السقوط من الطابق الثالث ينهي حياة أم بطنجة    أمن البيضاء يحقق مع جزائريين وماليين على خلفية دهس بين 7 أشخاص بسيارات رباعية    ميناء طنجة المتوسط يقوي قدراته اللوجستية باستثمار 4 مليارات درهم    الدرهم يتراجع بنسبة 1,18 في المائة مقابل الدولار الأمريكي بين شهري شتنبر وأكتوبر (بنك المغرب)    وقفات تضامنية مع غزة ولبنان بعدد من مدن المملكة        عدد وفيات مغاربة فالنسيا بسبب الفيضانات بلغ 5 ضحايا و10 مفقودين    الدريوش يتلقى استدعاء لتمثيل هولندا    بواسطة برلمانية.. وهبي يلتقي جمعية هيئات المحامين بالمغرب غدا السبت    فعاليات الملتقى الجهوي الثالث للتحسيس بمرض الهيموفيليا المنعقد بتطوان    مدافع الوداد جمال حركاس: تمثيل "أسود الأطلس" حلم تحقق        أكديطال تتجه لتشييد مصحة حديثة بالحسيمة لتقريب الرعاية الصحية    منظمات أمازيغية تراسل رئيس الجمهورية الفرنسية حول استثناء تعليم اللغة الأمازيغية    توقعات أحوال الطقس ليوم السبت    الوسيط يعلن نجاح الوساطة في حل أزمة طلبة الطب والصيدلة    سانت لوسيا تشيد بالمبادرات الملكية بشأن الساحل والمحيط الأطلسي    ابنة أردوغان: تمنيت أن أكون مغربية لأشارك من أسود الأطلس الدفاع عن فلسطين    حجوي: 2024 عرفت المصادقة على 216 نصا قانونيا    التصفيات المؤهلة لكأس إفريقيا لكرة السلة 2025.. المنتخب المغربي يدخل معسكرا تحضيريا    "جبهة نقابية" ترفض المس بالحق الدستوري في الإضراب وتستعد للاحتجاج    المغرب وفرنسا… إضاءة التاريخ لتحوّل جذري في الحاضر والمستقبل    الطفرة الصناعية في طنجة تجلعها ثاني أكبر مدينة في المغرب من حيث السكان    أسعار الغذاء العالمية ترتفع لأعلى مستوى في 18 شهرا    دوري الأمم الأوروبية.. دي لا فوينتي يكشف عن قائمة المنتخب الإسباني لكرة القدم    من مراكش.. انطلاق أشغال الدورة الثانية والعشرين للمؤتمر العالمي حول تقنية المساعدة الطبية على الإنجاب    ظاهرة "السليت والعْصِير" أمام المدارس والكلام الساقط.. تترجم حال واقع التعليم بالمغرب! (فيديو)    بيع أول لوحة فنية من توقيع روبوت بأكثر من مليون دولار في مزاد    مصدر من داخل المنتخب يكشف الأسباب الحقيقية وراء استبعاد زياش    وسيط المملكة يعلن عن نجاح تسوية طلبة الطب ويدعو لمواصلة الحوار الهادئ    "أيا" تطلق مصنع كبير لمعالجة 2000 طن من الفضة يوميا في زكوندر    كوشنر صهر ترامب يستبعد الانضمام لإدارته الجديدة    الهوية المغربية تناقَش بالشارقة .. روافدُ وصداماتٌ وحاجة إلى "التسامي بالجذور"    بعد 11 شهرا من الاحتقان.. مؤسسة الوسيط تعلن نهاية أزمة طلبة كلية الطب والصيدلة    هزة أرضية خفيفة نواحي إقليم الحوز    بحضور زياش.. غلطة سراي يلحق الهزيمة الأولى بتوتنهام والنصيري يزور شباك ألكمار    الجنسية المغربية للبطلان إسماعيل وإسلام نورديف    ارتفاع أسعار الذهب عقب خفض مجلس الاحتياطي الفدرالي لأسعار الفائدة    متوسط عدد أفراد الأسرة المغربية ينخفض إلى 3,9 و7 مدن تضم 37.8% من السكان        إدوارد سعيد: فلاسفة فرنسيون والصراع في الشرق الأوسط        تقييد المبادلات التجارية بين البلدين.. الجزائر تنفي وفرنسا لا علم لها    حظر ذ بح إناث الماشية يثير الجدل بين مهنيي اللحوم الحمراء    خمسة جرحى من قوات اليونيفيل في غارة إسرائيلية على مدينة جنوب لبنان    المنصوري: وزراء الPPS سيروا قطاع الإسكان 9 سنوات ولم يشتغلوا والآن يعطون الدروس عن الصفيح    طلبة الطب يضعون حدا لإضرابهم بتوقيع اتفاق مع الحكومة إثر تصويت ثاني لصالح العودة للدراسة    إسبانيا تمنع رسو سفن محملة بأسلحة لإسرائيل في موانئها    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جرافات الهدم تطال مقابر أسرة محمد علي باشا في مصر القديمة    قد يستخدم في سرقة الأموال!.. تحذير مقلق يخص "شات جي بي تي"    "المعجم التاريخي للغة العربية" .. مشروع حضاري يثمرُ 127 مجلّدا بالشارقة    وزارة الصحة المغربية تطلق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    خبراء أمراض الدم المناعية يبرزون أعراض نقص الحديد    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالسيدا يعلن تعيين الفنانة "أوم" سفيرة وطنية للنوايا الحسنة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في حوار مع عبد المقصود راشدي، رئيس المنتدى الأورو متوسطي .. محتاجون إلى حوارات متجددة و غنية بين ضفتي الشمال والجنوب
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 04 - 02 - 2010

حقق المغرب «المدني» حضورا قويا بقيادة أحد أكبر التنظيمات في الفضاء الأورو متوسطي ، تكريس هذا الحضور النوعي جاء على هامش إعادة انتخاب عبد المقصود راشدي رئيسا للمرة الثانية على التوالي للمنتدى الأورو متوسطي في مؤتمره الأخير المنعقد باسطنبول نهاية شهر دجنبر الماضي ... عن أهمية هذا المنتدى الذي يضم ما يقارب 100 عضو من منظمات غير حكومية ونقابات وشبكات جهوية وإقليمية ، وعن رهانات هذا المنبر ، وأجندته ودوره في استتباب الأمن والسلم ، ومعالجته لإشكاليات التنمية والهجرة في الضفتين ، وعن التوظيف « الذكي للديبلوماسية الموازية» لخدمة ملف وحدتنا الترابية في المنتديات الدولية ، عن كل هذه الأسئلة والقضايا يتحدث لنا عبد المقصود راشدي في هذا الحوار...
{ من موقعكم ، هل يمكن أن تذكروا القراء بسياق تأسيس المنتدى الأورو متوسطي الذي تتولون رئاسته للمرة الثانية ، ماذا عن الأهداف و دواعي التأسيس ؟
أولا شكرا لكم على هذه المبادرة/ الاستضافة ، في الواقع المنتدى المدني الأورو متوسطي هو نتيجة سياقات مسلسل برشلونة الذي انطلق سنة 1995 ، ذلك أن بعض مكونات المجتمع المدني و خاصة الحقوقية، قررت أن تلتئم مع بعضها على هامش اجتماعات وزراء خارجية الدول الأورو متوسطية ، و أن تؤسس لتقاليد الحوار و العمل المشترك . طبعا هذه المبادرة الإيجابية تطلبت نفسا طويلا و تطلبت صبرا وقدرة على الانفتاح ، و تطلبت قدرة كذلك على مراجعة الثوابت .... لذلك هذه القدرة على الانفتاح جعلتنا جميعا من شمال و جنوب المتوسط نؤسس لرغبة مشتركة ولعمل مشترك بقبول اختلافنا و اختلافات بعضنا البعض و بقبول مرجعياتنا المتعددة ، و الانطلاق في السؤال العام حول مختلف القضايا بدون طابوهات و بدون محرمات ، الشيء الذي جعلنا منذ 1995 نصل مع مطلع 2000 إلى قرار هيكلة هذه الإطارات التي اجتمعت فيها الجمعيات الحقوقية و النسائية و النقابات و المنظمات الثقافية و الشبابية و التربوية . و أن نجعل من هذا التراكم لحظة لبناء اختيار مؤسس و مدروس بعد ثماني سنوات تقريبا من العمل المشترك ، و لذلك أعددنا ورقة تأطيرية وهي مشروع ميثاق بين مكونات المجتمع المدني . هذا الميثاق التأمنا من أجل دراسته و المصادقة عليه في قبرص سنة 2004 ، و فعلا هذا الميثاق هو الذي يشكل اليوم إطارا مرجعيا ومؤسسيا لعملنا ، لأننا أردنا ، كصوت متعدد و متنوع للمجتمع المدني ، أن نجهر برأينا و بوجهة نظرنا في قضايا الديمقراطية و حقوق الإنسان و التنمية ، و كذا في قضايا المساواة و الشراكة بين الدول المتوسطية فيما بينها و بين دول شمال و جنوب المنطقة المتوسطية ، بذلك يمكن أن نقول إن المنتدى المدني الأورو متوسطي بعد ميثاق قبرص التأم في جمع عام في لوكسمبورغ سنة 2005 ، و انتخب مجلسا إداريا و مكتبا إداريا حظيت فيه بمهمة نائب الرئيس . و بعد ذلك نظمنا المنتدى المدني بمراكش و هو أول منتدى في بلد جنوبي حملنا توصياته إلى جميع وزراء الخارجية في الدول الأورو متوسطية ... و في نونبر 2007 عقدنا جمعا عاما بمدريد ، وقد كانت هناك لحظة قلق على مستقبل هذا المنبر ، لكن تبين في اجتماعنا الأخير أننا نجحنا في تجاوز العديد من العقبات و الصعوبات ، و أننا انطلقنا اليوم في عمل مشترك بأفق استراتيجي و بتوافق حول مختلف القضايا الأساسية .
{ يضم هذا المنتدى 100 شبكة من منظمات غير حكومية ونقابات وشبكات جهوية وإقليمية ومحلية ، ماهي أرضية العمل المشترك مع كل هذه المنظمات ؟
كما قلت، الأرضية التي نجتمع حولها هي ميثاق قبرص، و هذا الميثاق يؤكد على أننا موجودون من أجل العمل المشترك ، من أجل تقديم مبادرات و اقتراحات في قضايا احترام حقوق الإنسان . و تعلمون أن هذا الأمر صعب في المنطقة الأورو متوسطية كما يتطلب الأمر تقديم وجهة نظرنا في كل القضايا السياسية و الاجتماعية بالمنطقة، لذلك نحن اليوم، و خاصة منذ اجتماع مدريد، نحضر في جميع اللقاءات المؤسسية والرسمية في المنطقة الأورو متوسطية ، و نعقد اجتماعات مع اللجنة الأوروبية من جهة و مع الحكومات التي تتحمل رئاسة الاتحاد من أجل المتوسط ، كما نجتمع مع الحكومات التي تتحمل الرئاسة الأوروبية. عملنا هو تسهيل تحرك مكونات المجتمع المدني في كل بلد و في كل قطب و ضمان حقه في الوجود و حقه في التعبير و حقه في المبادرة و التنسيق بينه و بين كافة المكونات الموجودة في الفضاء الأورو متوسطي. وكذا القيام بمبادرات ذات بعد سياسي تجاه المؤسسات الأورو متوسطية سواء كانت اللجنة الأورو متوسطية و رئاسة الاتحاد من أجل المتوسط أو الرئاسة الفعلية للاتحاد الأوروبي، لكن نشير اليوم إلى أن هناك تحولات في هذا المسار منذ مسلسل برشلونة الذي انطلق في سنة 1995 ، و بين التقييم و تقويم هذا المسلسل في مالكا سنة 2005 ، أي بعد مرورعشر سنوات. و باستحضار ما قامت به الحكومة الفرنسية في اتجاه تأسيس الاتحاد من أجل المتوسط الذي حضرنا فيه، أمكن لنا الانفتاح على الرؤساء الموجودين فيه ، حيث خاطبناهم بما يتطلبه الأمر من دبلوماسية في قضايا تهم المجتمع المدني . و اليوم تعلمون أن هناك سياقات جديدة ما بين مسلسل برشلونة و تأسيس الاتحاد من أجل المتوسط ، و الأولويات التي اختارها هي أولويات على درجة كبيرة من الأهمية .
لكن أود أن أسجل هنا قلق المجتمع المدني لعدة اعتبارات منها مثلا .. عدم استجابة الاتحاد لانتظاراته اليوم ...، علما بأن الاتحاد من أجل المتوسط هو في طور تجسيد هيكلته بانتخاب الكاتب العام الأردني الجنسية ، هذه السياقات تجعل من مهام المنبر الأورو متوسطي لحظة أساسية في التعبير عن الشراكة بين الحكومات بالدول الأورو متوسطية و بين المجتمع المدني .
{ من المؤكد أن هناك صعوبات في الاتفاق على أولويات العمل بين ممثلي الضفتين ، كيف تدبرون هذه الصعوبات خاصة في القضايا الخلافية ؟
طبعا هناك العديد من القضايا الخلافية التي اشتغلنا عليها مدة عقد من الزمن ، و لكن ثقافة الحوار و الانفتاح و حسن الإنصات و ثقافة التوافق جعلتنا نصل إلى خلاصات .. وهي أن هناك مبادئ أساسية لا يمكن التنازع حولها ، منها احترام حقوق الإنسان ، احترام حرية التعبير، احترام حرية الإبداع ... لكن هناك مسألة أساسية أثارت جدالا و نقاشا بين مكونات الشمال و الجنوب و هي قضايا السلم و الأمن بالمنطقة المتوسطية و خاصة بناء الدولة الفلسطينية . اليوم كما لاحظتم في البيان الصادر عن دورة اسطنبول ، بوضوح كبير هناك مطالبة بدولتين مستقلتين تحترمان الجوار و تستندان إلى اتفاقية الأمم المتحدة ، بل إن بيان اسطنبول أكد و لأول مرة على كون مطلب القدس كعاصمة مسألة أساسية ، و لذلك كان الجنوبيون يلوموننا كثيرا من أجل إسماع صوتنا لممثلي الشمال الذين لهم مقاربات أخرى فيما يخص السلم بالمنطقة الأورو متوسطية ، لكن اليوم أصبح الكل يؤمن بضرورة بناء الدولة الفلسطينية المستقلة و عاصمتها القدس ، و لهذا نحن نشتغل على أفكار و على قضايا قد تتطلب منا أحيانا وقتا أكثر للوصول إلى توافقات بشأنها .
{ من المنتظر أن تحتضن الدار البيضاء في الشوط الأول من هذه السنة أشغال منتدى دولي تحضره العديد من الشخصيات، منهم فنانون ومثقفون وفاعلون جمعويون ، ما هو برنامج هذا اللقاء ؟
لقاء الدار البيضاء هو جزء من برنامج عام سطرناه عشية الإعداد للمؤتمر الثالث الذي تم باسطنبول الذي صدر عنه بيان عام و توصيات ، يمكن أن أؤكد أن في سنة 2010 و إلى غاية سنة 2011 سنجتمع مع 1000 فاعلة و فاعل جمعوي في الفضاء الأورو متوسطي عبر محاور تهم أسئلة و قضايا المجتمع المدني ، و تتوزع بين العديد من المدن في الفضاء الأورو متوسطي من بينها مدينة الدار البيضاء .
{ هذا يجرنا للحديث عن إشكالية تمويل أنشطة هذه الشبكة، و قد وجهتم في هذا الإطار دعوة للدعم موجهة للحكومات الفرنسية والاسبانية والسويدية والمغربية ، لماذا بالضبط هذه الحكومات دون غيرها ؟
أولا ..أود أن أشير إلى أننا اتفقنا في اسطنبول على برنامج عمل سيتوخى تقوية الشبكات الجهوية الموجودة سواء في مجال المرأة و قضايا الشباب ، وفي مجال التنمية ، إلى جانب الشبكات المهتمة بحقوق الإنسان ، كذلك اتفقنا على أن نواصل اليوم ترجمة توصيات المنتدى المدني الذي انعقد بمرسيليا في تنظيم لقاءات حوارية لأننا محتاجون إلى حوارات متجددة و غنية ، و في هذا الصدد وجدنا التجاوب في اللجنة الأوروبية التي خصصت مليون أورو لدعم المنتدى في مختلف أنشطته ، لكنها لم تخصص ميزانية للتدبير و التسيير الإداري من أجل ضمان فريق قادر على إنجاح هذا العمل ، ذلك أن مكتبنا في باريس محتاج اليوم إلى دعم و سند . و لهذا توجهنا إلى بعض الحكومات بشكل أولي منها الحكومة الفرنسية حيث مقر الشبكة و الحكومة الإسبانية التي تتحمل رئاسة الاتحاد الأوروبي ، والسويد التي انتهت منذ ثلاثة أسابيع رئاستها والتي ساهمت معنا في تمويل إحدى الندوات حول الإبداع و حرية التعبير التي نظمناها عشية الجمع العام باسطنبول ، كما وجهنا طلب الدعم للحكومة المغربية ، ليس فقط لأنني مغربي و أتحمل رئاسة هذا المنتدى، ولكن على اعتبار أن الحكومة المغربية معنية بدعم مبادرات هذا المنبر، و طبعا من خلال لقاءاتي الأولية مع بعض المسؤولين أكدوا رغبة المغرب في دعم البنية الإدارية و دعم المنبر الأورو متوسطي ماليا و سياسيا ، و سيكون المغرب أول حكومة من بلد جنوبي يدعم المجتمع المدني الأورو متوسطي و هي رسالة موجهة لكل الحكومات في بلدان الجنوب ،و سيجعلني كرئيس للمنبر و كمغربي، و أنا متجه إلى بعض الحكومات من أجل الدعم و التمويل ، سأكون قد أعطيت المثال من بلدي و من وطني العزيز .
{من موقعكم، ما هو الدور الذي يمكن أن يلعبه المنتدى في تطوير الفهم المشترك للإشكاليات الحقوقية والثقافية والاقتصادية التي يطرحها ملف الهجرة ؟ هناك أسئلة كثيرة حول السلم والأمن في المنطقة ، وكذا حول الهجرة كأولوية من الأولويات ، وحول التنمية و المساواة بين الجنسين . فهذه كلها قضايا أساسية لا يمكن للفاعل الجمعوي ، و كصوت مدني معني بتقديم مقترحات من أجل تنفيذها و أحيانا من أجل الاتفاق على خلاصات بشأنها مع الحكومات المعنية، و هو دور طبيعي بالنسبة للمجتمع المدني ، لكن أعتقد أن عملنا المشترك بالشمال و الجنوب أفهمنا أن طبيعة النظرة التي نرى بها نحن إمكانية معالجة ملف الهجرة، ليس هي نفسها التي يحملها الفاعلون المدنيون ببلدان الشمال .
{هذا يحيلنا إلى المنظور الجيو سياسي الجديد لأوربا الموحدة؟
طبعا أوروبا اليوم يهمها أمنها و استقرارها ، تهمها تنميتها ، و هي منشغلة بالإشكاليات الديموغرافية ببلدانها ، لكن ما نؤكد عليه هو أنه لا يمكن لبلدان شمال المتوسط أن تتقدم بدون أن يكون هناك استقرار حقيقي في بلدان الجنوب، أي بلدان الجوار ، بدون أن تكون هناك تنمية حقيقية مسنودة بمسلسل ديمقراطي تحترم فيه الحكومات حقوق الإنسان و واجبات المواطنة و قضايا التنمية ، أي أن هناك جدلية بين دول الشمال و الجنوب ، و هو ما نسعى إلى تقويته عبر شراكات مؤسساتية ، ذلك أننا في الشبكة نؤكد لهم دائما بأن الاستقرار و التقدم في دول الجنوب هو مفتاح السلم والتنمية والتقدم بالمنطقة الأورو متوسطية .
{ من موقعكم ، كيف تقيمون حضور الجسم الجمعوي المغربي في هذه الدينامية المتوسطية ؟
طبعا الحركة الجمعوية المغربية أسست في سنة 2005 الشبكة المغربية الأورومتوسطية التي تحتضن المنظمات غير الحكومية ، و هي شبكة قوية بأعضائها و بتعددها و تنوعها بما فيها النقابات و الجمعيات النسائية و الحقوقية و الشبابية و التربوية و الإعلامية ، و هذا شيء مهم يؤشر على بداية العمل بثقافة جديدة حول المتوسط و التطور الجيو سياسي بالضفتين ، و هي ثقافة كانت فقط من اختصاصات الخبراء و المختصين ، لذلك فالحركة الجمعوية المغربية اليوم هي نموذج يقتدى به في الجنوب المتوسطي و كثيرا ما يفاجَأ الشماليون بهذا الغنى و بهذا التنوع ، لذلك فإن صوت المغرب قوي بالمنبر الأورو متوسطي ،قوي بأفكاره و اقتراحاته و طروحاته و علاقاته ، مما أدى إلى أن يكون أحد المغاربة هو رئيس هذا المنبر للمرة الثانية .
{ هذا قد يحيلنا إلى الدور المنوط بالنسيج الجمعوي الذي ينشط في الفضاء الأورو متوسطي ومسؤوليته في لعب دور أساسي في إطار الديبلوماسية الموازية من أجل الدفاع عن ملف وحدتنا الترابية
أولا لابد أن أؤكد اليوم بهذه المناسبة و على عكس ما يروج خطأ ، الحركة الجمعوية المغربية بكافة مكوناتها هي وجه مشرف للمغرب خارج أرض الوطن ، و صوتها صوت مسموع و مؤثر لدى مختلف الدوائر ، لكن ينبغي أن ننتبه إلى أن الحكومة معنية باعتماد استراتيجية جديدة في التعامل مع الحركة الجمعوية الفاعلة و ذات المصداقية خاصة في ما يخص القضايا الوطنية الحساسة .
ثانيا.. أؤكد أننا عملنا في إطار المنبر الأورو متوسطي على الدفاع عن القضايا الاستراتجية للمغرب ، كما ساهمنا في تغيير وجهة نظر العديد من القيادات الفكرية والسياسية الموجودة في أوروبا ، لكن كل هذا في حدود المواطنة أولا و النضال و القناعة الذاتية . و أعتقد أنه على ضوء التجربة الأخيرة ، و على ضوء ما استفدت منه على مدار عقد من الزمن في هذا المسلسل ، أن المغرب مطالب بتبني استراتيجية جديدة في العلاقات الخارجية يكون فيها للدولة دور أساسي طبعا ، و يكون للحكومة دور معين ، و يكون للأحزاب كما للجمعيات دور آخر . يجب تقاسم الأدوار و على كل طرف أن يقوم بواجبه تجاه الوطن ، و هذا شيء يقومون به ، و لكن ينبغي اليوم أن نؤسس لاستراتيجية مشتركة تكون واضحة و توفر لها جميع شروط الفعل المنتج و العمل و المردودية ، بقي لي أن أشير إلى أن العلاقات الدولية تعتمد في كثير من الأحيان على الأفراد وعلى المشروع ، وكذا على القناعات و على تقوية العلاقات المؤسسية من جهة .
بالنسبة لإسبانيا ، أنا أعتقد اليوم أننا مطالبون بطي صفحة الماضي رغم الإيجابيات الكثيرة الموجودة فيها ، فلدينا مشكل حقيقي اليوم كمغاربة مع إسبانيا ، له بعد تاريخي من جهة و بعد جيو سياسي من جهة أخرى و له مضمون ثقافي انعكس على العلاقات الثنائية ، هناك أزمة في صورة المغرب لدى الإسبانيين . أنا أتصور أن المغرب يمكنه أن يبني استراتيجية جديدة على مدى خمس سنوات، ينبغي أن نعمل في المدى المتوسط على تهييء مشروع يقوم فيه كل واحد بدوره في إطار فرق عمل متمكنة من اللغة الإسبانية ، و من التاريخ الإسباني و التاريخ المغربي ، ملمة بالثقافة الإسبانية و الثقافة المغربية ، و أن ننتقل للعمل مع المنتخبين من جهة و مع الأحزاب والنقابات من جهة أخرى ، ومع الفنانين و الأدباء و المفكرين و المنظمات غير الحكومية . و أن نوظف في الدفاع عن قضية الصحراء كذلك أبناء شمال المغرب الذين يتقنون اللغة الإسبانية و كذلك إخواننا في الصحراء الملمين جيدا بملف وحدتنا الترابية في مختلف أبعاده ، و هذا من شأنه أن يجعلنا في موقع تفاوضي قوي لعلمنا بتفاصيل ملف وحدتنا الترابية و حسابات باقي الأطراف التي ترفض التسوية النهائية لهذا الملف لأسباب سياسية أو مرتبطة بمصالح اقتصادية . أنا أتصور أن عملا من هذا النوع يمكن أن يؤهل المغرب في المستقبل للتأثير من أجل تغيير وجهة نظر هذه الأطراف التي تنازع في حق المغرب في صحرائه . طبعا هذه المبادرة يمكن أن تؤسس لمرحلة جديدة في العلاقات الخارجية على مستوى الفضاء الأورو متوسطي و العربي ، و تحديدا الجزائر .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.