كراكاس (أ ف ب) – تظاهر آلاف المعارضين وهم يقرعون على اواني الطبخ السبت في شوارع كراكاس وعدد من المدن الفنزويلية الاخرى احتجاجا على نقص المواد الغذائية في بلد يشهد منذ اشهر توترا قتل خلاله عشرين شخصا. وكتب على لافتة رفعت في المسيرة في كراكاس التي شكلت النساء اغلبية فيها "غير متوفر غير متوفر غير متوفر"، في اشارة الى النقص المزمن في المواد الاساسية في هذا البلد النفطي الغني. ودعا ابرز قادة المعارضة حاكم ولاية ميراندا انريكي كابريليس الذي هزم امام الرئيس نيكولاس مادورو بفارق 1,5 نقطة في الانتخابات الرئاسية التي جرت في نيسان/ابريل 2013، الى هذه التظاهرات. والتظاهر بقرع الاواني تقليد يسمونه في اميركا الجنوبية "كاسيرولاسوس" يقضي بالتعبير عن الاستياء عبر قرع اواني الطبخ. وسار كابريليس حوالى 500 متر بين انصاره المتحمسين في التظاهرة التي جرت وسط مراقبة دقيقة للشرطة والامن. وقال كابريليس الذي نجح في جمع عشرات الآلاف من الاشخاص في شوارع كراكاس في 22 شباط/فبراير لوكالة فرانس برس "نتظاهر ضد النقص في المواد الذي تسببت به الحكومة". واضاف "انهم يتجاهلون المشاكل (…) وما يهمها (الحكومة) هو المواجهة بين الفنزويليين ونحن نعترض على ذلك". وكان المتظاهرون يريدون الوصول الى وزارة الغذاء لكنهم منعوا من الاقتراب من محيطها بطلب من رئيس بلدية القطاع خورغي رودريغيز القريب من الرئيس نيكولاس مادورو. وقد اشار الى مخاوف من حدوث اعمال عنف. وجرت تظاهرات اخرى في مدن عدة مثل ماراكايبو وسان كريستوبال (غرب) وفالنسيا (شمال) وايسلا دي مارغاريتا (شمال شرق) وبويرتو اورداز (جنوب). لكن لم تبث اي محطة تلفزيونية اي لقطات لهذه المسيرات. ويعاني سكان فنزويلا البلد الذي يملك اكبر احتياطي للنفط في العالم وتتجاوز نسبة التضخم فيه ال56 بالمئة، من نقص المواد الغذائية. ويمكن الحصول على الوقود باسعار زهيدة لكن شراء الطحين والحليب او قطع غيار للسيارات صعب بسبب النقص المزمن لهذه المواد المستوردة وخصوصا في الارياف. وقالت الكسندرا فرنانديز ربة الاسرة البالغة من العمر 39 عاما وتقيم في وسط كراكاس لوكالة فرانس برس "لا اجد الحليب ولا الزبدة ولا الطحين ولا السكر ولا الارز". واضافت "لا استطيع الخروج الى الشارع بسبب غياب الامن وابنتي تخشى الذهاب الى الحمام لانها تخاف ان يدخل لصوص الى المنزل". وكان كابريليس دعا في الايام الاخيرة على حسابه على تويتر الى "تعبئة وطنية كبيرة ضد نقص المواد الاساسية (…) الذي يؤثر على كل الفنزويليين". وقبل ساعات من التظاهرة، اتهم كابريليس مادورو الوريث السياسي والروحي لهوغو تشافيز الذي توفي قبل عام، بانه يحرض على "مواجهة بين الناس"، بعدما دعا الرئيس الاشتراكي انصاره الى "فرض النظام". وتأتي هذه الدعوة الى التظاهر في اجواء من التوتر منذ ان بدأ طلاب الاحتجاج على حكومة مادورو مطلع شباط/فبراير حول قضايا غياب الامن ثم التضخم فنقص المواد الاساسية. وادت التظاهرات اليومية التي تخللتها في معظم الاحيان اعمال عنف الى سقوط عشرين قتيلا وحوالى 300 جريح والاستياء من ممارسات عدد كبير من رجال الشرطة. في المقابل، اعلن الرئيس مادورو عن "يوم وطني كبير مع المرأة" في ساحة بوليفار في كراكاس. وما زال جزء من الشارع الفنزويلي في حالة تعبئة منذ اكثر من شهر. وبدأ الطلاب حركتهم الاحتجاجية في ولاية تاتشيرا الواقعة على الحدود مع كولومبيا في الرابع من شباط/فبراير بعد محاولة اغتصاب طالبة في حرم الجامعة، في بلد يشهد وقوع 65 جريمة قتل يوميا كمعدل وسطي، كما تقول المنظمة غير الحكومية المحلية مرصد العنف. ويبلغ عدد سكان فنزويلا 29 مليون نسمة. وبدون ان يرفض تعبئة الشارع التي يطالب "بضبطها"، نأى كابريليس بنفسه عن استراتيجية تأجيج التوتر التي يتبعها بعض المعارضين المتشددين، معتبرا ان "الظروف لم تتوافر بعد" لاسقاط الحكومة. وقالت المحللة السياسية في الجامعة الكاثوليكية مرسيدس بوليدو دي بريسينيو لوكالة فرانس برس ان "كابريليس متحفظ جدا على التعبئة لانه يعرف كيف يبدأ ذلك لكنه لا يعرف كيف سينتهي. لكنه الطريق الوحيد امامه وانتشرت (التظاهرات) في جميع انحاء البلاد وهو ادرك ذلك". واضافت ان دعوة السبت الى التظاهر يمكن ان يشكل فرصة لتتمكن قطاعات شعبية "تحتج بصمت" حاليا من الانضمام الى الحركة الاحتجاجية والتظاهر في الاحياء الفقيرة من دون الخوف من اعمال انتقامية من "المجموعات" التشافية. وهذه المجموعات التي تضم مدنيين مؤيدة للحكومة، متهمة بمهاجمة تظاهرات المعارضين باسلحة نارية. وقالت المحللة نفسها ان "نقص المواد الاساسية والتضخم هي من المشاكل الاجتماعية التي تواجه اكبر الانتقادات بينما يبدو احتمال حلها في الامد القريب ضئيلا". وذكر صحافيون من وكالة فرانس برس ان معظم المشاركين في تظاهرة السبت جاؤوا من الاحياء الفقيرة.