بعد اندلاع خبر ضبط المستثمر السياحي الكبير «كي مراش» متلبسا بتهريب العملة الصعبة «الأورو» من طرف الجمارك، بمطار أكَاديرالمسيرة، صباح يوم الأحد الماضي، تناسلت الحكايات والأحاديث من جديد حول تهريب العملة، والتراخي في المراقبة لمكاتب الصرف داخل الفنادق الكبرى، وأسماء المهربين الكبار من بينهم بعض المنعشين السياحيين المعروفين والضالعين في هذه العملية بأكَادير. وقد أشارت عدة مصادر سياحية متطابقة إلى أن عملية تهريب العملة سواء بالأورو أوالدولار أو الريال السعودي، مازالت متواصلة، وتتم إما من طرف بعض المنعشين السياحيين الكبار وخاصة الحاصلين على الجنسية المزدوجة، أو من طرف بعض مستخدماتهن اللواتي يعملن في مراكز التدليك وغيرها، حيث يستغل المشغل المعارض السياحية التي تقام بالخارج فيرسل بعضهن إلى باريس أو دبي. وما يثبت تورط هؤلاء في عملية التهريب، حسب المصادر ذاتها، هو أنهم خلقوا «مكاتب الصرف» داخل مركباتهم السياحية وفنادقهم الفخمة، يشرف عليها مستخدمون في الوقت الذي ينبغي أن تكون تلك المصارف مراقبة وتابعة لمصرف المغرب أوللبنوك المتعاقدة مع المؤسسة السياحة في هذا الشأن. مما يؤدي إلى تسهيل عملية التهريب، ذلك أن بعض أصحاب الفنادق لا يصرح بالمبلغ الحقيقي لمكتب الصرف،لكونه لا يصرح ولا يسلم جميع الوصولات عن كل عملية صرف، مما يتيح الفرصة للتلاعب. ومن هنا يطرح السؤال عن الأموال التي تدرها تلك المؤسسات من أنشطتها السياحية المختلفة، هل يتم التصريح بها كاملة؟وهل توضع كلها في البنوك المغربية؟ وهل تسلم الوصولات عن كل عملية صرف؟ لقد طرحنا هذه الأسئلة لأن الأسماء الكبيرة التي يرددها الرأي العام، والضالعة في تهريب العملة، هي تلك التي تملك فنادق ومركبات سياحية تعرف رواجا سياحيا كبيرا، سواء في المبيت أوالمطعمة (عن طريق ما يسمى الكل في الكل داخل الفندق) أو مراكز التدليك غير المصرح بها،أو عبر الملاهي الليلية الكبرى التي تحقق أرباحا خيالية كل ليلة، فضلا عن كراء المتاجر داخل الفندق بثمن غير ذاك المصرح به لدى الضرائب. وإذا تساءلنا عن التصريح اليومي عن مداخيل تلك المؤسسات الحقيقية، ومقارنتها بما يصرح به، سواء بالنسبة للمشروبات الكحولية أوما يودع لدى البنوك كدفوعات مالية يومية أوما يصرح به لدى الضرائب، نجد هناك فرقا كبيرا لأن ما يصرح به هو ضئيل، مما يذهب في «النوار « والذي يتم تحويله إلى عملة صعبة يتم تهريبها على أقساط عبرالسفريات المكوكية إلى الخارج ومن الأسئلة التي بقيت معلقة: هل تراقب الدولة الأموال المستخلصة من بعض الأنشطة التي يزاولها بعض المنعشين السياحيين والعقاريين، وخاصة الأجانب الذين يستثمرون في هذا المجال؟ ثم ماهو مصيرالأموال التي يتلقاها الكثير من المنعشين السياحيين من وكالات الأسفار بالخارج،وخاصة بالفنادق المعروفة بظاهرة «الكل في الكل بالفندق»؟ فالضائع الأكبر هو خزينة الدولة، لوجود تراخ في مراقبة مصارف التبادل النقدي ومراقبة بعض المتاجر بالقطاع السياحي التي تقوم بالصرف أو تبيع منتوجها في كثير من الأحيان بالعملة الصعبة أوالتهاون والتراخي في تشديد المراقبة بنقط التفتيش بالموانئ والمطارات، وإلا فما هي وظيفة جهازالسكانير، وما وظيفة التفتيش إن لم يشدد على ما ينخر خزينة الدولة؟ إن القضاء على تهريب العملة الصعبة- كما يقول الملاحظون- إضافة إلى السوق السوداء، والتحايلات التي يعتمدها بعض المنعشين السياحيين بأكَادير، للتملص من أداء الضرائب، وعدم التصريح بالمبلغ الحقيقي المصرف بالعملة الصعبة لدى مصرف المغرب، يأتي من تشديد المراقبة على أثمنة كراء المتاجر والأسواق داخل المركبات السياحية، ومراكزالتدليك المحدثة بدون ترخيص ودفترتحملات، ومكاتب الصرف الموجودة داخل الفنادق، وكذا ثمن بيع مفاتيح الدكاكين بالمركبات السياحية. كما يأتي من تشديد المراقبة بنقط التفتيش لدى مصالح الأمن والجمارك بالحدود الدولية بالمطارات والموانئ، إلى جانب اتخاذ إجراءات زجرية ضد مرتكبيها.