طاسين الماضي قل لي يا شبلى: ماذا في القلب سوى أحزان الفقراء؟ بالأمس أتاني في الحلم حبيبي، لقنني كلمات.. كالرياح ألقى بي في عين القرب.. تجلى منه السر، فكانت أجفاني بسملة في اللوح المشهود آه.. أحرقني بالوصل حبيبي.. شتتني في الأكواخ رمادا تنشأ منه الطير ألقى بي في الموج الكوني وحدثني بإشارات الفقراء أوقفني في نار الوجد.. وغطاني باليقطين ما عشت الوصل طوي لكني فوق صليبي سأعيش لا تدمع عينك يا شبلى أني: صوت يتجسد في أحضان الأبدية: سيفا، نخلا، وكتابا. تحديق شديد من فوق صليبي، أشهد: أن النهر عميق الأغوار أني لم أعرف إلا لحظات فرخ الأنوار إن الرحلة في الآتي تبدأ من حمأ مسنون وبأني بعد سجين النقطة في «الباء الأولى»... وبعيني أرى «بغداد» فتاة تسبى (يا أغلى عذراء في أيدي النخاسين) يبدو ثدياها في أيديهم مئذنتين يتوالد في صوتهما ظل الإنكار. طاسين الحاضر من فوق صليبي تبدو لي «بغداد» قبيل الفجر حرثا يلهو فيه سماسرة الأجيال «.. مازال الصبح بعيدا؟..» يسألني طفل عابر هل ينشق الليل وتنحسر الظلماء أم لن نسمع إلا خطوات العشاق على جسر النهر الهادر... بالأشواق؟ ماذا تشفي بوصلة الحضرة... يا شيخ الحكمة يا فارس آلام الوجد.. الساخر بالسجان أنا يا شيخ نشاهد في النهر ملامحنا قسمات منطفئة تتراقص في مملكة الإملاق ونحاول تدجين الخيبة في الأوراق «فمتى يجري النهر.. وينطق الفتيان..» «مازلنا يا ولدي، نضرب في البيداء أقول نتواثب خلف سراب البئر الأسطورية في أفق مجهول ونواجه أنفسنا بالعذر... المقبول...». طاسين الآتي احضر يا شبلى أعراس الفقراء... ودع الطفل العابر... يأخذ بيديك فالخيل المسروجة بالتاريخ.. الوهاب جاءت من أحلامهم الخضراء والخيل الواقفة على أعتاب الآتي تخرج من بين أصابعهم: من أحداقهم الغراء يا شبلى، هذا آخر حرف في «طاسين الآتي» فترقب طوفان الزحف القادم.. لا تنظر الخلف. ملحوظة: الطواسين: كتاب شهير للحلاج الصوفي الذي صلب في بغداد أوائل القرن الرابع الهجري، أما الشبلى فهو أحد أتباعه...