سبع ساعات هي عمر اللقاء التواصلي الذي شهدته جنبات الممر الأرضي ل«الكرة الأرضية» بقلب العاصمة الاقتصادية، يوم الاثنين، اختار خلاله أعضاء جمعيات «الفضاء الحداثي للتنمية والتعايش مستقبل المدينة اولاد المدينة توأمة الدارالبيضاء شيكاغو أحياء إدماج»، من أطفال، يافعين وشباب ، رغم الروائح الكريهة والقاذورات المنتشرة بكل مكان، أن يخصصوها للجلوس إلى قرابة 80 مشردا من مختلف الأعمار ومن كلا الجنسين، لتناول وجبتي الإفطار والغداء برفقتهم، تنظيم أنشطة ترفيهية لهم وتوزيع الملابس عليهم، والأهم من كل هذا وذاك الإنصات إليهم. حوار/نقاش تبادل أطرافه أعضاء الجمعيات وكذا تلامذة عدد من المؤسسات التعليمية الابتدائية بالمنطقة، مع هؤلاء «المشردين» الذين يعيشون على الهامش يستجدون لقمة عيشهم رغم نظرات الإشمئزاز/الاحتقار التي يوجهها لهم البعض والتي تصل حد الكراهية وممارسة العنف عليهم، فكانت بذلك الفرصة مناسبة تواصلية بينت مدى حاجة هاته الفئة المحرومة التي تقتات من «فضلات» الآخرين، لمن يحاورها ويصغي إليها، وهي تحكي عن معاناتها، آلامها ومشاكلها، وكانت المفاجأة أن عددا مهما منهم لهم مستويات دراسية مهمة ما فوق الباكلوريا، ومنهم من انقطع عن الدراسة لأسباب عائلية واقتصادية واجتماعية، حيث أجمعوا على رفضهم لوضعهم هذا ورغبتهم في عيش حياة طبيعية. مطلب بدا مع توالي الأيام أنه عصي على التحقيق، بل إن منهم من لارغبة له سوى في العودة إلى الفصول الدراسية وحاجته لمن يربط له الصلة بأسرته للعودة إلى أحضانها! هي لحظات إنسانية تختزن بين ثناياها الكثير من الألم المتبادل، ألم عيش حياة التشرد والخوف والجوع والقهر، وألم رؤية أطفال في عمر الزهور لفظهم المجتمع حين تجمدت الأحاسيس والمشاعر، ليحل قانون الغاب حيث يستقوي القوي على الضعيف، كيف لا وعدد منهم، سيما الصغار ، الندوب تكسو وجوههم وأعناقهم التي صارت تضم تفاصيل جروح غائرة تسببت فيها القنينات الزجاجية وشفرات الحلاقة والسكاكين في لحظة انفلات، وهو ما دفع بعضهم لتقديم النصائح للحاضرين خاصة من الأطفال/التلاميذ تفيد بضرورة حسن الإصغاء للوالدين واتباع نصائحهم والانكباب على التحصيل والدراسة وطلب العلم، قبل أن يختتم أحدهم كلامه بقوله «اقراوا وخرجوا محاميين وحاميوا علينا ..راه احنا محتاجين اللي يدوي علينا»!؟