حدد وزراء المالية بدول اتحاد المغرب العربي بداية سنة 2011 كموعد لاستكمال الإجراءات الضرورية للإطلاق الفعلي للبنك المغاربي للاستثمار والتجارة الخارجية، وحتى يتأتى للاتفاق أن يجد طريقه إلى التنفيذ فإن الاجتماع الذي احتضنته العاصمة الجزائرية يوم الثلاثاء 16 مارس الجاري عمد إلى تحديد مواعيد خاصة باجتماعات اللجان المختصة في مجالات الجباية والتأمين والإحصائيات والجمارك. الاتفاق في حد ذاته تمليه حاجة كل الدول العضوة الماسة إلى تحقيق الاندماج المغاربي الذي طالما تعثر بفعل الموقف الجزائري الذي يربط التقدم في تحقيق المشاريع الاقتصادية والتنموية الوحدوية بإنشاء جمهورية وهمية بالمنطقة وكأن الوحدة لا تتحقق إلا بالتجزئة والانفصال. باستثناء العلاقات المغربية الجزائرية المتميزة بإبقاء الحدود البرية مغلقة في وجه الأشخاص والسلع فإن باقي العلاقات الثنائية بين الدول المغاربية متميزة بالرغبة القوية في تسريع وثيرة التوحيد وتقوية المبادلات الثنائية ومن خلالها تقوية القدرة التفاوضية مع باقي الأطراف الشريكة. من هذا المنطلق يمكن القول أن التفاهم الذي تحقق في اجتماع وزراء المالية بالجزائر تنحصر أهميته في كونه يحقق تقدماً في مجال توفير المناخ الملائم لتمكين القطاع البنكي من تويل الاستثمارات والمبادلات التجارية المغاربية ولكن فرص خلق المناخ الملائم والفعلي لجعل إنشاء البنك مجرد خطوة نحو تحويله إلى أذاة قادرة على الاستفادة من الخبرات والإمكانيات المادية والبشرية المتراكمة في كل دولة من الدول المغاربية لاتزال رهينة القرار السياسي الجزائري. ما توصل إليه اجتماع الجزائر لوزراء المالية بدول اتحاد المغرب العربي يساير خيارات وطموحات شعوب المنطقة، ومهما كانت الأحوال فإنه يشكل خطوة متقدمة في مجال توفير آليات تسريع وثيرة الاندماج المغاربي، ولكن إخضاع مصير هذه الآلية لنفس المصير الذي لقيته العديد من الاتفاقيات يهددها بالتقادم قبل الولادة ويحول الاجتماعات التي أسفرت عن ميلادها إلى مجرد إجراءات شكلية قد لا تثير حماس حتى من شاركوا في إعدادها. إلى أن تتخلى السياسة الجزائرية عن معاداة المغرب وعن عرقلة مشروع الاندماج المغاربي فإن البنك المغاربي للاستثمار والتجارة الخارجية سيظل معلقاً، ويبقى الأمل كل الأمل في أن تراجع الجزائر حساباتها وتستحضر التحسن الذي يحققه المغرب في علاقاته مع باقي الدول المغاربية والإفريقية لتقف على حقيقة أساسية وهي أن تجربة حوالي ربع قرن من محاولات عزل المغرب عن محيطه الجيوسياسي باءت بالفشل ، بل إنها حفزت المغرب على اعتماد سياسات بذيلة جنى بمفرده نتائجها الإيجابية بينما ظلت الجزائر تلهث وراء الالتحاق به أو عرقلة مسيرته لينزل إلى مستواها. لقد تكررت مثل حالات اجتماع الجزائر لدرجة أن المواطن لم يعد يعيرها أي اهتمام، ومع ذلك فإن مجرد عقد هذه الاجتماع يمهد لتقوية العلاقات الثنائية ولو خارج الإطار الوحدوي.