«عشاق» الأرض في الدارالبيضاء متنوعون ومختلفون، على رأسهم المنعشون العقاريون والتجار الكبار والصناع الكبار ووزراء ومسؤولون في شتى القطاعات، وضباط من مختلف الأسلاك، ومنهم أيضاً الأجانب، خاصة الأسماء الوهمية ! حكاية الأسماء الأجنبية التي اختفت منذ الحماية و«بُعثت فينا» في القرن 21، أضحت حبلى بالمفاجآت، كيف لا وقد أصبحت تملك من الأرض أكثر من اللازم! ففي كل مرة، يطلع اسم أجنبي، ولكن لا تظهر صورته لا في المحاكم ولا في الشوارع ولا في أي مكان، كبائع أرض ورثها منذ عهد الحماية إلى مغربي محظوظ. وقد اتضح فيما بعد أن هناك شبكات احترفت هذه الطريقة وأصبحت من كبار الملاك للعقار البيضاوي. ولنا أن نتأمل هذه الحكاية لنقف على وضعية أرضنا التي تباع لنا من الخارج من دون أن «نقشع» أو نفهم شيئاً. «ماريّا» سيدة إيطالية، قيل في عقود بيع بقع أرضية في منطقة المعاريف، إنها من مواليد 1953. هذه السيدة ظهرت فجأة (في الحقيقة لم يظهر لها هي أثر، ظهرت وثائق تقول)، إنها وريثة العقار ذي الرسم العقاري 1794 الكائن بملتقى زنقة ابن النفيس وأبو الصلط الأندلسي بالمعاريف. هذه الأرض مساحتها 151 مترا مربعا، ولنا أن نلحظ موقع هذه الأرض التي، وكما يعرف المتتبعون للشأن العقاري البيضاوي، بأن سعر المتر المربع هناك يساوي في أدنى تقدير 30 ألف درهم، بمعنى أنها «غبرت» منذ الحماية لتُبعث في أرض يصل ثمنها على الأقل 450 مليون سنتيم. وقالت العقود، بأن هذه السيدة ورثت هذه الأرض بحكم أنها حفيدة عائلة كايطان مورمينا، وهي ابنة المالكة التي تدعى كارولينا. هذه الأرض الى حدود ذلك التاريخ، كانت في ملكية جماعة الدارالبيضاء بموجب حكم نزع ملكيتها لفائدة الدارالبيضاء صادر في ماي 1936، ستبيعها ماريا (حسب العقود) إلى أحدهم، لكن بمبلغ 80 مليون سنتيم! والبيضاويون يعرفون قيمة الأرض بالمعاريف. وقد زج بأحد الموظفين بمقاطعة المعاريف في السجن، لأنه كان يعارض عملية البيع. وللتذكير، فهذه الأرض كانت رهن إشارة شركة «سيطا» المفوض لها تدبير قطاع النظافة بالمنطقة. «ماريا»، ثانية ستظهر في أرض أخرى بنفس المنطقة، أي بالمعاريف، هذه المرة ستُبعث كوريثة لأرض مساحتها 225 مترا مربعا ذات الرسم العقاري رقم 24139 س بصفتها الوريثة الوحيدة لعائلة ميليلي، أي أنها أصبحت هذه المرة حفيدة عائلة أخرى، من أم ثانية تدعى «هيلين». نحن الآن بصدد امرأة لها والدتان، الأولى تدعى كارولينا والثانية هيلين، وتضيف وثائق البيع أنها منحت وكالة البيع لأحد الأشخاص. وبالفعل، تم بيع الأرض وبثمن 80 مليون سنتيم أيضاً لذات الشخص الذي اشترى الأرض الأولى التي باعها إلى إحدى الشركات، كما تقول الوثائق امرأة إيطالية لها والدتان و «مضروبة» فقط على مبلغ 80 مليون سنتيم!! زحف هذه السيدة لن يتوقف ها هنا. فسنجد في عقد بيع آخر أنها حاصلة على هبة أرضية من عائلة أجنبية وهي عائلة جون ريك مساحتها أيضا 151 مترا مربعا ذات الرسم العقاري 265 س وستبيعا لأحدهم هذه المرة بمبلغ 70 مليونا ، رغم أن الأرض توجد بمنطقة المعاريف ، ليبيعها هو الآخر إلى نفس الشركة التي اقتنت الأرض الثانية بمبلغ 80 مليونا!! كل ما هو معروف بشأن هذه «العاشقة» لأرض المعاريف، أنها تقطن بمدينة شيزينا بإيطاليا، وكل العقود والوثائق لا تحدد لا المقاطعة ولا العنوان الدقيق الذي تقطنه ولا رقم جواز السفر أو البطاقة الوطنية ولا المهنة، فكيف دخلت المغرب وقامت بالبيع؟! وكيف نصبت دفاعها هنا وكيف نقلت الأموال إلى إيطاليا بدون المرور على مكتب الصرف، وكيف استصدرت حكما ليتسنى لها تسجيل العقود المنجزة بإيطاليا بالمحافظة العقارية؟! عشرات من «ماريا» ومن مختلف الجنسيات، «بُعثت» في السنوات الأخيرة بالدارالبيضاء لبيع الأرض الى أسماء معينة من دون أن تتحرك أية جهة لتطرح سؤال ظهور «عائلات الحماية» فينا اليوم بالذات؟ ومن يشتري منهم وكيف وعلى أية أسس؟ عشرات المرات طرح مشكل جرد ممتلكات المدينة، لكن القيمين على الأمور يتجاهلون ذلك، وهو ما يجعل باب التأويل مشرعاً على مصراعيه