كم صندوقا أنشأته الدولة لمشاريعها الظاهرة والباطنة؟ كم صندوقا يخضع للمراقبة البرلمانية وكم ينفلت منها؟ والصناديق السوداء التي لاحسيب ولا رقيب،كم عددها ؟ قد تكون الصناديق القانونية واجهة لسوداء مفاتيحها بيد جهات تتصرف فيها كما تشاء ، وقد تكون هناك صناديق لايعرفها الرأي العام ويجهل مواردها وأوجه صرفها . هناك في ميزانية الدولة التي تعد أبرز تعبير قانوني للمال العام صناديق متعددة المجالات والاختصاصات ، بعضها ورثه القانون المالي عن الحقبة الاستعمارية ،والبعض تأسس في فترات مختلفة لدواعي وخلفيات تتخذ على العموم من التنمية عنوان وجودها ومبرر رقم حسابها لدى الخزينة العامة. في ميزانية 2010 هناك 47 صندوقا ، أي أكثر من عدد الحقائب الوزارية ومن المستشفيات الجامعية و...مؤسسات السكن الاجتماعي، أغلب هذه الصناديق لاتتردد أسماؤها كثيرا أو بالمرة في النقاش العام، بعضها يعد ك«خلايا نائمة» في هذه الوزارة أو تلك، يوقظها المسؤول متى شاء ويحتفظ برقمها السري في مكان ما من مكتبه أوجيبه. صندوق لمساعدة الراغبين في انجاز مشاريع ، وصندوق لتمويل برامج اجتماعية اقتصادية ، وآخر للتضامن السكني ، وصندوق لتحديث الادارة العمومية ، ولحماية وتحسين البيئة و...صندوق خاص بالعلاقات العامة. انها سياسة صندقة المال العام . وكل هذه الصناديق جاءت تحت باب الحسابات الخصوصية للخزينة وتبلغ النفقات المأذون بها للوزراء المعنيين 7 مليار و 750 مليون درهم الحصة الاكبر منها مخصصة لصندوق الطرق ( 2مليار و 750 مليون درهم) و لتنمية الرياضة ( 2 مليار و 100 مليون درهم) . وتبلغ حصة صناديق الميزانية من موارد الحسابات المرصدة لأمور خصوصية 9 ملايير درهم من 35 مليار درهم . هناك صندوقان لهما دور اساسي بالفعل في التنمية بالمغرب، من بطنها خرجت اعتمادات مولت مئات المشاريع ، لا أحد ينكر ذلك . انهما صندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وصندوق دعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ، للاول 3 ملايير و 500 مليون درهم . وللثاني مليار درهم . لكنهما معا لايوجدان تحت مراقبة المؤسسة التشريعية ، ولا حتى المجلس الاعلى للحسابات ، قد تكون هناك حصيلة يتم تقديمها سنويا لتبيان اوجه الصرف ، ومصادر التمويل ، لكن لو تمت مناقشة ذلك من طرف ممثلى الامة سيكتسب الصندوقان شفافية اكثر في خريطة المال العام. هناك مؤسسات هي في الحقيقة صناديق بالنظر لطبيعة ومجالات اشتغالها ، لكن لا أثر لها في الميزانية العامة، ولا تخضع كذلك للمراقبة البرلمانية ، لها من الاعتمادات ما يجعلها من اهم الصناديق العمومية ، وديناميكية مبادراتها لاتضاهيها حتى المؤسسات الحكومية ، ومسطرة عملها لاتخضع للبيروقراطية التي تشيخ معها المشاريع وتصاب معها ب «روماتيزم المفاصل» التي تعيق وقوفها وخطوها .من بين هذه المؤسسات مؤسسة محمد الخامس للتضامن. هناك صناديق اجتماعية تتعدد سلطات الوصاية عليها مثل صندوق الضمان الاجتماعي الذي وقفت لجنة تحقيق برلمانية على التسيب الذي طال أمواله وتدبيره وكيف بدر مسؤولون به وخارجه اعتمادات صرفت في غير ما يقره القانون. وهناك صناديق التقاعد وهي بدورها توجد داخل دائرة الأسئلة المتعلقة بمدى شفافية تسييرها... وهناك الصناديق السوداء التي يعلم الله مواردها ولا ضوابط صرفها إن كانت لها ضوابط ، ولا حتى العمليات التي تمولها وتقف وراء توازناتها. هذه هي الخريطة العامة ل «صندقة» المال العام ، ويبدو أنه حان الوقت كي تخضع الصناديق كل الصناديق، والمؤسسات، كل المؤسسات للمراقبة ، لأن مبدأ الشفافية من أبرز أوجه الديمقراطية .