تتداول في أيامنا هذه قضية الحرفية في العمل الصحفي على أكثر من صعيد وفي عدة مناسبات، في إطار هذا المد المتصاعد للمناداة على الخصوص بالاحتراف في المجال الرياضي بمختلف تمظهراته الادارية والمالية والتقنية وأيضاً الصحفية. غير أن هذا الهاجس المستقبلي لا يرخي بظلاله على وسائط الاتصال، وكأنها غير معنية البتة بإكراهاته ودواعيه، وبالصيغ التي عليه أن يركبها ليس للمواكبة اليومية فحسب، بل لتحمل المسؤولية التي تفرضها العملية الصحفية والمتجسدة في دور الاعلام عامة، ودور الاعلامي (الصحفي) خاصة في التوجيه وفي عرض المنتوج الإعلامي المرتبط بالخصوصيات البشرية ماضياً وحاضراً ومستقبلا فيما يتعلق بالسياسة والاقتصاد والثقافة والشؤون الاجتماعية والفنون إلخ، وذلك في ثلاثية الإخبار والتعليق والتحليل. فنحن عندما نقوم بتمحيص المنظومة الرياضية التي تتوخى التناغم في نشدان الأعلى والأقوى والأسرع إعلامياً، أي الجرأة في ركوب الإعلام المتخصص، نجد أنفسنا وحسب واقعنا المعيش واليومي نكرس اللغة السائدة والمتداولة على موائد المقاهي في اجترار الأحداث التي تتقاذفها الفضائيات أو تجود بها وكالات الأخبار أو بعض الكواليس العنكبوتية المبنية على الصداقات في صيغة »المصادر«. لكن من حقنا أن نتساءل: هل بهذه المسلكيات العمومية، والتي تزكي مقولة: »إن البقر تشابه علينا« سنتحمل المسؤولية الإعلامية في المجال الرياضي بهدف تنميته وإخصابه وترقيته والقفز به عاليا نحو الحرفية والمهنية، وبالتالي إنتاج الأجود فردياً وجماعياً في 42 رياضة أولمبية وبارالمبية؟ إن الرياضة الوطنية التي ليست اليوم في أحسن أحوالها، إذ تشكو من العديد من الاعتوارات الادارية والتقنية والمالية والقانونية لا تحتاج إلى »الطب العام«، أي تداول شؤونها بمعيار التعميم والخطاب المتداول، بل محتاجة إلى »الطب المتخصص« في مجال الاعلام على الخصوص، لأنه وحده الكفيل باستكناه العلل والأدواء، أي تسمية الأشياء بمسمياتها وساعتها سيصبح من غير المعقول أن يتجرأ صحفي ما على »الخوض« في مختلف الرياضات وهو يجهل قوانينها وأبجدياتها وقواميسها ومحطاتها التاريخية وخصوصياتها البشرية والتقنية.. إن منطق الاحتراف يصرخ عاليا: كفى من تنامي صيغة: »إن البقر تشابه علينا في الاعلام الرياضي....«. لن نصيح ونؤكد بصوت عال »إن السماء فوقنا« عندما نعترف بأن الأمر يحتاج معالجة أكاديمية لمواجهة المستقبل الإعلامي الرياضي الذي وبتوجهه المتخصص سيكون المنارة التي تقود فرقنا وأبطالنا وأجيالنا المقبلة نحو العالمية على ظهر الاحتراف، ولعل البداية واضحة (في نظري)، وذلك بإعادة تأهيل العديد من اللوامع الرياضية المتخصصة بإدراجها في أسلاك التكوين الصحفي كخطوة أولى... فلنبتدىء.