و.م.ع تابعت سموها أنه إذا كان تاريخها العريق مبعث فخر واعتزاز لها, فإن حاضرة الرباط التليدة لتصبو وترنو بكل عزم وتصميم نحو المستقبل حيث أمكن لها أن تزاوج بين انفتاحها على الحداثة ورغبتها في تأكيد حضورها على الساحة الدولية وحرصها على صون تقاليدها والحفاظ على طابعها المميز كمدينة خضراء, و«من هذا المنطلق, مافتئت مسألتا البيئة والتنمية المستدامة تتصدران قائمة الأولويات التي تحدد عمل القائمين على شؤون المدينة من سلطات محلية ومجالس منتخبة» وأبرزت صاحبة السمو الملكي أن «اختيار مدينة الرباط يعكس مدى ما تحقق للمغرب من تقدم ملحوظ في مجال البيئة, ويبرز استحالة الرجوع في المملكة عن الخيار المتعلق بالتنمية المستدامة التي اعتمدت أهدافها ومبادئها منذ قمة الأرض بريو سنة1992 ». وسجلت صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء أن العناية البالغة التي توليها المملكة لقضايا التنمية المستدامة قد تجلت من خلال المشاركة الشخصية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس, بصفته وليا للعهد آنذاك, في قمة الأرض المنعقدة في ريو سنة 1992 , وكذا في اجتماع ريو زائد خمسة بنيويورك سنة1997 , وأخيرا بصفته رئيس دولة, في القمة العالمية حول التنمية المستدامة بجوهانسبورغ سنة2002 . وأكدت سموها أنه «تجسيدا لحرصها على مواكبة تشريعاتها للمنظومة القانونية الدولية ذات الصلة بقضايا البيئة, صادقت بلادنا سنة1995 على المعاهدة الإطار للأمم المتحدة بشأن التغيرات المناخية , ومعاهدة الأممالمتحدة للتنوع البيولوجي, وكذا على معاهدة الأممالمتحدة لمحاربة التصحر سنة1996 » وأضافت صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء أن المملكة «لم تدخر جهدا لاحتضان الدورة السابعة لمؤتمر الأطراف حول التغيرات المناخية, المنعقد سنة2001 بمراكش, وهو المؤتمر الذي كان له الفضل في تهيئ الظروف الملائمة لبدء سريان مفعول بروتوكول كيوتو الذي صادقت عليه بلادنا سنة2002 وذكرت صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء أن المغرب انخرط في نهج سياسة طموحة لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية, وذلك من منطلق الوعي بأن السعي إلى تحقيق نمو اقتصادي مطرد ينبغي أن يتم بالموازاة مع نهج سياسة إرادوية تهدف إلى الحفاظ على البيئة وترمي إلى إدراج المسار التنموي الوطني ضمن منظور قائم على تحقيق التنمية المستدامة, مؤكدة أن جهودا جبارة قد بذلت لتطوير الإطار المؤسساتي والقانوني ذي الصلة بقضايا البيئة. وسجلت صاحبة السمو الملكي أن المغرب أصبح يتوفر على برامج عمل وطنية تهدف إلى الحد من آثار التقلبات المناخية والتكيف معها, وتخص القطاعات الحيوية للماء والفلاحة والصناعةوالبناء والطاقة, مشيرة إلى السياسة التي ينهجها المغرب في مجال النهوض بالطاقات المتجددة. «وأمام تعاظم الأضرار التي تلحق بيئتنا - تضيف سموها - أصبح واجب التصدي لهذه الظاهرة أمرا ملحا على نحو يرقى إلى مستوى الرهان المطروح الذي يكتسي طابعا سياسيا محوريا ويندرج ضمن الرهانات الرئيسية التي نواجهها في القرن الحالي» مؤكدة أنه «أمام تزايد التحديات المطروحة في الوقت الراهن, تبنت المملكة المغربية توجهات تنموية جديدة لا سيما من خلال جعل حماية البيئة أحد الأهداف المنشودة التي تحظى بالأولوية» و«لهذا السبب - تقول سموها - سيقوم المغرب باعتماد ميثاق وطني شامل للبيئة والتنمية المستدامة تمت بلورته بدافع من الحرص على حماية الفضاءات والمحميات والموارد الطبيعية, وذلك في إطار الدينامية الهادفة إلى تحقيق التنمية المستدامة» وأوضحت صاحبة السمو الملكي أن «هذا الميثاق يعكس رؤية شمولية لقضايا البيئة تقوم على مبدأ احترام التنوع البيولوجي وضمان تقدم المجتمعات الإنسانية, كما يضع إطارا قائم الذات يحدد الأخلاقيات التي ينبغي للأفراد والمقاولات والسلطات العمومية التقيد بها للتعاطي مع قضايا التنمية المستدامة» مضيفة أن هذا الميثاق «سيكون خير تعبير عما يحدو كافة المغاربة, أفرادا وجماعات, من إرادة قوية للانخراط في كل ما من شأنه الإسهام في الحفاظ على البيئة والمضي قدما على درب تحقيق التنمية المستدامة» وخلصت سموها إلى أن «ميثاق البيئة والتنمية المستدامة يبرز الدور الريادي للمغرب في مجال الحفاظ على البيئة والتنمية المستدامة على صعيد القارة الإفريقية والوطن العربي» مؤكدة أن «اعتماده بمناسبة الاحتفال بيوم الأرض ببلادنا سيكون خير شاهد على تبني المغرب لهذه المنظومة الكونية من الأخلاقيات التي تعنى بالدفاع عن تلك الرسالة النبيلة المتمثلة في العناية بمصير الأجيال الصاعدة» وقد حضر هذا الحفل على الخصوص السيدة زليخة نصري مستشارة جلالة الملك, وكاتب الدولة المكلف بالماء والبيئة السيد عبد الكبير زهود والمندوبة المكلفة بتظاهرة يوم الأرض مريم بنصالح شقرون, ورئيس مجلس مدينة الرباط السيد فتح الله ولعلو, ووالي جهة الرباطسلا زمور زعير السيد حسن العمراني, وسفير المغرب بالولايات المتحدةالأمريكية السيد عزيز مكوار. وعن الجانب الأمريكي, حضر هذا الحفل بالخصوص الجنرال جيمس جونز مستشار الأمن القومي للرئيس باراك أوباما, والسيدة كاتلين روجرز رئيسة جمعية «أورث دي نيتوورك»» ولنكولن دياز بلارت عضو الكونغرس عن ولاية فلوريدا ورئيس مجموعة مساندة المغرب, وخوسي فرنانديز مساعد كاتب الدولة المكلف بالشؤون الاقتصادية والطاقة, والسيدة جانيت سانديرسون مساعدة كاتب الدولة المكلفة بالمغرب العربي. و من جهته أكد الأخ فتح الله ولعلو عمدة مدينة الرباط, أول أمس الخميس بواشنطن, أن الرباط, التي ستحتضن في أبريل المقبل احتفالات الذكرى الأربعين ليوم الأرض, تزخر بالمؤهلات الضرورية لتكون عاصمة الإيكولوجيا والبيئة. وأشار السيد ولعلو, خلال ندوة صحفية بالنادي الوطني للصحافة بمناسبة الإعلان عن احتضان المغرب لاحتفالات يوم الأرض, وإطلاق الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة, إلى أنه إلى جانب كونها حاضرة خضراء تحيط بها حدائق ومناطق خضراء, فإن الرباط هي أحدى المدن الرائدة داخل المملكة في مجال حماية البيئة. وأشار السيد ولعلو إلى أنه من بين مشاريع التنمية الهامة الجاري تنفيذها بمدينة الرباط, يمكن استحضار على الخصوص مشروع إعادة تهيئة وادي أبي رقراق, الذي يتوخى حماية المنظومة الإيكولوجية للنهر, وفي نفس الوقت توفير الظروف المواتية للاندماج الاقتصادي لمدينتي الرباطوسلا.