نظم فرع المنظمة المغربية لحقوق الإنسان بالدار البيضاء يوم السبت الماضي ندوة حول موضوع «سنوات الرصاص بنون النسوة» احتفاءا بيوم 8 مارس المصادف لعيد المرأة, و ذلك بقاعة المركب الثقافي و الاجتماعي تورية السقاط بالدار البيضاء. اللقاء كان مخصصا لتكريم المرأة المغربية التي عانت خلال سنوات الجمر من جراء الانتهاكات الجسيمة التي تعرض لها الزوج أو الابن أو الأخ أو الأب أو الحبيب أو الجار ... و للاستماع إلى شهاداتهم كضحايا «جانبيين». كان اللقاء من تنشيط منير بن صالح, كاتب فرع المنظمة بالدار البيضاء, و عرف حضور العديد من الضحايا و عائلاتهم (افكوح, الوديع, وزان, باح باح, دهكون, بنو حجر, المانوزي, الديك, شيبوب, سعودي, تفنوت, عشماوي, ... ) و مناضلي حقوق الانسان (من المنتدى المغربي للحقيقة و الإنصاف, الجمعية المغربية لحقوق الإنسان, ...) و مجموعة من الشباب و أعضاء المكتب الوطني للمنظمة و مسؤولين سابقين في نفس الهيأة. استعرض المنظمون شريطا انجز بهذه المناسبة يتضمن مقتطفات لشهادات بعض النسوة : فاطمة المانوزي, خديجة الرويسي, عايدة حشاد, ... و أخريات. «تكريما للمرأة المغربية ننظم هذه الندوة و التي تندرج في صميم عمل منظمتنا في مجال حفظ الذاكرة و ضمان عدم تكرار ما جرى» تقول مليكة غزالي باسم المكتب الوطني للمنظمة. كما استمع الحاضرون إلى شهادة السيدة يامنة افكوح. «إننا نهاب الرجوع إلى الوراء. لقد لخصنا التاريخ في سطور و لم نقراه قراءة صحيحة, فالمصالحة لم تكن كاملة» تقول الشاهدة بمرارة و هي تحكي عن اختطاف العائلة برمتها منذ اختفاء الوالد. «تصوروا أن أمي تلقت 10 آلاف درهم كتعويض عن فقدانها لابنتها التي توفيت جراء المرض و الإهمال داخل معتقل الكوربيس. إنها الإهانة و العنف رقم 2» تضيف يامنة. من جهته يقول بوبكر لركو, كاتب عام المنظمة, السؤال اليوم هو «كيف نجعل كل المغاربة يعرفون ما جرى؟ انها كانت احدى توصيات المناظرة الأولى». و يضيف لركو «إننا فخورين في المنظمة أن يكون هؤلاء الشباب ممن نظموا هذا النشاط حملوا المشعل و قد تفوقوا في التنظيم و في اختيار الموضوع. لقد كان الهم هو تمثيل كل المراحل التاريخية, كل المجموعات, كل المناطق». في تدخله أعرب حسن وزان, عن المنتدى المغربي للحقيقة و الإنصاف, عن شهادة في حق والدته «التي لم تكن تالف الخروج من بيتها لتصبح, بعد اعتقال زوجها, مكرهة لتربية 10 أبناء و ضمان قوتهم, و نجحت في هذه المهمة. في هذا الصدد, أتأسف لكون العديد من جلادي الأمس لا يزالون يصولون بيننا بدون محاسبة». كما لخص وزان شهادات استقاها احمد بيضي, عضو المنظمة بخنيفرة, كانت قد نشرت في إحدى الصحف الوطنية, عن النساء ضحايا أحداث 3 مارس 1973. في النهاية اقترح وزان 1 - تنظيم الاحتفال ب 8 مارس السنة المقبلة في إحدى دواوير خنيفرة ردا لاعتبار المرأة في تلك المناطق 2 - موقف موحد للحركة الحقوقية في الادماج الاجتماعي للنساء «الضحايا الجانبيين « 3 - فتح الملفات العالقة كملف «هرمومو» و الإعدامات التي تم الاعتراف الرسمي باقترافها دون تسليم جثث الضحايا. بعد ذلك بدأت المناقشات في القاعة. «العمل جيد و لكنه سيكون افضل لو كان اكثر احترافية, و يجب دعمه ليكون كذلك. كما أتأسف لضعف الحضور, 60 او 70 مشاركا في موضوع مهم و أساسي كهذا يسائل الجميع» تقول فاطنة سرحان, عضو المنظمة. «اختيار قاعة تورية السقاط, التي تحمل اسم والدتي, فيه رمزية كبيرة بالنسبة للموضوع. ان النساء كن سندا للمعتقل سواء في إحضار الأكل و الحاجيات أو في تسريب الأخبار و البيانات و الدعم المعنوي. و كمثال, كان النساء المفاوض الأساسي بعد الإضراب عن الطعام الذي قمنا به خلال 44 يوما في مجموعة السرفاتي و من معه». إلى هذا فضل عبد الرحيم تفنوت عدم التدخل كمعتقل سابق بل كإعلامي : « الإعلام العمومي يمارس سياسة النسيان في هذا الموضوع و في المقابل يجب علينا تجديد استراتيجية الذاكرة» قبل أن يقترح إعداد فيلم من 52 دقيقة في إطار النشاط المقترح من طرف وزان و إعداد برامج وثائقية في مجال حفظ الذاكرة و توثيق الشهادات في كتاب عبر ورشة للكتابة, قبل أن يعلق المسير : «كما أود أن أشيد بوفاء هذه المرأة. مليكة زوجة عبد الرحيم انتظرته طيلة مدة اعتقاله إلى أن عانق الحرية ليتزوجا. فطوبى لهؤلاء النسوة». فاطمة الزهراء ماء العينين اقترحت من جهتها توسيع العمل الى كل مناطق المغرب خصوصا الريف و الصحراء حيث يستغل البعض هذه المعاناة للترويج لاطروحات الانفصال, فيما عبر متق الله محمد على ضرورة فتح ملف ضخم, و يتعلق الأمر «بمجموعة طلبة المدرسة العسكرية بهرمومو, إذ لا يزال أزيد من 200 مجهولي المصير يعتبرون أحياء في سجلات الحالة المدنية». في الختام. جدد لركو مناشدته الجميع للاستمرار في حفظ الذاكرة الجماعية «فلاتزال عائلات غير قادرات على الشهادة الى اليوم», بينما يقول وزان «أن الانتهاكات لازالت حاصلة إلى اليوم, و معتقل تمارة اكبر شاهد على ذلك». من جهتها ناشدت مليكة غزالي الجميع» لتحقيق طموحنا في أن تتم ترجمة هذا العمل للسينما» و أضاف منير بن صالح في كلمة ختامية «أن الشعوب المتحضرة هي التي تمتلك القدرة على قراءة تاريخها بكل جوانبه و استخلاص العبر. فالسؤال المطروح اليوم : هل هذه المرأة المحتفى بها اليوم عرفت كل الحقيقة, و هل أنصفت, و هل تصالحت؟ هذا يحيلنا إلى نشاط لاحق تتمة لنفس الموضوع». و أخذت صور تذكارية في آخر اللقاء كما تم توزيع ورود على النساء الحاضرات احتفاء للمنظمة بالمرأة المغربية.