بعد صمت مطبق لأزيد من شهر منذ إضراب 29 أكتوبر الماضي، حفز قسم الاتصال التابع لوزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر بطارياته بمناسبة الاضراب الاحتجاجي الذي أعلنت عنه النقابات التعليمية الأربع (النقابة الوطنية للتعليم، والجامعة الوطنية لموظفي التعليم، والجامعة الحرة للتعليم، والجامعة الوطنية للتعليم) يومي 9 و 10 دجنبر الحالي، وخرج بتصريح عجيب غريب كعادته لبعض الصحف الوطنية يدعي فيه ما يلي: - أن هناك حوارا - أن الاضراب أضاع على التلاميذ 6 ملايين يوم دراسي - أن الوزارة كاتبت الوزارة الأولى في شأن اتفاق فاتح غشت 2007 - أن لا مفر للوزارة من الاقتطاع من أجور المضربين. هكذا اختصر المسؤول عن قسم الاتصال الامر بهذه البساطة القاتلة، وهو أمر يطرح في نظرنا تساؤلات مقلقة حول ما إذا كان هذا التصريح يعكس الفهم العام للوزارة للمشكل المطروح بالقطاع منذ الدخول المدرسي على الأقل. بعد ذلك نورد التوضيحات الآتية في شأن ما صدر عن هذا القسم: - حول ادعائه بأن هناك حوارا: إننا نطلب من المسؤول عن قسم الاتصال أمام الرأي العام أن يعلن عن تواريخ انعقاد هذه الحوارات. وفي هذا الاطار نكرر مرة أخرى أن آخر لقاء للنقابات مع الوزارة كان في أواخر شهر شتنبر 2009 ، ولم يخرج بأية نتيجة إيجابية . وإذا صح قولنا، فعلى الوزارة أن تقدم اعتذارا للنقابات وللرأي العام عن مثل هذه المغالطات وأن تتخذ الاجراءات لتفادي حدوث ذلك مستقبلا، إذ لا يعقل أن يروج مرفق حكومي هام مثل هذه الأكاذيب. - حول ضياع 6 ملايين يوم دراسي: إن المرء لا يمكنه سوى التعبير عن أسفه البليغ أمام المنطق المتهافت لقسم الاتصال، ومحاولاته اليائسة تحميل مسؤولية ذلك الضياع لرجال التعليم ونسائه. إن اختفاء الوزارة وراء ادعائها الحرص على مصلحة التلاميذ لا يعفيها من مسؤولية ما يحصل الآن في القطاع، فالوزارة مسؤولة عن تجاهل مطالب النقابات ، والوزارة مسؤولة عن إغلاق باب الحوار. وإذا ظهر السبب بطل العجب، فالمسبب الحقيقي لما يحصل الآن هو الوزارة وحدها، إذ لم يحصل أبدا أن تهربت النقابات من الحوار، ولم يحصل أن تهربت من حلول مقترحة لتركب قطار المزايدات. وبالتالي يحق لنا التساؤل من جهتنا عن الأهداف الخفية وراء دفع القطاع إلى المأزق الذي يلجه الآن. - حول الاقتطاع من أجور المضربين: لا نملك سوى الامساك بقلوبنا آسفين على ما آل إليه الوضع في وزارتنا. فالمسؤول عن قسم الاتصال الذي يفترض فيه أن يشكل الذاكرة اليقظة لتفادي وقوع الوزارة في هفوات وأخطاء، نسي ببساطة النقاش العام الذي دار بمناسبة الإضراب الذي أعلنت عنه المركزيات النقابية في الموسم الاجتماعي السابق حول الموضوع، سواء على مستوى الحكومة أو الرأي العام والذي أظهر بجلاء الحاجة إلى قانون ينظم الإضراب. هذا النقاش كان أحد العوامل التي دفعت الحكومة إلى الاسراع بصياغة مشروع قانون الاضراب قدمته مؤخرا للنقابات. أما إذا كان ما عبر عنه المسؤول عن قسم الاتصال هو ما تنوي الوزارة القيام به فعلا، فهذا مؤشر خطير ومقلق عن طبيعة النوايا والاهداف داخل الوزارة تجاه مطالب نساء ورجال التعليم والقطاع. ويطرح من جديد ما إذا كانت الوزارة قد وجدت خلفية قانونية لتأسيس هذا الإجراء في إطار دولة الحق والقانون، أم أن الأمر له صلة بقضايا لا علاقة للقطاع بها. - أما عن مراسلة الوزارة الأولى في شأن المطالب: فهذا موقف نوهنا به كنقابات رغم أنه جاء متأخرا، وكنا نأمل أن تشكل هذه الخطوة بداية لمسلسل حوار قطاعي بناء ومثمر. لكن مع مرور الوقت وانسداد أبواب الحوار بالوزارة، أصبح الفهم السائد لدينا هو أن الوزارة تخلصت من الملف التعليمي لفاتح غشت 2007 بتحويله للوزارة الأولى عبر تلك الرسالة. ومع ذلك تبقى مسؤولية الوزارة ثابتة في المشاكل والمطالب التي رفعت إليها منذ شهر أكتوبر الماضي. هذه بعض التوضيحات التي نجد أنفسنا مضطرين إلى تقديمها للرأي ، وإن كنا مقتنعين بأن أحسن رد لدى الوزارة هو دعوة النقابات إلى مائدة حوار تفاوضي حول المشاكل المطروحة عليها. (*) الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم