الدار البيضاء سوق كبيرة لمختلف «المنتجات الفاسدة والمهربة»، هذا ما تؤكده الوقائع يوماً عن يوم وما تزكيه الأخبار الواردة في كل أسبوع عن اكتشاف سلع فاسدة أو مهربة في هذا المكان أو ذاك، وفي الآونة الأخيرة ارتفعت وتيرة انتشار هذه المواد أمام غياب مراقبة فعالة تردع مروجي هذه المنتوجات. ففي نهاية الأسبوع ، تمكنت مصالح الأمن بعين الشق الحي الحسني من وضع اليد على شبكة تستقدم كحولا خاما، من مدن الناظور، سبتة ومليلية المحتلتين، بعد أن أقامت كمينا انتهى بمنطقة ليساسفة بحجز 8000 لتر من هذه الكحول ذات 96 درجة. هذه الكحول، وحسب العارفين، توزع أساساً على «المختبرات السرية» التي تصنع الخمور في بعض الأزقة بدون علم الدولة وأيضاً تقتنيها بعض مصانع الأدوية وهنا مكمن الخطر. قبل أسبوعين، أوقف رجال الدرك بمنطقة الشلالات شاحنة محملة بمواد غذائية انتهت مدة صلاحيتها متوجهة إلى أحد المستودعات هناك لإعادة تعليبها بتواريخ جديدة، والخطير أن هذه المواد وقع بشأنها محضر من طرف لجنة تمثل السلطات والمصالح الصحية تقول بأنها أحرقت، ليتضح أن اللجنة «متواطئة» مع الشركة التي لها مهمة الإتلاف، بحيث توقع لها على محضر يشهد بإحراقها والحال أن الشركة تعيد بيعها! قبل أسابيع، اكتشف مواطنون اقتنوا رغائف خاصة بالسندويتشات بأحد الأسواق الممتازة أنها فاسدة، وبعد إطلالة على التاريخ فوجئوا بأن مدة الصلاحية انتهت ومع ذلك مازالت تلك السوق تعرضها في رفوفها. أسواق أخرى ممتازة كشفت دوريات محاربة الذبيحة السرية بأنها تعرض لحوماً غير خاضعة للمراقبة الطبية. وفي كل يوم تعرض سلع مختلفة في الأزقة والشوارع وهي كلها مواد مهربة ويقتنيها المواطن بشكل كبير لكونها منخفضة الثمن. قبل حوالي سنتين، ألقي القبض على أحد باعة «الصوصيص»، بعد أن ضبط متلبساً يحشوها بلحوم الكلاب. كل هذا يضع دور المراقبة في خانة التساؤل: أين هي مصالح المراقبة؟ بدءاً من مراقبة الحدود، وصولا إلى المصالح التي خول لها المشرع هذه المهمة. جواباً عن ذلك، أحدث مؤخراً مكتب وطني للسلامة الصحية، مثقل بترسانة من القوانين، وهي مشابهة للقوانين والمساطر التي كانت تتمتع بها مصالح المراقبة التي سبقتها، لكن شبكات التهريب وترويج المواد الفاسدة هزمتها، إذ اتضح في عدد من الحالات أن بعض هذه المصالح تتواطأ مع هؤلاء، كما وقع في ملف المواد الفاسدة بالشلالات، وهنا يطرح سؤال تحصين العنصر البشري المؤتمن على سلامة صحتنا. ماذا خصص له المشرع وماذا وفر له لكي يكون في منأى عن أي إغراء أو تواطؤ؟ نعتقد أنه بتحصين المراقب ماديا ومعنوياً قد نساهم في الحد من هذه الآفة التي ولجت عدة قطاعات بنسبة متقدمة!