوري، ومطعم «ماري بلو» المتخصص في الأسماك لصاحبه التونسي..وحسب مرشدتنا الروسية التي قادتنا في رحلة تجوال بأهم معالم وساحات وآثارمدينة موسكو،أثناء حضورنا في المعرض الدولي للسياحة المقام بموسكو ما بين 17و20 مارس الحالي، ضمن وفد المجلس الجهوي للسياحة لأكَادير جهة سوس ماسة درعة، فالأثمنة آخذة في الإرتفاع نظرا للقدرة الشرائية والزيادة في الأجور، زيادة على تهافت الشركات الأجنبية للإستثماربموسكو. فأثمنة المبيت فقط بأحد الفنادق الفخمة مثل بريزدنت وكوسموس وغورشافا وأرينا وغيرها في ارتفاع شديد، قد تصل أحيانا في بعضها إلى مليوني سنتيم مغربي في الليلة الواحدة، كما أن أثمنة العقار هي الأخرى عرفت قفزة صاروخية في العشرالسنوات الأخيرة بشكل خيالي، حيث أفاد مصدرنا «المغربي»المقيم منذ سنوات بموسكو، أن ثمن المتر الواحد بضواحي موسكو وصل إلى 3000 دولار، دون الحديث عن ذات الأثمنة بمركز المدينة والأحياء الراقية التي تعرف مضاربات حادة في أثمنة العقار. وأضاف أن أثمنة أسعارالمواد الغذائية والمشروبات في ارتفاع، لايستطيع الأجنبي ذي الدخل المتوسط مجاراتها، خلافا للحياة السابقة في زمن الشيوعية، فشرب كأس من القهوة بالمناطق الشعبية يكلف مبلغ 60 درهما مغربية، وقنينة ماء تكلف مبلغ 40درهما. وبالمناطق الراقية تكلف 120درهما، أما أثمنة الخضر كالطماطم مثلا فقد بلغت 50 درهما. فالمعيشة بالنسبة للأجنبي في ارتفاع شديد، في السنوات الأخيرة بعدما كانت سهلة في زمن الشيوعية، سواء في الأكل أوالكراء أوالألبسة أوالمبيت بالفندق، لكن في زمن التحول الجديد والإنفتاح الإقتصادي وارتفاع الأجور..أصبح الروس أكثر قدرة على مجاراة إيقاع الحياة الجديدة، وأكثراستهلاكا، بدليل أن المعرض المغربي للصناعة التقليدية الذي نظم بموسكو في نوفبرمن سنة 2009 لمدة خمسة أيام، قد نفذت منتوجاته كلها في يومين من بدايته، وبأثمنة الباعة المغاربة، كما عبر عن ذلك سفيرالمغرب بموسكوالدكتورعبد القادر الأشهب (لاعب الوداد البيضاوي والمنتخب المغربي في السبعينات) في حفل عشاء أقامه على شرف الوفد المغربي المشارك في المعرض الدولي للسياحة بموسكو. ومن مؤشرات الغلاء بهذه المدينة الأكثر جاذبية بروسيا إلى المدينة الأثرية والسياحية الجميلة لنينكراد (سان بيترسبورغ)، هوأن السياحة العالمية صارت أكثرمن ذي قبل متجهة نحوالسوق الروسية، بدليل حضورأزيد من 118بلد، في المعرض السياحي العالمي المقام بمدينة موسكو في الفترة ما بين17و20 مارس الماضي، نظرا لتميزالسائح الروسي بعدة ميزات عن السائح الأروبي، فهو أكثر تبضعا واستهلاكا حيث يصرف كثيرا بدليل أنه يصرف حوالي 700أرور، خارج المصاريف العادية، ويصل معدل مصاريفه اليومية حوالي156أورو، متجاوزا بذلك المعدل الأروبي المحدد في122أورو. فجاذبية موسكو الإقتصادية واستقطابها للرساميل والإستثمارات الأجنبية، توازيها جاذبيتها الساحرة في طقسها الثلجي الذي يمتد سبعة أشهرمن كل سنة، ووداعة أهلها ورونق المعماروالتصاميم الهندسية والآثارالتاريخية سواء كانت من بقايا الشيوعية كالكرملين ومقرالزعيم السوفياتي ستالين والساحة الحمراء حيث يرقد الزعيم لنين في قبره،أومن بقايا ما قبل الشيوعية بقرون عديدة. فالزائرلهذه المدينة تأسره عدة مشاهد من متاحف ومراكزثقافية ومسارح وكاتدرائيات ومن تماثيل منتشرة في كل مكان لرموز الشيوعية وزعمائها بالإتحادالسوفياتي سابقا، فتمثال الرفيق لنين بقي شامخا، بالرغم من الزيارة لقبره توقفت مؤقتا منذ ثلاثة أشهرتقول مرشدتنا الروسية، كما أن رموزالثورة الفلاحية والعمالية، بالرغم من التحولات السياسية والإجتماعية والإقتصادية، بقيت راسخة كتذكارات على الأقواس الكبرى. كما بقي تمثال كَاكَارين ورفقاؤه الذين قاموا بأول تجربة فضائية في العالم شامخا أمام الفندق الضخم «كوسموس» الذي يحمل إسم المركبة الفضائية التي قادت السوفيات إلى غزوالفضاء، فضلا عن تماثيل أشهرالعلماء والأدباء والفنانين الروسيين..هذا دون الحديث عن«الميترو» الذي يعتبره الروسيون من أهم معالم وتراث موسكو، كأول وأكبرميتر وفي العالم، يعود بناؤه إلى منتصف القرن العشرين في عهد ستالين، والذي ينقل يوميا حوالي 9ملايين راكب، على سكتين تحت طابقين أرضيين.