رفع الستار عن فعاليات الدورة الثالثة من مهرجان روح الثقافات بالصويرة    تقدم في التحقيقات: اكتشاف المخرج الرئيسي لنفق التهريب بين المغرب وسبتة    "برلمانيو الأحرار" يترافعون عن الصحراء    فوز صعب ل"الماص" على المحمدية    المنتخب النسوي يفوز وديا على غانا    "ميزانية المواطن".. مبادرة تروم تقريب وتبسيط مالية جهة طنجة للساكنة    لجنة تتفقد المناخ المدرسي ببني ملال    "طلب رشوة" يورط عميد شرطة    حادث سير يصرع شابة في الناظور    "الفوبريل" يدعم حل نزاع الصحراء    المؤتمر الوطني للعربية ينتقد "الجائحة اللغوية" ويتشبث ب"اللسانَين الأم"    حوار مع "شات جيبيتي".. هل الأندلس الحقيقية موجودة في أمريكا؟    الحصبة.. مراقبة أكثر من 9 ملايين دفتر صحي وتخوفات من ارتفاع الحالات    السلطات المغربية تحدد موقع مدخل نفق لتهريب المخدرات بين سبتة المحتلة والفنيدق    نادي القضاة يصدر بلاغاً ناريا رداً على تصريحات وزير العدل بشأن استقلالية القضاء    المدير السابق للاستخبارات الفرنسية للأمن الخارج: المغرب كان دائما في طليعة مكافحة الإرهاب    طقس السبت .. امطار مرتقبة بمنطقة الريف والواجهة المتوسطية    ارتفاع المداخيل الضريبية بنسبة 24,6 في المائة عند متم يناير 2025    أزولاي: البصمة المغربية مرجع دولي لشرعية التنوع واحترام الآخر    اختتام القمة العربية المصغرة في الرياض بشأن غزة من دون إصدار بيان رسمي    صراع مغربي مشتعل على عرش هدافي الدوري الأوروبي    من العاصمة .. الإعلام ومسؤوليته في مواجهة الإرهاب    الملتقى الوطني الاتحادي للمثقفات والمثقفين تحت شعار: «الثقافة دعامة أساسية للارتقاء بالمشروع الديمقراطي التنموي»    قرعة دور ال16 لدوري الأبطال .. ريال مدريد في معركة مع "العدو" وباريس يصطدم بليفربول … والبارصا ضد بنفيكا    استقر في المرتبة 50 عالميا.. كيف يبني المغرب "قوة ناعمة" أكثر تأثيرا؟    محكمة بالدار البيضاء تتابع الرابور "حليوة" في حالة سراح    إيفاد أئمة ووعاظ لمواكبة الجالية المغربية بالمهجر في رمضان    الملك محمد السادس يحل بمطار سانية الرمل بتطوان استعدادًا لقضاء شهر رمضان في الشمال    الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء تحدد تعريفة استخدام الشبكات الكهربائية للتوزيع ذات الجهد المتوسط    على بعد أيام قليلة عن انتهاء الشوط الثاني من الحملة الاستدراكية للتلقيح تراجع نسبي للحصبة وتسجيل 3365 حالة إصابة و 6 وفيات خلال الأسبوع الفارط    مليلية المحتلة تستقبل أول شاحنة محملة بالأسماك المغربية    نتنياهو يزور طولكرم ويهدد بالتصعيد    المغرب يشارك في الدورة ال58 لمجلس حقوق الإنسان    الرجاء يعلن منع تنقل جماهيره إلى مدينة القنيطرة لحضور مباراة "الكلاسيكو"    المغرب ضيف شرف المعرض الدولي للفلاحة بباريس.. تكريم استثنائي لرائد إقليمي في الفلاحة الذكية والمستدامة    المندوبية السامية للتخطيط تسجل ارتفاعا في كلفة المعيشة في المغرب    المقاتلات الشبحية F-35.. نقلة نوعية في القوة العسكرية المغربية    حماس: جثة بيباس تحولت إلى أشلاء    روايات نجيب محفوظ.. تشريح شرائح اجتماعيّة من قاع المدينة    الاقتصاد السوري يحتاج إلى نصف قرن لاستعادة عافيته بعد الحرب التي دمرته    إطلاق تقرير"الرقمنة 2025″ في المنتدى السعودي للإعلام    إطلاق أول رحلة جوية بين المغرب وأوروبا باستخدام وقود مستدام    تراجع احتمالات اصطدام كويكب بالأرض في 2032 إلى النصف    فضاء: المسبار الصيني "تيانون-2" سيتم اطلاقه في النصف الأول من 2025 (هيئة)    كيف ستغير تقنية 5G تكنولوجيا المستقبل في عام 2025: آفاق رئيسية    حوار مع "شات جيبيتي" .. هل تكون قرطبة الأرجنتينية هي الأصل؟    أوشلا: الزعيم مطالب بالمكر الكروي لعبور عقبة بيراميدز -فيديو-    "حماس" تنتقد ازدواجية الصليب الأحمر في التعامل مع جثامين الأسرى الإسرائيليين    طه المنصوري رئيس العصبة الوطنية للكرة المتنوعة والإسباني غوميز يطلقان من مالقا أول نسخة لكأس أبطال المغرب وإسبانيا في الكرة الشاطئية    سفيان بوفال وقع على لقاء رائع ضد اياكس امستردام    6 وفيات وأكثر من 3000 إصابة بسبب بوحمرون خلال أسبوع بالمغرب    الذكاء الاصطناعي يتفوق على البشر في تحليل بيانات أجهزة مراقبة القلب    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    حصيلة عدوى الحصبة في المغرب    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    الشيخ محمد فوزي الكركري يشارك في مؤتمر أكاديمي بجامعة إنديانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زلزال أوسلو وتسو نامي المفاوضات.

الإدراك هو السِمة المميزة للوجود الإنساني،وعند ضياعه أو تشتته لدى البعض نتيجة خلل مرضي فكري، أو في استجابات لإرادات مغايرة ومعارضة لما يُراد ويُطمح إليه ترتبك الحياة،وتختّل التوازنات فالإدراك الصحيح يتطلب ربط مصادر معلومة عديدة ليست حسيّة فقط , وإنما تخصّ الذاكرة والتقييم، فالإحساس كشف وتحويل، بينما الإدراك انتماء وتنظيم وتفسير
،ولغتنا بشقّها الجمّالي والعلمي تضيف رابطاً مهماً وأساسياً وهو إدراك الزمن واللحاق به وعدم ترك القضايا المصيرية على تعدد مستوياتها للتيه أو لمجهول الوقت،وإلا فإن الأمور واصلة إلى الدرك،لا بل إلى الدرك الأسفل.
هذه الضوابط المنهجّة للعقل تُلزمنا بالتقيد بها في جميع مراحل الحياة،وفي كل الفروع والتوزعات.
ثلاث ركائز لابد منها: الذاكرة......الدوافع.......والتقييم.
ولنحاول تطبيقها على قضية أمتنا العربية الأولى وهي القضية الفلسطينية فهي الأصل ، وما لحق بها من أحداث على الأرض العربية هي توابع لهذا الزلزال الأكبر الذي أصبنا به،ومهما حاول البعض التمويه والإخفاء لتوابع كوارثه فإنها ماثلة تتزايد آلامها يوماً إثر يوم.، ففي إطار الذاكرة الموثقة يتجلى - الحلم الصهيوني القديم في شعار - "أرضك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل"وفي عودة شعب بلا أرض إلى أرض بلا شعب، و الاعتقاد بالشعارات الزائفة المرتبطة بالمصالح يحرك النوايا الخبيثة مستخدمة كل السُبل الدنيئة للوصول إلى مراميها .
لقد تحالف الغرب مع الصهاينة لإيجاد " وطن " لهم، وتعزيزه بكل وسائل الحماية...بالأسلحة وبالدعم المادي،وحتى بالسلاح النوّوي.. لقناعتهم بأن أفراده سيكونون الرديف والحماة والعاملين من أجل مصالحهم، ومازال حرصهم يزداد بين الحين والآخر، ومؤخراً تربّعت أمريكا على عرش الدعم.
وفي مسرحيات المفاوضات التي جرت يبدو أن الزمن لم يكن مهماً للمفاوض الفلسطيني، بل تعوّد على أن يجتّر ما في جعبته، فالدكتور صائب عريقات كبير المفاوضين وفي تصريح له لوكالة الأنباء الفرنسية يقول:"لقد جاءت لحظة الحقيقة بمصارحة الشعب الفلسطيني أننا لم نستطع أن نحقق حل الدولتين من خلال مفاوضات استمرت ثمانية عشر عاماً" هذا النهج بدأ مع عام1991، ومازالت خيالاته وتخيلاته تداعب أحلام مضيّعيّ الإدراك معنىً وزمناً عمْداً، ولو نبشنا ذاكرة التاريخ برمتها لم نجد شعباً اكتفى بالمفاوضات طريقاً واحداً للوصول إلى حقه كما أن قادته لم يتركوا استلاب حقوقهم للزمن، أو لبعض الظروف السياسية المُساعدة في إطار متغيرات إقليمية، مؤمنين أن الحق بلا قوة تدعمه لا قيمة له.
وفي تجنّ على حكم التاريخ ومأثوراته وفلسفته يبتكر كبير المفاوضين في كتابه "الحياة مفاوضات " شعاراً لم يُسمع به، وحتى لن يُسمع به مستقبلا ًفقد ولِدَ من رحم الفراغ والضياع منطلقاً ومروّجاً لسيادة المنطق وقوته في حالة الطرف الأضعف مقابل منطق القوة لدى الطرف الآخر القوي، ولو صحت هذه المقولة لعاش العالم منذ أقدم عصوره بسلام بلا حروب ولم تهدر أرواح ملايين الملايين من البشر ولكان الحديث عن تصادماتها حكايات أوهام وخيالات وهوس مرضي, ورغم توّصله إلى النتائج"بأن دولة الاحتلال كانت دوماً تضع العراقيل وتمنع الوصول إلى حلّ الدولتين"لكنه يؤكد أن المفاوضات مثل التنفس لا يمكن الاستغناء عنه،بينما يرى محلل إسرائيلي في عملية التنفس هذه تنفسا اصطناعيا لوفاة عملية السلام . ويسترسل في تماديه وتبريراته مستنداً إلى مثل شعبي يرويه"من يقف وراء شجرتنا"مبيّناً أن أمريكا تقف خلف شجرة إسرائيل،بينما لا يقف أحد وراء شجرتهم رامياً العبء على بعض الأنظمة الرسمية،وهو على حق في ذلك لكنه يتجاهل وبجرأة لا مثيل لها الواجب النضالي الذي أسقطته السلطة منذ توقيع اتفاقية أوسلو وفي مصادقتها على البند الأساسي في خارطة الطريق إذ وجّه بندها الأول"أن يقوم الطرف الفلسطيني بالقضاء على البُنية العسكرية والاجتماعية والاقتصادية للمقاومة الفلسطينية".
ورغم كل الإجراءات التنفيذية لها التي اتخذتها السلطة من قتل واعتقال بحق العديد من المجاهدين وفق إستراتيجية التعاون الأمني مع إسرائيل والموضوعة من قبل الجنرال الأمريكي - دايتون - القائد الفعلي لقوات الأمن في الضفة الغربية،فإسرائيل لم تنفذ أي بندٍ منها وحتى وقف مشاريع الاستيطان،بل على العكس ازداد عددها وترامت مسافات أطرافها مبتلعة الأرض الفلسطينية التي احتلت بعد عام1967،فبعد توقيع اتفاقية أوسلو ضاعفت إسرائيل ثلاث مرات عدد المستوطنين،ومرتين عدد المستوطنات، مستغلة ومستفيدة من التحالف الاستراتيجي الأمريكي الإسرائيلي والذي عبّر عنه الرئيس أوباما في خطابه "التبشيري" في القاهرة قائلا ً:"إن متانة الرابطة بين أمريكا وإسرائيل معروفة على نطاق واسع،ولا يمكن قطع هذه الأواصر أبداً،وهي تستند إلى علاقات ثقافية وتاريخية،وبأن رغبة اليهود في وجود وطن خاص بهم هي رغبة متأصلة في تاريخ مأساوي لا يمكن لأحد نفيه"ورغم أن الوطن المزعوم كان على حساب الشعب العربي الفلسطيني المظلوم عبر شهدائه وتعاظم جراحاته،فقبل أيام عاد ليؤكد حمايته"لإسرائيل"ضد أي اعتداء،ودعمه لها بينما في قرارة نفسه يعرف أن المعتدي الدائم من يريد حمايتها.
وعن الدوافع , فالمصالح هي الدافع للسياسات العالمية سيما الدول الكبرى لا المنطق،ولا العدالة،ولا حتى الحقوق....وإمعانا في تأكيد هذه الحقيقة تحدثت لجنة تشكلت من عشرةٍ من كبار الشخصيات الأمريكية أشرف على عملها"هنري سيغمان"الكاتب الصحفي المخضرم والمدير التنفيذي للمؤتمر اليهودي من خلال رئاسته لمؤسسة ومركز(المشروع الأمريكي للشرق الأوسط) ومن بين الذين ضمتهم اللجنة في عضويتها مستشار الأمن القومي الأسبق"زيينغيو بريجنسكي"و"لي هاملتون"مدير مركز(وودر ويلسون الدولي للدراسات)و"بول فولكر"رئيس المجموعة الاستشارية الاقتصادية في إدارة الرئيس أوباما والتي قدمّت تقريرها وتوصياتها له للإسراع بمعالجة قضية الصراع بين الفلسطينيين وإسرائيل ضمن بنودٍ اقترحتها،وأن لا غنى عن أن السلام الشامل سيعمل على تجفيف المستنقع الذي تنمو فيه المنظمات الإرهابية،واللافت للنظر في هذا التقرير ما جاء فيه،وإن لم يكن بجديد،لكنه اعتراف بسبب العداء للأمة العربية "لطالما كانت لنا مصالح إستراتيجية في الشرق الأوسط من عهد بعيد فبقاء إسرائيل هو الضمان للوصول إلى الثروات الحيوية،وأمن خطوط النقل الاستراتيجية،وعلاقات جيدة وطيدة مع الأصدقاء والحلفاء في العالم العربي" ، والتقرير يتضمن مقترحات للحل تحث الإدارة الحالية على بذل الجهود،وبإرادة قوية للوصول إلى حلّ فوريّ لقضية الصراع بتقسيم مدينة القدس،وحلّ مشكلة اللاجئين بالتعويض والتوطين،ومبدأ مبادلة الأراضي،وأن تكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح مع ترتيبات أمنية تأخذ المخاوف"الإسرائيلية"بعين الاعتبار وتحترم السيادة الفلسطينية،وكذلك ينبغي نشر قوات دولية بقيادة أمريكية لضمان فترة انتقالية.
وعن السياسات الأمريكية الثابتة الأسس تقول السيدة"هيلين هيوز"سيدة الصحافة الأولى في أمريكا،والتي عرفها الرؤساء الأمريكيون على مدى سبع وخمسين سنة كمراسلة لوكالة يونايتد برس: "لن تتمكن الولايات المتحدة من حلّ مشكلتي الإرهاب والمشاعر المُعادية لها في العالم العربي طالما واصلت غضّ الطرف عن أسبابهما".
" إن إستراتيجية المحافظين إزاء الشرق الأوسط،والتي لم يُخفوها، بل ضمّنوها في وثيقة تُعرف باسم مشروع القرن الأمريكي الجديد والذي يستند إلى منطقٍ يقول"بما أن الولايات المتحدة أصبحت أكبر قوة عسكرية في العالم فإنه ليس بوسع أحد أن يتحداها، ولذلك يجب فرض السلام عن طريق القوة بدءاً من العراق، وفرض الهيمنة على الشرق الأوسط باحتواء سوريا وإيران، وعدم تقديم تنازلات للعرب في أي عملية سلام حيث يجب أن تتم مقايضة السلام بالسلام وليس بالأرض"لافتة الانتباه إلى علاقات التحالف المتزايد بين اليمين المسيحي الأمريكي وحزب الليكود الإسرائيلي،وزيادة تأثير اليمين المسيحي على البيت الأبيض.
والإدارة الأمريكية الحالية لم تخرج البتة عن الاستراتيجية الأمريكية المرسومة والثابتة،لكن الإخراج الجديد لها تركز في كلام معسول وتراجعات مستمرة , فطلب وقف التوسع الاستيطاني تَراجع إلى تجميد مؤقت لمدة عشرة أشهر ولا يشمل التجميد ما بُدء بإنشائه ولا مدينة القدس ، وعن التجميد قال معلق " إسرائيلي" :"إنها حبة أسبرين لمريض السرطان" وأخيرا وبعد جولات عديدة وتراجعات عدة للمبعوث الأمريكي"جورج ميتشل" الذي حمل معه في زيارته الأخيرة مقترحات خمس لاستئناف المفاوضات:
1-أن توقف إسرائيل اقتحاماتها إلى مناطق(آ)الخاضعة للسيطرة الأمنية الفلسطينية " وفي رأينا أن الخضوع المعني نظري " .
2-أن يتم تحويل أجزاء من مناطق(ب)إلى مناطق(آ).
3-أن يُسمح للسلطة الفلسطينية وأمنها بالدخول إلى مناطق(ج)وأن يتم الإفراج عن دفعات من الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية،والمناطق المُسماة(ب)تقع تحت السيطرة المدنية الفلسطينية والأمنية الإسرائيلية،أما المناطق(ج)فتخضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة وجميعها في الأراضي المحتلة بعد عام 1967
4- تحويل عائدات الضرائب الفلسطينية التي تجبيها إسرائيل إلى السلطة الفلسطينية شهرياً وبشكل دائم،
5- أن تسهل إسرائيل إدخال المواد الغذائية،ومواد البناء إلى قطاع غزة.
المصدر:مجلة نضال الشعب الفلسطينية
وعودة الى حديث كبير المفاوضين في كتابه (الحياة مفاوضات) عن المثل الشعبي"من يقف خلف شجرتنا"ناسياً أن الأشجار لها قدسية خاصة يحميها صاحبها أولا ًمن أن تقتلعها الأيدي الآثمة،وبالتالي يأتي تبنيه ودعمه ممن خلفها.....وسؤال يُطرح:هل إسرائيل ترمي كامل عبئها على الحليف الأمريكي،أم تؤدي ما عليها لحماية شجرتها ومصالحها؟!.....والحديث عن الشجرة يثير الشجون لدى رئيس السلطة الفلسطينية لأنه فوقها معلق ، ففي اجتماع"شمعون بيريز"مع وزير خارجية النرويج يروي له - أن أبا مازن - صديقه- قال له:"إن الأمريكيين قد جعلوه يصعد إلى شجرة عالية،ثم أخذوا السلم وتركوه معلقاً".
الأول يبحث عن داعم خلف الشجرة وقد نسّي أن المقاومة والأمة العربية بكاملها خلف الحق العربي، لكن الثاني صعد إلى أعاليها وعَلق.
إنما الشاعرة العربية زمن الجاهلية "زرقاء اليمامة" واسمها مأخوذ من زرقة عينيها،وكان يُعتقد أنها تبصر الشيء من مسيرة ثلاثة أيام تقول وقد نبّهت قومها إلى اعتداء سيقع عليهم،فالغزاة يتخفون خلف أشجار اقتلعوها:
إني أرى شجراً من خلفها بشر وكيف تجتمع الأشجار والبشر
ثوروا بأجمعكم في وجه أولهم فإن ذلك منكم فاعلموا ظفرُ
ضموا طوائفكم من قبل داهية من الأمور التي تُخشى وتُنتظرُ
ما أروع هذه النبوءة والحلول لها،أليس فيها عِبر لمن يريد جنيّ قطاف نضاله ودفاعه عن كرامة الأهل وعزتهم.
وبينما يدور أركان السلطة في الدوامات التي وضعتهم فيها " إسرائيل " ،وساهموا في الدخول إليها فدوخهم يتزايد باستمرار....والدوخ في اللغة تعبير عن الذل والخضوع، تستمر هي في مواقفها بدعم أمريكي مطلق مقدمَة الفتات للذين يفاوضونها .
ورغم كل ما جرى من دجل ورياء فما زالت الابتكارات والشعارات للمفاوضات مستمرة!!..... إذ قدمت لمؤتمر "هرتسيليا" وهو مؤتمر يعقده بعض أقطاب السياسة سنوياً وبشكل دوري ورقة تضمنت تقليعة جديدة بعنوان-تبادل الأراضي كوسيلة لحلّ النزاعات الإقليمية بين إسرائيل وجاراتها-منطلقة من أن الحدود في الحيّز المحيط بإسرائيل رُسمت في الأصل من قِبل قوى خارجية وهي قابلة للتعديل،والتغيير،والاتفاق،والهدف الأول منها تقليص أعداد غير اليهود راسمة حدوداً جديدة لجميع الأقطار العربية المحيطة بما فيها مصر عن طريق التبادل تحت شعار ضمان الأمن الإسرائيلي.
وكالعادة فالنظرة الخبيثة ظهرت جليّة إذ جاء فيها"إن مثل هذه التسوية الإقليمية الشاملة المُستندة إلى تبادل أراضٍ في إطار متعدد الأطراف يوفر هامشاً أكبر للمناورة بما يتيح تجاوز العقبات التي لا يمكن تذليلها في ظل قلة عدد اللاعبين"وتتصدر الورقة رسوم ومقترحات جديدة للحدود السورية،واللبنانية،والمصرية والأردنية ، والأراضي المحتلة.
أمام هذا التيه الكبير تتبدى ثوابت في الواقع العربي:
1-الشعب العربي برمته يعتبر القضية الفلسطينية قضيته الأولى، وعودة الأراضي المحتلة الرمز الأول لكرامته، واستمراراً لأصالة تاريخه.
2-النضال والمقاومة بكل صنوفهما الأساس،ولابد من العودة إلى الطريق الكفاحي بمختلف فروعه الجهادية،والاقتصادية،والثقافية.
3-حشد الدعم الإسلامي المؤيد لهذا النضال،وتباشيره ظهرت في الموقف التركي.
4-حشد الرأي العالمي لأهميته أيضاً،وكان من إشراقاته قوافل"شريان الحياة"لقطاع غزة.
5-الضغط الشعبي وخاصة على النظام المصري للبدء بفك الحصار عن غزة ونحن على أبواب مؤتمر قمة جديدة، وإعادة القضية الفلسطينية الى أول سلم الاهتمامات وبذلك تنفتح آفاق واسعة لتلاحم شعبي مع أجهزة السلطات الرسمية، وإن كان ذلك كله بمثابة حلم .
وعن التقييم ورؤى المستقبل، فلقد وَضع فريق فلسطيني من مجموعة شخصيات من حماس وفتح،وأكاديميين،ورجال أعمال اقتراحات بوقف وإنهاء الخيار التفاوضي،وإعادة تشكيل السلطة الفلسطينية بحيث لا تخدم مصالح إسرائيل معتبرين أن السلطة الفلسطينية قد تصبح سلطة مقاومة،واعتماد المقاومة الذكية وتقديمها على المفاوضات كوسيلة أساسية للفلسطينيين مع إعادة تأكيد الوحدة الوطنية من خلال منظمة التحرير،والتحول عن مسألة حلّ الدولتين إلى حلّ الدولة الواحدة كخيار استراتيجي مفضل لدى الفلسطينيين مما سيشكل تحدياً لوجود"دولة إسرائيل"بشكلها الحالي، والحركة العالمية لمناهضة العولمة والهيمنة الأمريكية والصهيونية انطلقت للعمل تحت شعار إغاثة بلا حدود لغزة ضمير العالم،وكان قد عُقد قبلها مؤتمر في بيروت لدعم المقاومة حضرته شخصيات فكرية عديدة.
هي نتائج التقييم للإدراك الجليّ والواضح للحلول لقضية طال عمرها،وكلمة أخيرة فمن يعقد أملا ًعلى أمريكا وحلولها فهو في أضغاث أحلام،فكل ما مرّ يثبت ذلك،والظروف الإقليمية تشدُ من وشائج تحالفها مع العدو في ظل ما سمي بالأزمة الإيرانية التي غدت شبه أزمة عالمية وتناغمهما المشترك لإيجاد الحلول وحتى ضرب مفاعلاتها النووية , وهذا التصرف سيدخل المنطقة برمتها في أتون حروب النصر فيها للمؤمنين بالله والوطن .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.