أكد صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أن عودة المغرب للاتحاد الإفريقي، ليست قرارا تكتيكيا، وإنما هو قرار منطقي جاء بعد تفكير عميق. وقال جلالة الملك في الخطاب السامي الذي وجهه جلالته من العاصمة السنغالية دكار بمناسبة الذكرى الحادية والاربعين للمسيرة الخضراء، "إن عودة المغرب للاتحاد الإفريقي، ليست قرارا تكتيكيا، ولم تكن لحسابات ظرفية. وإنما هو قرار منطقي، جاء بعد تفكير عميق." وشدد الخطاب الملكي على أنه "عندما نخبر بعودتنا، فنحن لا نطلب الإذن من أحد، لنيل حقنا المشروع"، موضحا أن "المغرب راجع إلى مكانه الطبيعي، كيفما كان الحال، ويتوفر على الأغلبية الساحقة لشغل مقعده داخل الأسرة المؤسسية الإفريقية." وأبرز أن المغرب، الذي لا يتدخل في السياسة الداخلية للدول، ولا ينهج سياسة التفرقة، يأمل أن تتعامل كل الأطراف مع هذا القرار، بكل حكمة ومسؤولية، لتغليب وحدة إفريقيا، ومصلحة شعوبها. وأكد الخطاب الملكي على أن هذا القرار يعد تتويجا لسياسة المغرب الإفريقية، وللعمل الميداني التضامني، الذي يقوم به مع العديد من دول القارة على مستوى النهوض بالتنمية الاقتصادية والبشرية، في سبيل خدمة المواطن الإفريقي. وشدد جلالة الملك أن "عودة المغرب إلى أسرته المؤسسية القارية، لن تغير شيئا من مواقفنا الثابتة، بخصوص مغربية الصحراء". وأشار إلى أن هذه العودة ستمكن المملكة من الدفاع عن حقوقها المشروعة، وتصحيح المغالطات، التي يروج لها خصوم وحدتها الترابية، خاصة داخل المنظمة الإفريقية، مضيفا أن المغرب سيعمل على منع مناوراتهم، لإقحامها في قرارات تتنافى مع الأسس، التي تعتمدها الأممالمتحدة، لحل هذا النزاع الإقليمي المفتعل، وتتناقض مع مواقف أغلبية دول القارة. وقال جلالة الملك "لقد أثبتت سياستنا في إفريقيا، والحمد لله، نجاحها، وبدأت تعطي ثمارها، سواء على مستوى المواقف السياسية بشأن قضية وحدتنا الترابية، أو من خلال تعزيز الحضور الاقتصادي للمغرب، وتطوير علاقاته مع مختلف دول القارة." وذكر جلالة الملك بأن المغرب اليوم يعد قوة إقليمية وازنة، ويحظى بالتقدير والمصداقية، ليس فقط لدى قادة الدول الإفريقية، وإنما أيضا عند شعوبها، معربا عن تطلع جلالته أن تكون السياسة المستقبلية للحكومة، شاملة ومتكاملة تجاه إفريقيا، وأن تنظر إليها كمجموعة. وأشار الخطاب الملكي إلى أنه بالإضافة إلى التعاون الثنائي ومع المجموعات الإقليمية، سيتيح هذا الرجوع للمملكة، الانخراط في استراتيجيات التنمية القطاعية بإفريقيا، والمساهمة الفاعلة فيها، وإغنائها بالتجربة التي راكمها المغرب في العديد من المجالات. أما على مستوى القضايا والإشكالات الكبرى، يضيف الخطاب الملكي، فإن عودة المغرب إلى أسرته المؤسسية، ستمكنه من إسماع صوت القارة، في المحافل الدولية، وستتيح له مواصلة وتعزيز انخراطه، من أجل إيجاد حلول موضوعية لها تراعي مصالح الشعوب الإفريقية وخصوصياتها. وفي هذا الصدد، أعرب جلالة الملك عن حرصه على مواصلة المساهمة في توطيد الأمن والاستقرار بمختلف المناطق، التي تعرف التوتر والحروب، والعمل على حل الخلافات بالطرق السلمية. وأضاف أن هذه العودة، ستمكن المغرب من تقوية انخراطه في الجهود القارية لمحاربة التطرف والإرهاب، الذي يرهن مستقبل إفريقيا، مؤكدا التزام المملكة بتقاسم "تجربتها المتميزة، المشهود بها عالميا، مع إخواننا الأفارقة سواء في مجال التعاون الأمني أو على مستوى محاربة التطرف." وبخصوص تحدي التغيرات المناخية، قال جلالة الملك "وعيا منا بأن إفريقيا من بين المناطق الأكثر تضررا من التغيرات المناخية، فقد حرصنا على جعل مؤتمر المناخ، الذي ستنطلق أشغاله بمراكش هذا الأسبوع، مؤتمرا من أجل إفريقيا". وفي هذا الصدد، أفاد الخطاب بأن جلالة الملك دعا لعقد قمة إفريقية، على هامش هذا المؤتمر، بهدف بلورة رؤية موحدة، للدفاع عن مطالب القارة، وخاصة في ما يتعلق بالتمويل ونقل التكنولوجيا. وفي ما يتعلق بإشكالية الهجرة، أكد جلالة الملك أن المغرب سيواصل جهوده، من أجل معالجة الأسباب الحقيقية لهذه الظاهرة، وربطها بالتنمية واعتماد مقاربة إنسانية وتضامنية، تحفظ حقوق المهاجرين، وتصون كرامتهم. الحدود