ما تزال قضية المواطن صالح بورحي، الذي عثر عليه، في التاسع من نونبر الماضي، مشنوقا بحبل على شجرة ضواحي حي «الكورص» بخنيفرة، تعرف بعض التطورات الجديدة، وكانت سلسلة من التأويلات حيال خلفيات وأسباب الحادث قد تناسلت بقوة، وأجمع الشارع المحلي وقتها على سؤال: هل الرجل قُتل أم انتحر؟ وهل يكون قاتله عمد إلى شنق جثته بشجرة لتضليل المحققين؟ أو ما هي الدوافع التي قادته إلى الإنتحار في حال فرضية أنه وضع حدا لحياته؟ وقد انتشر وقتها ما يفيد أن شخصا طرق باب المنزل ليلة الحادث، وتحدث إلى الرجل ثم ترافقا سويا إلى حيث لم يعلم أحد بوجهته ولا بخبره إلا عند أولى خيوط شمس الصباح عندما تم إشعار أسرته بالعثور عليه مشنوقا في ظروف غامضة، دون معرفة السبب وقتها أكان انتحارا أم جريمة، وتؤكد اسرة المتوفى ان اي رجل مثله لايقدم على الانتحار. أسرة صالح بورحي، خرجت مؤخرا بمعلومات جديدة وضعتها ضمن مراسلة قالت بأنها بعثت بها إلى الوكيل العام لدى استئنافية مكناس، وحصلت «الاتحاد الاشتراكي» على نسخة منها، وهي موقعة باسم ابنه البكر، خالد بورحي، هذا الأخير التمس من الوكيل العام إعطاء أوامره من أجل التدخل قصد فتح تحقيق شامل ودقيق لغاية الوصول إلى الحقيقة»، كما طالب بالتحقيق مع آخر شخص التقى بوالده المتوفى وفي علاقاته الشخصية لغاية الحيلولة دون طي الملف قبل الكشف عن ملابسات وظروف الواقعة التي ما تزال حبيسة أكثر من علامة استفهام. ولم يفت ابن الضحية أن يستعرض أمام أنظار الوكيل العام معطيات تتعلق بالموضوع، ذلك في قوله بأن والده كان يشتغل في مجال الفلاحة ثم تجارة الخضر بالسوق المركزي للمدينة، وكيف انتقل مع كبر سنه إلى حرفة بيع الأواني المستعملة رفقة شريكين كانا يشتريان البضاعة من مدن مختلفة ليتكلف والده ببيعها بمدينة خنيفرة، وذات يوم فوجئ الشريكان بمواطنة تزعم أن بعض الأواني من التي بحوزتهما سبق أن سُرقت منها، وإثر ذلك لم تتأخر هذه المواطنة عن استدعاء الشرطة القضائية التي باشرت تحقيقها في أمر المسروقات ليتم توجيه تهمة السرقة للشريكين، وأمام غياب المعني بالأمر (صالح بورحي) لحظتها، عمد الشريكان إلى تلفيق التهمة له، ليفاجأ هذا الأخير عقب عودته من غيابه بالشرطة تبحث عنه، ولما استفسر شريكيه في الأمر، اكتفيا بالقول إن الموضوع انتهى بالنسبة إليهما وما عليه إلا تحمل مسؤوليته وحده في شأن الورطة، وفعلا باتت أيامه حبيسة مطاردات الشرطة الباحثة عنه. وليلة حادث الوفاة الغامضة، يضيف ابنه خالد بورحي، جاء شريكاه إلى البيت للاستفسار حول مآل القضية، وتحدثا مع الرجل، هذا الذي لامس فيهما تمسكهما ب»إغراقه» في التهمة، وهددهما بخيار اللجوء إلى الشرطة للكشف لها عن تفاصيل تورطهما في قضية الأواني المسروقة، وكيف كان يبيعها بحسن نية، وبعد ساعات قليلة عاد الشريكان إلى البيت مرة ثانية، وطرق أحدهما الباب بصوت خافت، حيث قام صالح بورحي بمرافقتهما إلى حيث خرج ولم يعد، قبل أن يأتي خبر العثور عليه مشنوقا بمكان لم يدر أحد كيف لجأ إليه ولا من جيء بالحبل الذي كان حول عنقه. وكانت الشرطة قد تلقت بلاغا يفيد بالعثور على الرجل المذكور، مشنوقا في مشهد مثير للرعب والذهول، حيث كان الحبل حول رقبته وهو معلق على غصن الشجرة جثة هامدة، وقدمه اليسرى عالقة بملتقى الأغصان، وإثر ذلك نقلت جثة الرجل نحو مستودع الأموات بالمستشفى الإقليمي قبل إخضاعها لعملية التشريح الطبي الذي سُلّمت نسخة من تقريره إلى وكيل الملك لدى ابتدائية خنيفرة، وكان المحققون قد باشروا تحرياتهم في ملابسات القضية الغامضة التي أثارت الكثير من الشكوك، ويذكر أن المتوفى أب لثلاثة أبناء ذكور، أكبرهم يبلغ من العمر 21 سنة. وبناء على تقرير التشريح الطبي اكتفت مصادر أمنية وقضائية بما يؤكد أن الرجل المعني بالأمر، قد وضع حدا لحياته شنقا دونما تحديد الأسباب التي قادته إلى هذه النهاية المأساوية، وقد جرى الاستماع إلى أقاربه ومحيطه للتحقيق في ملابسات القضية لمعرفة دوافع الانتحار والتيقن من عدم وجود شبهة جنائية وراء الوفاة، لتظل القضية، منذ حينها، عرضة لتضارب الأراء وللكثير من التعاليق والتساؤلات، والجميع لا يزال في انتظار أي جديد فيها وتحديد مسارها على أمل أن يتم التوصل لما قد ينفض الغموض عن حيثياتها ومعرفة الملابسات الحقيقية للحادث المأساوي.